زيد نجم الدين ||
يوم بعد يوم تزداد الفجوة بين الجمهور و هذا النظام السياسي ، فلا شيء جديد في الافق يحفز العراقيين و يبعث بهم امل التغيير ، و ما التظاهرات الاخيره الا تعبير عن هذا الامتعاض و الخصام بين الشعب و الكتل السياسه و الاحزاب المتصديه في الفتره الماضية. و بناءا على هذه النتيجه التي حل بها الشعب العراقي يتعيين على الحكومه و البرلمان والنقابات و النخب و الكفاءات و اصحاب الكلمة و الرأي ان تتظافر جهودهم جميعا باتجاه اعادة الثقه للمواطن بهذا النظام و فعالياته الديمقراطيه و تطمينه على اهمية كلمته في تحديد المسار العام للدولة ، لا سيما اننا مقبلين على انتخابات مصيريه توصف بالمبكره! و تأتي كفرصه بديله للتغير بعد انتخابات 2018 التي شهدت عزوف كبير عن الانتخاب ، اذ قدرت مفوضية الانتخابات حينها نسبة المشاركة بحوالي 44.5% ، لذلك ان معالجة العزوف عن المشاركة في الانتخابات يجب ان تتم وفق برامج تثقيفيه مكثفه تشرف عليها المفوضية المستقله للانتخابات و تتبناها الحكومه و يشترك معها البرلمان و النقابات و المراكز الثقافيه و المثقفين والخطباء و كل اصحاب الكلمه ، عسى ان يتمكنوا من اعادة الثقه للناخب العراقي بصوته و دوره في فعالية الانتخابات.
و هنا اود ان اقترح ثلاث محاور تبنى على اساسها هذه البرامج : و ابتدئها بفتوى المرجع اية الله السيد السيستاني قبيل انتخابات 2018 و التي نصت على ما مضمونه ان ليس هنالك اثر شرعي يترتب على عدم الاشتراك بالانتخابات و الامر في ذلك متروك للناخب نفسه ، و هنا بدأت الماكنات الاعلاميه لبعض الاحزاب بتظليل الجمهور من خلال تفسيرات غير صحيحه تتفه من اهمية الانتخابات و تحث الجمهور (ضمنا) على عدم الاشتراك بها، فلا بد ان تتضمن هذه البرامج توضيح رأي المرجعيه من الانتخابات وضرورتها و الذي بينته في بيان صدر عنها بوقت سابق (في 16/2/2010) ، و بالمجمل فان هذه الجزئية تقع بصورة رئيسيه على عاتق رجال الدين من الخطباء و المعممين.
المحور الثاني يتعلق برواد المجتمع من المثقفين و الكتاب و النخب ، فهؤلاء تقع عليهم مسؤولية تصويب الرأي العام و محاربة الافكار المشبوهه التي لا تنسجم مع معايير و قيم بناء الدولة الديمقراطية الحديثه ، و هنا ارى من الضروري ان تدعم الحكومه في برامجها التثقيفيه هذه اقامة مهرجانات توعويه تثقيفيه تفاعلية في كل المحافظات و تكون على شكل مناظرات بين النخب والجمهور او بين النخب و اعضاء المفوضيه و هكذا ، و في نفس السياق ، ايضا ارى من الضروري ان تأخذ هذه البرامج التثقيفيه مساحه جيده من اوقات بث المحطات الاذاعيه الرسميه و التي تشرح في محتواها اهميه الانتخابات و خطورة العزوف عنها.
المحور الثالث يتعلق بالاجراءات الحكوميه الفنيه التطمينيه للناخبين عن سلامة اصواتهم و مصداقية عمل المفوضية و بالنتيجه تحقيق نتاج انتخابي عادل يلبي طموح المواطن و يعكس ارادة الشارع ، و من هذه الاجراءات على سبيل المثال : اعتماد التصويت البايومتري ، العد و الفرز الالكتروني الدقيق (المسبق الفحص) بدل طرق العد اليدوي البدائيه ، ايضا لا بأس من ان تقام الانتخابات على شكل مراحل ، على سبيل يتم اجراء الانتخابات على مدى اسبوع و في كل يوم ينظم الاقتراع في ثلاث محافظات متجاوره ، هذه الطريقه تتيح للمفوضيه و الاجهزة الرقابيه و الامنيه السيطره على مراكز الاقتراع و ضمان سلامة العملية الانتخابيه و بالنتيجه زيادة ثقة الناخب بهذه الممارسة الديمقراطيه.
هذه المحاور الثلاث وغيرها يجب ان تشكل برنامج الدولة لاعادة ثقة الجمهور بالعملية السياسية وفعالياتها الديمقراطيه ، من الان و حتى يوم الانتخابات يجب ان يكون هذا البرنامج شغال و فعال في سبيل تحقيق مشاركة جيده بالانتخابات ، و اذا لم تولي الجهات المعنيه اهتمام كبير لمسألة العزوف عن الانتخاب فنحن امام فشل حقيقي و مركب ينذر بفوضى و انهيار هذا النظام الديمقراطي و الدوله بصوره عامه.
ــــــــ
https://telegram.me/buratha