سعد الزبيدي* ||
إلى أرواح شهداء واقعة ابن الخطيب وشهداء العراق جميعا الرحمة والمغفرة والخزي والعار لكل مقصر تهاون في أداء واجبه ولم ينضح عرقا واستغل منصبه من أجل الجاه والمال والسلطة.
فاجعة بعد أخرى تحصد أرواح الأبرياء في بلد المقدسات والأنبياء وكأن الكوارث أدمنت أن لا تقع إلا على هذه الأرض لتفجعنا مرة تلو مرة لتكشف عورة الحكومات الفاشلة التي انتجتها المحاصصة ورفعت لواء الفساد واتكأت على أحلام المساكين ورفعت شعارات فضاصة عنوانها الإصلاح ومحاربة الفساد.
أن يتكلم حزب أو تيار أو جهة سياسية بمنطق أن هذه الوزارة من حصتي فهذا يعني أننا نعيش زمن اللادولة فعندما تتحول الوزارة إلى ملك صرف للجهة الفلانية يتحكم فيها كيفما يشاء فهذا أكبر دليل على ما وصلنا إليه من فوضي في ظل الديموقراطية الخداعة التي استغتلتها أحزاب السلطة لجني المليارات من المال السحت الحرام.
في بلد سرقت فيه الأموال المخصصة للمدارس والمستشفيات ومحطات الكهرباء والبنى التحتية حيث يتم تسليم الحقائب الوزارية من وزير لوزير وعندما يفتش الوزير الجديد عن مستشفيات لم يرها ولم يسمع بها من قبل قد تم انجازها يكتشف انها مستشفيات نفذت حبرا على ورق وأن أموالها وأموال أجهزتها وطواقمها الطبية تذهب لأرصدة تيجان الرؤوس الذين مازالوا مقتنعين أن لعبهم دور الزهد والايمان والتقوى ينطلي على أي ساذج في هذا الشعب المظلوم.
لم تكن فاجعة مستشفى ابن الخطيب الأولى ولن تكون الأخيرة لأن الدم العراقي رخيص جدا بنظر ولاة الأمور ولذلك سجل الشهداء في العراق تعدى الملايين منذ الثمانينات إلى يومنا هذا ولذلك كلما سقط عدد من الشهداء حزنا لأجلهم وتأثرنا ثم يسقط آخرون فيمر استشهاد الجميع مرور الكرام ولجنة بعد لجنة من دون أن نصل إلى الجاني أو المسبب أو نجد حكما يليق بحجم الفاجعة والجريمة.
فواجعنا كبيرة ولا تحصى ففاجعة جسر الإئمة وفاجعة سبايكر والكرادة والتفجيرات المهولة التي حصدت أرواح الأبرياء والسيارات المفخخة والأحزمة العبوات الناسفة والكواتم والخطف والتغييب القسري وموت الخدج في المستشفيات واستشهاد مرضى كورونا في ابن الخطيب.
سيطل علينا المتحدث بسم وزارة الصحة كي يعزي العوائل المنكوبة يترحم على الشهداء الذين فروا من الوباء طلبا للنجاة فالتهمتهم نيران صديقة كي تحيلهم إلى رماد وسيدعو للمصابين بالشفاء من الحروق ومن كرونا.
بينما سيكون خطاب المتحدث بسم رئيس الوزراء وهو يتوعد المقصرين بأقصى العقوبات وسيذرون الرماد في العيون بتعويض ذوي الضحايا كي تطوى صفحة أخرى من صفحات الخزي والعار ولكن في كل الدول التي يحكمها أناس لديهم ذرة من الشرف والإنسانية وتقع مثل تلك الفواجع تبادر الحكومات إلى الاستقالة حفظا لماء وجهها واعترافا بفشلها إلا في العراق فهذه الأحداث تزيد المسؤولين تمسكا بالكرسي والبحث عن شماعات لتعليق أخطاءهم ومبررات فشلهم فالذنب ذنب الشعب لماذا خلقه الله في العراق.
فهل استقالت حكومة يوم فر المساجين من سجن أبي غريب وغيره من السجون أو عندما سقطت أربع محافظات بيد الدواعش أو عندما ذبح أكثر من ألفين شاب في مجزرة سبايكر ومن قلبها فاجعة جسر الائمة أو ذبحت مدن العراق من الشمال إلي الجنوب؟!!!
الجواب كلا فلا تنتظروا من مسؤول رشحته جهة همها امتلاك الوزارة والاستحواذ على مقدراتها والسيطرة على التعيينات والعقود وإن اتفق الجميع أن يستبعدوا مسؤولا فهم حتما سيأتون بشبيه له تم اختياره حتي يكون بيدق شطرنج تحركه اليد التي أوصلته للمنصب وهو مجرد من حق الأعتراض والرفض.
الوزات في العراق هي ليست مؤسسات عامة بل هي تابعة ومملوكة لهذا الحزب أو ذاك ومع اقتراب الانتخابات ستستغل تلك الاخفاقات ويكون همها التسقيط السياسي وليس البحث عن حلول فاجعة لفشل إدارة الدولة.
بالرغم من كل الاخفاقات والفشل المتواصل فلن تستقيل حكومة ولا وزير ولن يجدي نفعا أن يخرج المتضررون فقط من تلك الحادثة بل الحل أن يخرج الشعب كل الشعب في عصيان مدني يزلزل الأرض تحت أقدام منظومة سياسية فاشلة عاثت في الأرض فسادا.
أو سيستمر مسلسل الفشل وخطف الأرواح بعد أن تقيد الجريمة كسابقاتها ضد مجهول.
*الكاتب المحلل السياسي.
https://telegram.me/buratha