سعد الزبيدي ||
منذ خلق الله الكون إلى يوم القيامة سيظل الصراع مستمرا بين الخير والشر وكل المتناقضات مابين ظلام الليل وشمس النهار وصوت الحق وهمس م م الباطل وزئير الأسود ونهيق الحمير.
كثيرا ما أقلب كلمات القرآن الكريم وهي تصف ماعاناه الأنبياء والرسل بين أقوامهم ومايزيدني حيرة كيف صبر نبي الله نوح عليه السلام قرونا من الزمن وهو يرى قومه يكابرون ويصرون على كفرهم وعنادهم وسفاهتهم ودناءتهم وغباءهم وجبنهم في مواجهة الحق والمثول والتسليم به والانصياع للغة الحق وكيف تحمل رجل مثل لوط عليه السلام أن يفني الكثير من عمره وهو يرى قومه يجلسون في الطرقات وعيونهم تترصد الناس وألسنتهم تلوك لحومهم فهم لايتورعون عن الكلام بصوت عال وأصوات قهقهاتهم وصراخهم ونكاتهم السمجة ونفاقهم ورعونتهم وتجارتهم التي لاتبور أبدا وهي الغيبة والنميمة وفقدانهم للغيرة والحياء لا أعتقد أن جميعهم كانوا يفعلون تلك الفعلة المشينة وأكاد أجزم أن تصرفاتهم وأفعالهم وأقوالهم هي أشد خسة وأكبر ذنبا عند الله من فعلتهم التي عاقبهم الله سبحانه وتعالى عليها.
هكذا كان كل الأنبياء والرسل والصالحين والأولياء والحكماء والرجال الذين أعتلوا صهوة الشجاعة ولم يميلوا عن الحق.
وهكذا أصبح القلة ممن يمتلكون عقلا حكيما الأكثر شقاء وهم يرون أن الباطل يحكم الحق وأن الشر يصرع الخير وأن الجبان يتحكم في مصائر الشجعان حتى كأن ما قاله الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله لأصحابه كيف بكم إذا فسدت نساؤكم، وفسق شبابكم، ولم تأمروا بالمعروف، ولم تنهوا عن المنكر؟!
أليس هذا مصداقا لقوله تعالى
وَأذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِير»( الإسراء/16).
أبحث من حولك سوف ترى أن ما يجري علينا من مصائب ما هي إلا عقوبات لما تقترفه أيادي أكابر القوم فكبار القوم إذا ما سرقوا شجاعة وإذا مازنوا بسالة واذا ما أكلوا السحت الحرام وحكموا بالباطل وأقترفوا الموبقات ولم يتركوا ذنبا إلا أرتكبوه حتى كأنك تبحث عن ذرة من شرف أو غيرة أو رجولة أو حكمة أو كرم أو نخوة أو إيمان أو وفاء لن تستطيع أبدا حتى تتيقن أن البعض هم كما وصفهم الله تعالى
(هم كالأنعام بل هم أضل سبيلا).
فتشت عن أسباب تسلط مثل هؤلاء النكرات على مر التاريخ فوجدت أن هناك عواملا وأسبابا تساعدهم بل تشجعهم على أن يصبحوا فراعين وجبابرة أهمها وجود حاشية فاسدة تنمي عند الجبار المتسلط أنه ليس كباقي البشر وأنه أبن الألهة وأنه مخلد وأن مات فهو لا محالة سيذهب إلى الجنة لأنه لا يستحق أقل منها وهكذا تغرس فيه الأنانية وحب الحياة وهكذا ينسى الموت فلا يبقي ذنبا إلا أقترفه معتقدا أن لديه واسطة عند الله وأنه في معزل عن الحساب بعد الموت تلك الحشرات الطفيلية والنكرات لاتستطيع أن تعيش بكرامة وشجاعة لأنها رضعت الذل والمهانة والجبن والخسة والنذالة حتى أنها لتأنف الحرية والكرامة والشرف والرجولة فمنهم الديوث ومنهم القواد ومنهم الشاذ ومنهم دون ذلك بدرجات.مابين سارق ولص وحرامي وكذاب وأفاق ومزور ومدع شرف لا يملكه .
كثير منهم هو أنثى بمظهر ذكر بل أن كثير من الأناث أشجع وأشرف منه هؤلاء الأمعات هم من يساهمون في خلق تلك الحفنة الفاسدة التي تتسلط على رقاب العالم وتتحكم في أمره .
أمراض نفسية وعقد شتى تدفع بهؤلاء أن ينصروا الباطل دوما ضد الحق فأعينهم لا تحب الجمال وألسنتهم لا تعرف الحق وأنفسهم لا تعرف العفة وأرواحهم تعشق المنكر وأجسادهم تحب الحرام لأنهم حصب جهنم .
تراهم يتكلمون في الدين والفضيلةوالشجاعة والكرم والأخلاق وكل الصفات الحميدة وهي منهم براء .بيوتهم كبيوت العنكبوت صفتهم التملق وديدنهم الجبن ينصحون الآخرين وهم الأحق بالنصيحة يدعون للحق ولا يعملون به وينهون عن المنكر وهم يجاهرون به يصدعون رأسك بالمثل والأخلاق وهم لا خلق ولا شرف لهم يبعون أي شيء وكل شيء من أجل الدرهم والدينار يرون عيوب الناس ويتناسون عيوبهم ولو نظروا في قرارة أنفسهم لوجدوا أنهم أشد نتانة من أي مزبلة تتجمع فيها القاذورات ويتصارع عليها الذباب .
أختم مقالتي تلك ببعض الأبيات لمن استطاع أن يكمل قراءة المقال لأهديه كلمات من درر :-
إذا نطق السفيه فلا تجبه ........فخير من أجابته السكوت
فإن كلمته فرجت عنه..... .........وإن خليته كمدا يموت
أيا ذا الفضل و اللام حاءُ... ويا ذا المكارم والميم هاءُ
ويا أنجب الناس والباء سينٌ...ويا ذا الصيانه والصاد خاءُ
ويا أكتب الناس والتاء ذالٌ...ويا أعلم الناس والعين ظاءُ
تجود على الكل والدال راء...فأنت السخي ويتلوه فاء
لقد صرت عيباً لداءِ البغاء...ومن قبل كان يعاب البغاء.
الكاتب المحلل السياسي.
https://telegram.me/buratha