( بقلم : عمران الحسني )
ليس فقط حوادث التاريخ تعيد نفسها , بل هنالك شخصيات تاريخية يعاد بعثها من جديد , ويوجد دائما من يتقمص ادوار بعض الشخصيات التاريخية ,ويستنسخ تجاربها وأفكارها ,بعضهم عن علم ودراية وأخريين بالفطرة , مع خطورة الجانبين أذا كانت الأحداث والشخصيات المتقمصة أفعالها هي من لعبت ادوار سلبية في التاريخ , فالعالم الخبيث كارثة والجاهل البليد بلوى , مع عدم إغفاله التغيرات في الزمان والمكان , لذلك كثيرة هي الوقائع التاريخية التي أعيدت بحوادثها وشخوصا , فإذا أخذنا مقطعا زمنيا من عام 39 الهجري , وهو عام وقوع معركة صفين بين جيش أمير المؤمنين الأمام علي عليه السلام , وهو الجيش الذي يمثل الشرعية المتمثلة بالخلافة والتي أجمعت عليها الأمة وبايعت أمامها, وفي الطرف الأخر كان جيش معاوية , وهو الذي يمثل الخارجين على القانون , والمتمردين على الشرعية وعلى إجماع الأمة , و أتت هذه المعركة بعد قيام الأمام بسلسلة من المحاولات الاصلاحيه لصالح السواد الأعظم من المسلمين , والتي بدا بإجرائها الأمام عند استلام الخلافة , وكالعادة فان هذه الإصلاحات لم ترق لبعض المنتفعين والمستفيدين , فحاولوا الانقلاب على الأمام , ووجدوا ضالتهم في معاوية ووقفوا معه وشجعوه على الانقلاب على الأمام , وكعادته حاول الأمام أن يقيم الحجة بأسلوب الحوار والموعظة الحسنه لحفظ الإسلام وواد الفتنه , وهذه المحاولات لم تجد أذانا صاغية عند معاوية والذي جهز جيشه وقاده نحو العراق ,ولما بلغ الأمام خبر معاوية وسيره نحو العراق , جهز الأمام جيشه واتجه نحو الشام ليقطع الطريق على معاوية وأنصاره قبل أن يدخلوا العراق ويعيثوا في أرضه فسادا وفي أهله قتلا ونهبا , واستطاع جيش معاوية السيطرة على الماء ومنعه عن جيش الأمام وعندما استطاع جيش الأمام استعادة السيطرة على الماء لم يمنعه عن أصحاب معاوية , وبعد عدة استفزازات من جماعة معاوية وقعت الحرب , وكانت الغلبة فيها لجيش الأمام خاصة بعد استشهاد الصحابي الجليل عمار بن ياسر والذي كان له ابلغ الأثر في رفع معنويات جيش الأمام ,وكان بعضهم قد سمع من رسول الله علية وعلى اله أفضل الصلاة والسلام , وهو يقول ( عمار تقتله الفئة الباغية ) , وهنا عرف الجميع من هي الفئة الباغية , واندفعوا للقتال بأيمان وعزيمة , وكانت شراسة المعركة تشتد , وتستمر يوميا من بعد صلاة الفجر حتى منتصف الليل , كانت فيها الغلبة لجيش الأمام للأسباب التي ذكرت, فأحس معاوية بالهزيمة وأراد الانسحاب من ارض المعركة , ولكن كان للماكر عمرو بن العاص رأي أخر حينما أشار على معاوية برفع المصاحف على رماح الجنود , وهنا حصلت فتنة التحكيم وهذا ما أراده معاوية وابن العاص , ولو أسقطنا هذا المقطع الزمني على مايحدث اليوم , سنرى الوقائع متشابهه والشخوص أنفسهم والخدعة نفسها , ابن العاص يرفع المصاحف اليوم , ولكن ليس على أسنة الرماح وإنما على فوهات البنادق ,
ويرفعها اليوم ليس في الشام ولكن في البصرة , عجبا أن تتطابق الأحداث إلى درجة الاستنساخ , وتتشابه جينات البشر حد التطابق , ومع الأسف هنالك أيضا من يريد التحكيم , فابن العاص البعثي حاضر عن الجانب الأخر , ولديه القدرة على خداع أبو موسى الجعفري مره أخرى , ولكن هذه المرة برضاه , وخدعت المصاحف التي انطلت بالأمس فشلت هذه المرة لان أهل الشام دخلوا العراق , وعاثوا فسادا بأرضها , وبأهلها قتلا وتشريدا , ولم يمنعوا الماء فقط بل منعوا كل خير, فالجميع عرفكم انتم الفئة الباغية , ومعسكركم ليس فيه لا تابع ولا صحابي , بل أركانه من البعثين والتكفيريين , لذلك فأهل العراق وجراء ما عانوا على أيديكم , لم يخدعوا مرة أخرى بخدعة المصاحف , ولم يعينوا أبو احمد الأشعري حكما عنهم , فالأحداث مكشوفة والتاريخ مقروء والأشخاص سبق وان شاهد الناس جرائمهم , ومثلما كان شرط معاوية للبيعة تعجيزي وهو القصاص من قتلة الخليفة عثمان , وانتم اليوم تقولون لا نسلم أسلحتنا ألا لحكومة تحارب الاحتلال , عرف الجميع أنها كلمة حق يراد بها باطل , فالذي يريد أخراج المحتل لا يذبح الأبرياء من أهله , ولا يحرق أبار النفط , ولا يقصف الكهرباء والماء , ولا يستبيح الأعراض , ولا يشل الحياة , اتركوا كتاب الله المقدس لمن يعمل به , واجمعوا أطلاقاتكم وقذائفكم فقد أخطأتم ووزعتموها بدل أغصان الزيتون , وكفانا الله شر معركة النهر وان القادمة , لا سيما وان الجمل لم يبرك بعد .
https://telegram.me/buratha