بقلم : سامي جواد كاظم
مما اثار اعجابي وعشقي لاهل بيت النبوة امر غاية في الاهمية وهو ان اجوبة أي امام معصوم (ع) على المسائل التي ترفع اليهم لم تكن متشابهة بالرغم من تشابه السؤال وهذا الامر يكون منهم لغاية رائعة هو اظهار الابعاد التشريعية التي يمكن للمجتهد ان يستدل بها على استنباط الحكم الشرعي وكذلك اظهار ما انعم الله عز و جل عليهم من علوم تلقوها من سيد الكون محمد (ص) .
هنا ثلاث روايات مختلفة مع العلم ان سؤال السائلين واحد ولكن اجابات الامام الحسين (ع) مختلفة وفي كل جواب نجد فيه ابعاد خلقية وتشريعية تختلف احداهما عن الاخرى، وهذه الروايات هي :
الرواية الاولىجاء رجل من الانصار يسأل الامام الحسين (ع) حاجة فقال (ع) :يا اخا الانصار صن وجهك عن بذلة المسالة وارفع حاجتك في رقعة فاني آت بها ما سارك ان شاء الله فرفع حاجته في قرطاس ومنحه الامام (ع) اكثر من حاجته
الرواية الثانيةمن شروط المسألة اتى رجل الى الحسين (ع) فساله فقال (ع) ان المسالة لا تصلح الا في غرم فادح او فقر مدقع او حمالة مفظعة ( دية غير مقدور على سدادها ) فقال الرجل ما جئت الا في احدهن فامر له بمائة دينار
الرواية الثالثةإن اعرابيا جاء الحسين (ع) وقال : يا بن رسول الله قد ضمنت دية كاملة وعجزت عن ادائها ، فقلت في نفسي اسال اكرم الناس ، وما رايت اكرم من اهل بيت رسول الله (ص) فقال الحسين (ع) : يا اخا العرب اسالك عن ثلاث مسائل فان اجبت عن واحدة اعطيتك ثلث المال ، وان اجبت عن اثنتين اعطيتك ثلثي المال ، وان اجبت عن الكل اعطيتك الكل .فقال الاعرابي : يابن رسول الله امثلك يسال مثلي وانت من اهل بيت العلم والشرف؟فقال الحسين (ع) : بلى سمعت جدي رسول الله (ص) يقول : المعروف بقدر المعرفة .فقال الاعرابي : سل عما بدا لك فان اجبت والا تعلمت منك ولا قوة الا بالله .فقال الحسين (ع) : أي الاعمال افضل؟فقال الاعرابي : الايمان باللهفقال الحسين (ع) : فما النجاة من المهلكة ؟فقال الاعرابي : الثقة بالله .فقال الحسين (ع) : فما يزين الرجل ؟فقال الاعرابي : علم مع حلمفقال : فان اخطأه ذلك ؟فقال :مال معه مروءةفقال : فان اخطأه ذلك ؟فقال : فقر معه صبر فقال الحسين (ع) : فان اخطأه ذلك ؟فقال الاعرابي : فصاعقة تنزل من السماء فتحرقه فانه اهل لذلك فضحك الحسين (ع) ورمى بصرة اليه فيها الف دينار واعطاه خاتمه وفيه فص قيمته مائتا درهم فقال : يا اعرابي اعط الذهب الى غرمائك واصرف الخاتم في نفقتكفاخذه الاعرابي وقال : ( الله اعلم حيث يجعل رسالته )الانعام 124
هنا ساسلط الضوء على الرواية الثالثة التي فيها دروس وعبر ومن هذه الدروس :
اولا : اشتهار اهل بيت النبوة بالكرم وعدم رد السائل هو الذي جعل الاعرابي يسال الحسين (ع) حاجته جاء ذلك من خلال اقرار الاعرابي بذلك في بداية الرواية
ثانيا : جاءت حاجة الاعرابي من الصنف الثالث الذي ذكره الامام الحسين (ع) عن اشكال الحاجة والتي ذكرها في روايته الثانية والتي تدل على تماسك وعدم الاختلاف في الروايات والاحاديث التي تصدر من الامام المعصوم
ثالثا : كثيرا ما نسمع عن المسابقات الفكرية والعلمية التي تجري اليوم كثيرا من خلال القنوات الفضائية او المؤسسات الفكرية ،هنا في هذه الرواية جاء المخرج الشرعي للجوائز التي تمنح للفائزين ، ولو كانت حاجة الاعرابي لطعام لما ساله الامام الحسين (ع) عن شيء بل لسارع ومنحه ما يملك والروايات التي تثبت ذلك كثيرة ويكفي شهادة الاعرابي كما اسلفت ان اهل بيت النبوة هم اكرم الناس وهذه الصفة لم يتصفون بها عن فراغ .واثبات مسائلة طالب المعروف جاءت طبقا لحديث عن رسول الله (ص) وذلك بقوله المعروف بقدر المعرفة حيث اجابة السؤال هنا معروف وليس صدقة ، ثم قسم الحسين (ع) اجابة المعروف الى ثلاث مراحل وهذا ما يحصل اليوم في البرامج المسابقاتية المعرفية وفي نفس الوقت من خلال الاسئلة التي يطرحها الحسين (ع) على الاعرابي يكون قد علمنا وافادنا اكثر من درس ومعلومة ، ولم تكن اسئلته عن الشعر او التاريخ او سحب ارقام كما هو عليه الحال في كثير من البرامج المتعلقة بالمسابقات .
رابعا : انظروا الى المهم في علم الامام الحسين (ع) وهو منح الاعرابي الف دينار من ذهب وخاتمه فالف دينار هي للدية والخاتم هو للنفقة فالدية معروف والخاتم الكرم الذي عرف فيه اهل البيت (ع)
خامسا : الامر الاهم هو قول الحسين (ع) للاعرابي بان الالف دينار هي للدية والخاتم هو للنفقة مع العلم ان الاعرابي لم يذكر ديته كم في بداية الحديث وهذا يؤكد ما لدى الامام الحسين من ملكة غيبية منحها الله عز وجل له عن طريق جده وابيه عليهم افضل الصلاة والسلام
سادسا : خلق الاعرابي في كل شيء من حيث وصف الامام بالكرم وبالعلم والشرف وعند الخضوع للمسائلة الحسينية قال قول رائع وهو (سل عما بدا لك فان اجبت والا تعلمت منك ولاقوة الا بالله ) وختم الرواية باروع شيء عندما ذكر الاية القرانية الكريمة التي تنطبق على اهل بيت النبيوة (ع) وهذا يعني ان هذه الاية معروفة بين المسلمين انها تخص اهل البيت (ع) ، اضافة الى خلق الاعرابي فانه يستحق الثناء منا لانه اضحك الحسين (ع) ولا اخفيكم شيء انا احب كثيرا ما اقرأ ثورة المختار فانها تفرج عن نفسي المهمومة بمصاب سيد الشهداء (ع)
https://telegram.me/buratha