بقلم موفق مباركة – كندا 2008-04-09
لقد أمضينا - نحن من أصحاب الكفاءات - اكثر من نصف أعمارنا في بلاد الغربة والأمل يرفدنا بالرغبة الشديدة للعودة وخدمة وطننا الأمّ. نريد أن نرى ذلك اليوم السعيد ونعود الى الوطن الحبيب لنقول شكرا لأهلنا الصابرين ولدجلة والفرات ونكحل أعيننا بمناظر الجبال والبادية والأهوار والنخيل ونسجد لله شاكرين.
راقبنا وطننا يتحوّل من دكتاتورية رقيقة في عهد عبد الرحمن عارف في ستينات القرن الماضي إلى دكتاتورية الدّم التي تيقّنتُ بوصولها عندما أخبرني صديق عراقي كان يدرس معي في ألمانيا في حوالي 1970 بنهاية ناظم كزار الدموية وسألته متعجّبا: "لماذا يجب أن يكون العراق دمويّاً؟"
بعد تلك الحقبة ازدادت الدكتاتورية بشاعة حتى تحوّلت إلى احتلال فعلي لعائلة "القائد الضرورة" لكافّة مرافق البلد بأذرع فروع الحزب التي انتشرت كمؤسسة على طراز المافيا لسلب حرية الشعب وإرهابه على مدار الساعة وسرقة خيراته واستباحة دم أبناءه وبناته تماما كما يفعل أي جيش محتلّ بربري.
وجاءت ساعة الفرج المحتومة والمكتوبة بآثار دبابات وقعقعة أسلحة الجيوش الأجنبية بعدما عجزت الأمة العربية عن مساعدة الشعب العراقي المظلوم بالأضافة إلى تخاذل الأمة الأسلامية بمئات ملايينها من البشر التي خُدعت جماهيرها بدعايات النظام الصدّامي فكانت تحسب تخليص شعب العراق شأنا داخليا يخصّ "عبد الله المؤمن" صدّام وحده .
ثمّ جاء طوفان عاشقي الحور العين المغرّر بهم والذين اكتشفوا توّا أنّ أقصر طريق للجنّة (حسب زعمهم) وتحرير القدس يجب أن يمرّ على أرواح العراقيين فكان المحتلّ الجديد يرمي بحمم نيرانه وأجساد غلمانه المغرّر بهم الملغومة في صفوف الطلبة والكسبة والأطفال وكافة أبناء الشعب العراقي المسكين الذي لاحول له ولاقوّة ولاذنب له سوى شمّ عبير الحرّية بعد تخلصه من تسلط جيوش ال"قائد الضرورة". وأخذ المحتلّ الجديد يتبختر في مسالك "دولة العراق الأسلامية" ويأمر وينهى ويستبيح حرمة النفوس والأعراض والأموال ويدمّر الحرث والنسل بالضبط كما يفعله أي محتلّ همجي.
وجاءت المصيبة الكبرى مع السلاح الذي وقع بأيدي مجاميع لاتعرف منطق التعامل مع الناس إلاّ بكونهم "أعداء" ماداموا من غير ملّتهم وتغطّت بغطاء يحترمه عامّة الناس وعقلائهم ولكن الأمر لم ينطلي على أصحاب النظر الثاقب والذين سعوا منذ الشهور الأولى الى إسداء النصح لل"سيد القائد" ولكن يبدو أنّه محاط بحاشية ذات أجندات معيّنة أو أنّه ذا شخصيّة غير مؤهلة لتحمّل عبأ المركز الذي وجد نفسه فيه.
وهكذا نجد نفسنا اليوم تحت تهديد احتلال جديد لايختلف عمّن سبقه.
نحن نرفض أي احتلال يهين شعبنا الصابر ويشهر السلاح بوجهه وبوجه أولياء أموره المنتَخَبين تحت أي أسم كان.
الجيوش الأجنبية ستخرج عاجلا وليس آجلا إن أردنا ذلك ولن تبقى إلى الأبد ولكن أهل العراق سيبقون في بلدهم ونحن سنكون من ضمنهم بعون الله.
الحالة الصحيحة لوطننا الحبيب هي حالة السلام والعمران والبناء وأمّا العنف فهو حالة طارئة ولايمكنها أن تبقى إلى الأبد.
الجيش القادم سيكون جيش أصحاب الكفاآت والمهندسين والأطباء والصناعيين والزراعيين وكافة أصحاب الفنون والخبرات يساندهم السياسيون الأكفّاء وسوف لن يتمكن أحد من منعنا من خدمة أمّنا الحبيبة بلاد الرافدين لكوننا ضحينا بالكثير ولكون عوائلنا وأهلنا في العراق عانت بما فيه الكفاية.
الناس من أمثالنا وبالتعاون مع المخلصين من القادة الروحانيين وممثّلي الشعب المنتخبين وأبناء وبنات الشعب الصامدين سيهيئوا فرص العمل والتدريب بعون الله تعالى للشباب والشّابات ونضع أجهزة وآلات البناء والزراعة والصناعة والفن والطب وأقلام الأدب بأيديهم بدلا من الكلاشنكوف والقاذفات الغدّارة.
بهذا وبإقامة العدل والقسط والمساواة سيعود العراق إلى عافيته التي يستحقها عن جدارة ومن واجبنا أن نساند ونبارك ونحيّي جميع العاملين المخلصين الذين يسيرون بالوطن الحبيب - وفعلا أنجزوا الكثير - نحو تخليصه من شتّى أنواع الأحتلال والبغي والعدوان ومظاهر العسكرة اللاشرعية.
وكلمة أخيرة: إزرع الخير لتجني البركات.موفق مباركة – كندا –malmbarkeh@yahoo.com
https://telegram.me/buratha