بقلم : سامي جواد كاظم
الانسان الذي يقدم على المعصية عن جهل يختلف عن الذي يقدم عليها عن علم والاتعس من هذا وذاك هو الاصرارعليها مع وجود البينة واذا ما اقدم عليها فكر بالاعتذار والاعتذار يختلف عن التوبة فالاعتذار هو عن عمل معين اما التوبة هو التغيير الكامل في حياة المرء على نقيض ما كان يعتقد .رواية الحسين (ع) هذه التي ساذكرها لها علاقة برواية سابقة للحسين (ع) كتبت عنها مقال بعنوان (حوار الحسين (ع) مع ابن عمرو ابن العاص) وضمنته التعقيب والابعاد ولان الطرف الثاني في هاتين الرواتين هو عبد الله بن عمرو بن العاص لهذا فان هذه الرواية جاءت على خلفية الرواية الاولى .الرواية تقول ( عن الحلواني : وتذاكروا عنده - صلوات الله عليه –( أي الحسين (ع) إعتذار عبد الله بن عمرو بن العاص من مشهده بصفين فقال (ع) : رب ذنب أحسن من الإعتذار منه !) الرواية السابقة لابن عمرو بن العاص كانت عن حوار جرى بين الحسين (ع) وبينه اثناء معركة صفين وبعد ما القى عليه الحجة في ضلالة من يقف ضد امير المؤمنين عليه السلام تحجج بانه أي ابن العاص ان رسول الله (ص) قال له اطع اباك وكان للحسين عليه السلام رد شرعي مستند الى كلام الله عز وجل في ضرورة عدم طاعة الوالدين اذا طلبا من الولد الشرك بالله عز وجل ولم يقتنع بذلك في حينها .وبعد انتهاء معركة صفين ومع ظهور اقوال وافعال لعمرو بن العاص مع شريكه معاوية جعلت عبد الله يعيد حساباته في ما كان عليه سابقا والنتيجة انه اعتذر عن تواجده في معركة صفين فقط وهذا الاعتذار جاء وصفه على لسان الحسين (ع) بان الذنب احسن منه ، فاذا كان الفعل مجابهة الامام علي (ع) فالاعتذار هذا اقبح منه فاي اعتذار هذا ؟صدق الحسين (ع) ان الذنب احسن من الاعتذار في هذه الحالة وذلك لان :اولا : لو كان ابن عمرو ابن العاص على جهالة في من يتبع فان مواجهته وحواره للامام الحسين (ع) والقاء الحجة عليه يكون امام مفترق طرق اما الجنة او النار ، ولكن لسوء حظه ما ركن الى الحق او اعتزل على اقل تقدير بل طغى .ثانيا : الكثيرون من الشاميين المغرر بهم من قبل معاوية اهتدوا الى ولاية اهل البيت في اول لقاء جمعهم مع امير المؤمنين او الحسن او الحسين او السجاد عليهم افضل الصلاة والسلام فهولاء حالما يطلعون على ماهية علم واخلاق اهل البيت فانهم ينكبون عليهم بالتقبيل والاعتذار فيقبل الله عز وجل ونبيه واهل بيته الاطهار ذلك الاعتذار المصحوب بالتوبة والتي تدل عليه اعمالهم بعد الهداية ، اما ابن عمرو بن العاص ما اهتدى ولم يقتنع بما قاله الامام الحسين (ع) فاي ركون للضلالة يكون من بعد ذلك ؟ثالثا : بعد الاعتذار هل انضم الى لواء شيعة علي (ع) كلا لم يلتحق بالركب وهذا دلالة على شذوذ ابن عمرو بن العاص الذي جاء وصف الله عز وجل له ولمن مثله (أفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ [الجاثية : 23] )رابعا : المعروف والشائع لمسامعنا قول( العذر اقبح من الفعل ) ولكن قول الامام الحسين (ع) جاء مغاير لهذا المعتاد فقال رب ذنب احسن من الاعتذار وهذا يعود للخُلُق الذي تربى عليه اهل بيت النبوة حيث انه لا يوجد اعتذار قبيح ففي وصايا الرسول لزوج البتول عليهم السلام يؤكد رسول الله (ص) بضرورة قبول الاعتذار حتى لو كان من متنصل ،وهذا يعني لا يجوز تقبيح الاعتذار الا ان كون الذنب احسن من الاعتذار جاء هذا اشارة الى ان ذنب ابن عمرو هو عدم الاخذ بقول المعصوم ومن ثم الوقوف مع خصماء المعصوم وبعد ذلك عدم التنديد بخصماء المعصوم مكتفيا بالاعتذار عن واقعة وليس سيرة حياته فمثل هكذا اعتذار لا يتفق والذنب هذا، كما وان اعتذار ابن عمرو لم يكن امام الحسين (ع) بل نقل الى مسامعه ومثل هكذا اعتذار لا قيمة له قياسا الى الذنب الذي كان امام الحسين (ع) صراحة وان واقع حياة بن عمرو كلها تستوجب توبة واعتذار والانضواء تحت لواء الحسين (ع) وهذا لم يحصل .ولا اعلم هل يقاس اعتذار ابن عمرو ابن العاص باعتذار وتوبة الحر ابن يزيد الرياحي رضوان الله تعالى عليه وعلى ولده الذي اثبت ما قال قولا وفعلا ، فما كانت سيرة عبد الله بن عمرو بن العاص بعد الاعتذار ؟.اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha