( بقلم : عمران الحسني - ايطاليا )
تفيد أخر المعلومات الواردة من سوريا أن السيد مقتدى الصدر كلف في الأيام الماضية مسئول العلاقات الخارجية في مكتب الصدر الشيخ حسن الزركاني , من اجل ترتيب مقر أقامه للسيد في دمشق قرب مقام السيدة زينب عليها السلام ,حيث انه يفكر جديا بترك مدينة قم المقدسة بعد التداعيات الأخيرة , والتي أهمها تطاوله على قائد الثورة الأسلامية في إيران , في حديثه الأخير للجزيرة دون مراعاة اللياقة والأعراف البروتوكولية , وعدم قبول أي من المراجع المعتبرين من الذين يعيشون في ايران من احتضان التيار وإضفاء الشرعية عليه , يصاحب ذلك تحرك عائلة الشهيد عبد المجيد الخوئي رحمه الله وتقديم دعوى قضائية أخرى في طهران , حيث هناك دعوى سابقة في النجف الاشرف , ونتائج المواجهات العسكرية الأخيرة , والتي مني بها أتباع السيد مقتدى ليس بهزائم عسكرية فقط , وإنما بهزائم سياسية وشعبية , وما قام به أتباع السيد مقتدى من تجاوزات رهيبة , أفقدتهم الكثير من التعاطف الشعبي ,
وهذه التجاوزات جعلت السيد مقتدى هدفا واضح وصريح للقضاء العراقي , وللمتضررين من هذه التجاوزات , لا سيما وان السيد مقتدى هو الوحيد الذي اعترف صراحة بمسؤوليته عن تشكيل وقيادة تنظيم مسلح , وذلك بسبب قلة الخبرة السياسية واندفاعات الشباب , وهذا ما لم تفعله جميع القوى السياسية و الأحزاب , بما فيها المجاميع الإرهابية العديدة , والتي ارتكبت أفضع الجرائم , وهي مرتبطة بإطراف معروفة داخل العملية السياسية وخارجها, باستثناء تنظيم القاعدة الإرهابي وتشكيلاته , كل هذه العوامل جعلت الموقف التفاوضي للسيد ضعيف وصعب , ولا يستطيع إملاء اي شروط وبالتالي تفكيره الجدي بالانتقال,بل حتى الصفقة الموغابيه (نسبة الى الصفقة التي عرضها الرئيس الزيمبابوي روبرت موغابي بعد خسارة حزبه الانتخابات النيابية الاخيره على زعيم المعارضة مورجان تسفاتجيراي والقاضية بتنازل موغابي عن السلطة مقابل إسقاط التهم الموجه أليه ) والتي استنسخها واقترحها بعض قادة التيار خاصة من المتورطين ببعض العمليات المسلحة وحوادث الاغتيال , وهي حل جيش المهدي مقابل إسقاط كل التهم ضدهم , قد قوبلت بالرفض لأنها تأتي بعد فوات الأوان وكذلك ادخال أطراف ليس لأحد عليها سلطه مثل القضاء فهو مستقل وكذلك عائلة الأمام الخوئي (رض ) ,
حيث أكدت عائلة الأمام الخوئي ( رض ) من أنها غير معنية بأي تسويه أو صفقة سياسية , حسب احد المقربين للعائلة الكريمة والتي أكدت إصرارها وعزمها بالاستمرار بالدعوى القضائية ضد السيد مقتدى وأتباعه المتورطين بالحادث , مع الأخذ بعين الاعتبار ما بحوزة الجهات القضائية من أدله مهمة ودامغة ضد المتورطين , أهمها أفلام ووثائق حصلت عليها القوات الامريكيه من احد قادة التيار , والذي كان لاجئ في كندا , في صفقة فندق الشيراتون الشهيرة , وبداية هذه المساومة إعلان السيد مقتدى رغبته مساعدة الحكومة بتنقية القوات الامنيه من العناصر المجرمة التي اندست فيها , وهذه المبادرة قوبلت ببرود من الحكومة , لان الحكومة شرعت منذ مده طويلة بتطهير الاجهزه الامنيه , وأنها أي الحكومة لديها معلومات عن هؤلاء , حصلت على بعضها من اعترافات الذين القي القبض عليهم في العديد من المحافظات , وكذلك بعضهم فضح نفسه خلال المواجهات الاخيره , والمعلومات التي قدمها الأهالي , والمسرحية البائسة التي قام بها نفر من جيش المهدي من المنتسبين للقوات الامنيه وتسليم أسلحتهم الى احد مسؤلي المكاتب في بغداد , ومحاولة استثمارها إعلاميا , مع تطبيل من بعض أعضاء الكتلة الصدرية في البرلمان , دللت بشكل كبير على نقص الخبرة السياسية والتخبط لدى هؤلاء , وكبدتهم هذه المسرحية خسائر سياسية اضافيه ما كانت تقع لولا هذا التصرف الأهوج , ومع الأسف مازال السيد بهاء الاعرجي مصرا على شكر هؤلاء في كل لقاء تلفزيوني , كل هذا جعل الحكومة أن لا تعير هذه المبادرة أي أهميه , وتلتزم الصمت إزاءها , ومحاولتها استثمار الإجماع الوطني الذي دعم موقفها الأخير, خاصة بعد الذي سمعه السيد رئيس الوزراء من أهالي البصرة ,
ويتخوف البعض من انتقال السيد مقتدى وأقامته في دمشق معقل الارهابين والبعثيين , وارتمائه في أحضانهم وأحضان المخابرات السورية , مع وجود مجموعه هزيلة يدعون أنهم مراجع يتواجدون في دمشق , واحد هؤلاء لديه مكتب في بناية القيادة القومية لحزب البعث في سوريا ,وهذا ما يريده السيد مقتدى , نتيجة لذلك يرى بعض المراقبين أن هذا الانتقال يجعله خارج التغطية وبعيد عن نطاق السيطرة , يستطيع من خلالها أثارة متاعب عديدة , وآخرون يرون العكس من ذلك , ويعتبرون أن السيد مقتدى الصدر أصبح ورقه محروقة , وفقد سيطرته على أتباعه , إضافة إلى إعلان الاداره الامريكيه أن جيش المهدي لم يصبح عدو , وان التيار مخترق أصلا من البعثين والمخابرات ألصداميه وغيرها , وان المواجهات المسلحة الأخيرة أثبتت التقدم الحاصل في بناء القوات الأمنية , وهشاشة المجاميع المسلحة الخارجة على القانون وإنها عبارة عن نمور من ورق , وانقلاب الحواضن الاجتماعية على هذه الجماعات , والموقف السياسي والشعبي والعشائري الواضح ضد هذه الجماعات , وبالتالي فلا حاجة لعقد صفقة مع السيد مقتدى , وان ذهابه إلى دمشق ألا إيثارا للسلامة , بالمقابل تنبه الانتهازيون والبعثيون والمجرمون من المندسين داخل التيار إلى خطورة وضعهم فأعلنوا التمرد وعدم انصياعهم لأوامر السيد مقتدى,فحدثت نتيجة لكل هذه التداعيات انشقاقات داخل التيار وصلت إلى مستوى القيادات ,وحمل بعضهم الكتلة الصدرية في البرلمان كل هذه التداعيات من خلال نظرة برغماتية ضيقة وعليهم تحمل النتائج , وهذا سبب انزواء الشيخ صلاح العبيدي الناطق الرسمي باسم التيار وعدم الإدلاء بأي تصريح خلال المواجهات الاخيرة ,
هذا الانشقاق انسحب على الكتلة البرلمانية نفسها , فقد تزعم الدكتور صالح العكيلي مجموعة معارضة داخل الكتلة الصدرية ضد ما اسمها دكتاتورية رئيس الكتلة النائب نصار الربيعي ومجموعتة والتي يساندها من خارج الكتلة السيد حازم الاعرجي , الذي انحاز إلى جبهة شقيقة , ويرى العكيلي وجماعته انه من الخطأ زج جيش المهدي والتيار الصدري في المعركة الاخيرة , لا سيما وان الحكومة أعلنت أن هذه العمليات تستهدف الخارجين على القانون , والدخول في المواجهة يعني اعترافا بتبني هؤلاء , ويكلف التيار الكثير من سمعته , خاصة بعد الاعترافات الخطيرة التي ظهرت بعد أحداث الزيارة الشعبانية الأخيرة وتفجيرات المخيم وغيرها من الجرائم الخطيرة والتي تورط بها جيش المهدي , وكذلك الذهاب بعيدا والمطالبة بسحب الثقة من رئيس الوزراء , دون الرجوع للكتلة , هذا الطلب كشف ظهر التيار داخل مجلس النواب , وتبين أنهم انهم معزولين ولا يمتلكون مسانده من احد , وفشلهم هذا دفعهم إلى محاولات التقرب الى كتلة صالح المطلك وعلاوي , رغم الذي بينهم , وهذا يعتبر قمة التنازل ويسقط أخر ورقة توت ,
وهذه التخبطات فسحت المجال أمام حزب الفضيلة للتمدد على حسابهم والاستفادة من الظروف لصالحه , فالتزموا الصمت حيال الأحداث الاخيره , وقام النائب نديم الجابري من كتلة الفضيلة بتحركات سريعة لمنع أي تقارب بين الكتلة الصدرية وحلفائه المطلك وعلاوي , حتى لا يهمش الدور الذي اسند أليه في اتفاق الدوحة المشبوه , حيث يملك الصدر يون ضعف المقاعد البرلمانية التي يملكها الفضيلة , مع قاعدة جماهيرية أوسع , وهذا سبب وجيه لتهميش دور الجابري ,وترى المجموعة المعارضة انه كان بالإمكان تجنب كل هذه الخسائر لو كانت هناك رغبة حقيقية لتطهير التيار من العناصر الفاسدة المندسة فيه , وتجنب المواجهات المسلحة والمهاترات الإعلامية , ويرون أيضا أن العمليات العسكرية كانت يمكن أن تساعد التيار في التخلص من العناصر الاجراميه المتنفذه داخل التيار , والتي عجزوا عن التخلص من سطوتها بسبب ما تمتلكه هذه الجماعات من قوه مسلحه وأموال جنوها بطرق غير مشروعه , رغم الشكاوى العديدة التي كانت تقدم ضدهم من أبناء التيار أنفسهم , وخصوصا جناح النائب نصار الربيعي والذي كان دائم التشكي من هذه المجاميع و التذمر منها ,
وعلى سبيل المثال محاصرة هذه الجماعات المتنفذه لوزير النقل المستقيل السيد كريم مهدي صالح ( استقال قبل انسحاب الكتلة الصدرية من الحكومة ) في مكتبة بالوزارة وقطع الماء والكهرباء عنه , وذلك بعد عجزه عن تلبية مطالبهم التي لا تنتهي ورغم تدخل الكتلة في حينها ورئيسها لحل الأشكال ألا أن المتنفذين كانوا مصرين على إقالته أو خطفه وقتلة وقصف الوزارة بالصواريخ , فاجبر الرجل على الاستقالة ولم تشفع له صلواته الأربعين التي صلاها خلف الشهيد الصدر الثاني ( قدس ) أيام الجمع , وهي سبب ترشيحه للمنصب , وعاد إلى النجف الاشرف بخفي حنين , ومع هذا فقد تبدل موقف رئيس الكتلة من هذه الجماعات , ووقف مدافعا عنها وهذا ما أثار شكوك الأعضاء الآخرين في الكتلة , وفسر على انه صفقه عقدت بين الجانبين , تتيح لرئيس الكتلة السيطرة على هذه الجماعات وتنفيذ أهدافه, ومنها السيطرة على التيار بالقوة , وتنصيب نفسه قائد أوحد ( أي على طريقة بيان رقم واحد ) , وكذلك إرعاب زملائه الآخرين في حال تمردهم وإرضاء نزعته التسلطية ,
أما تبرير رئيس الكتلة وجناحه لمساندتهم لهذه الجماعات , هو فشل السيناريو الذي رسمه كل من الشيخ صلاح ألعبيدي والشيخ عبد الهادي المحمداوي , والذي يقضي باعتزال السيد مقتدى للدراسة , وخلال هذه الفترة يمكن أقناع احد المراجع في إيران لتبني التيار , ولكن بشروطهم وليس بشروطه , وهي خطوه تكتيكية لحين إعلان السيد مقتدى نفسه كمرجع ديني , ووقتها لا يحتاجون لأحد , ووضعوا فتره زمنيه لانجاز هذا السيناريو على أن لا يتعدى الشهر العاشر من هذا العام , وفعلا هيئوا الرسالة العملية وكانوا على وشك البدء بطباعتها وتوزيعها , ومهدوا لذلك وأشاعوا في أكثر من مناسبة أن السيد لديه أوليات كبيره في الفقه وكان يجيب على أسئلة المؤمنين من أتباع التيار وفتاويهم , وهذا ما جعل السيد الحائري والشيخ الاصفي يتنبهون إلى خطورة هذه الخطوة , فطلبوا من السيد مقتدى التريث والصبر لان درب الدراسة الحوزويه طويل وشاق وليس كل من درس أصبح مرجع ,
ويرى أصحاب هذا السيناريو أن سبب فشله هو رفض المراجع تبني التيار أو أجازة السيد مقتدى للإفتاء ,وان الزج بالتيار في المواجهه الاخيرة من قبل تيار الربيعي والاعرجي , هو مؤامرة ضد التيار وضد السيد مقتدى وذلك من خلال تجريده من كل مقومات القوه , وتركه وحيدا يتحمل النتائج , ومنها القضائية طبعا , وجعله كبش فداء ,والخلاص منه يجعل الطريق سالك أمامهم لعقد صفقات سياسيه والعودة للحكومة , وتكون الثمار حصرا على مجموعة الثلاثين , وهذا ما ترفضه مجموعة الشيخ العبيدي وتراه تهميش لدورهم وجعلهم يواجهون القضاء بدون حصانه كالتي يتمتع بها زملاءهم أعضاء البرلمان , وما زالت ذكرى الدراجي والخزعلي ماثلة أمامهم , واتهموهم بجرهم إلى مواجهه غير مستعدين لها مع هروب جميع القيادات خارج العراق , وترك المجاميع المنشقة تسيطر على ماتبقى من جيش المهدي , وحملوهم المسؤوليه كاملة على كل ما جرى , وان تخبطهم السياسي وعزلتهم الاخيرة في البرلمان دليل على إفلاسهم , وإنهم لا يستطيعون اتخاذ القرارات بمفردهم , وانه لا بد من عودة الابن الضال الى أحضان مسؤلي المكتب , وهذا ما فعله السيد حازم الاعرجي خلال ذهابه إلى مدينة النجف الاشرف ومحاولته أعادة المياه إلى مجاريها , خاصة بعد فشل كل السيناريوهات والخسائر التي مني بها التيار الصدري , ولكن جهوده لحد ألان لم تثمر , بسبب اتهامه بمساندة مجموعة على حساب أخرى , وكذلك وصف تعامله مع المكتب الرئيسي في النجف والمجلس السياسي بالتعامل الانتهازي , و محاولته أقامة أماره مستقلة خاصة به في مدينة الكاظمية المقدسة , والتي تركها في قمة المواجهات المسلحة وذهب للنجف الاشرف ,
وبعد الذي جرى يرى مجموعة من المراقبين انه لم يعد أمام التيار الصدري فسحه كبيره للمناورة , وان خياراتهم محدده , وتتلخص بالاختيار بين أمرين لا ثالث لهما , وهما أما حل جيش المهدي وتحويله إلى منظمه سياسية أو إنسانيه ,والاتجاه نحو العمل السياسي والبرلماني , أو الانسحاب من العملية السياسية والاكتفاء بالعمل المسلح , ويرى الجميع أن الخيار الأول هو الأكثر واقعية والذي بداء أن اغلب قادة التيار يتناغمون معه , انسجاما مع معطيات المرحلة وإفرازاتها , وليس أمامهم إلا التحرك بسرعة نحو عملية الحل والدمج , ووضع ضوابط تنظيمية للتيار تجنبه الاختراق الذي نخره ووصل لقيادته , وأيا كانت وجهة السيد مقتدى دمشق أو قم المقدسة , فانه لم يبقى أمامه ألا اتخاذ خطوة جريئة وإصدار قرار حل الجيش , من اجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه , والاعتراف بالمشاكل الداخلية التي يعاني منها التيار , وتقديم المجرمين وقتلة السيد الخوئي للعدالة , والتقارب مع القوى الوطنية الفاعلة على الساحة السياسية وتنسيق المواقف معها , وعدم الوقوع بالوهم واعتبار مساندة جبهة التوافق في كل مواقفها هو مسانده لأهل السنة , لان هذا غير صحيح وهم لا يمثلون شريحة كبيرة من أبناء السنة واعترافكم هذا سماحة السيد وتصريحات كتلتك بأنها ستفاتح علاوي من اجل إسقاط الحكومة بحاجه إلى مراجعة , والى مواقف عمليه وجريئة لتثبت فعلا انكم ضد البعث والصدامين .
https://telegram.me/buratha