( بقلم : عمار العامري )
لا يخفى على احد ما للمدن العراقية التاريخية العريقة من دور عظيم في صناعة الحياة البشرية وتحويل طبيعة الإنسان الحجري إلى متطور ذلك باكتشاف الكتابة التي باتت نقطة انعطاف كبيرة في مسار الحياة البشرية فمنذ نزول السومريين في بلاد النهرين وإعلان مملكة سومر في السهل الرسوبي ليكونوا دولتهم وينشوا سلالاتهم وبناءهم للمدن العملاقة لتكن منطلق للحياة الحضارية المتجددة للإنسان الذي جسد فيها أروع الملاحم والأساطير التي اعتبرت مشاعل حقيقية ومنارات زاهية للأجيال
ذلك العهد الذي شهد فيه إبصار مدينة الوركاء والباقية إطلالها منار للناظرين على بعد 40 كم شرقي مدينة السماوة حاليا واتخاذها عاصمة لدولتهم ردحا من الدهر لتجسد العمق التاريخي والإستراتيجي لهذه الحاضرة التي فعلا وحسب ما خلفه لنا التاريخ من حقائق عبر خمسة ألاف سنة أن في الوركاء عرف الحرف الأول للكتابة لتكن هي المدرسة إلام لكل عوالم المعمورة ومنطلق لجميع الرسالات الفكرية كما سطرت على أرضها أو ملحمة أدبية خالدة تحكي حقيقية البحث عن الخلود حيث لعب فيها كلكامش بعد مقتل صاحبه انكيدو دور البطل في أوروك إذ حاول إيجاد الشيء الذي يخلد فيه الإنسان ويدوم بقاءه في الحياة الدنيا ولكن وبتحليل العقلاء والرجوع إلى تفسير الألواح الدينية لفتح الطلسم الذي عجز كلكامش عن تحقيقه ونيل مبتغاة ظهر أن الإرادة هي البقاء لله "عز وجل"هذه هي الوركاء منذ ألاف السنين وتبقى الوركاء رغم ما عانته من إهمال طيلة العقود المنصرمة حيث الحكم العثماني من عنصر الترك الذي لا يبالي فيما طرزته الأجيال السالفة بعيدا عن حضارته الفقيرة والاحتلال البريطاني الذي يخشى ارث أولئك الذي ثأر أحفادهم بوجه ظلامه الذي حاول إسكات صوت الفكر المدوي والفاضح لأساليبه وكذا تهميش الحكومات العراقية المتعاقبة الشريفية والقاسمية والعارفية والبعثية الهمجية والصدامية العفلقية والتي حاولت إيجاد حاضرات لأنفسها من خلال الخطط اللاإنسانية والأطروحات غير الواقعية التي لم تجني لها ألا السوء والخسران ولكنها عجزت إمام هذا السفر التاريخي العريق والحضارة الشامخة التي خلدتها عشبة الحياة التي جلبها كلكامش من دويلة نبي الله نوح التي لا تطفئ أنوارها ولا تخفت مشاعلها
واليوم نجد من يهتم بالثقافة والتاريخ والآداب والإعلام ويحترم من يقوم عليها فاعتبار النجف الاشرف حاضرة أسد الله الغالب الإمام أمير المؤمنين "ع" عاصمة للثقافة الإسلامية وتتويج الحلة الفيحاء "أسد بابل ومسلة حمرابي " عاصمة للثقافة العراقية فالأمل تواق لجعل حاضرة الإبداع والتألق ومنبع أول حروف الكتابة وأقدم ملاحم الأدب ومن أحلامها برزت الحقيقة أن تكون هي عاصمة للثقافة العراقية في العام القادم
فهذه رسالة إلى رئيس الوزراء الأستاذ نوري المالكي والوكيل الأقدم لوزارة الثقافة السيد جابر الجابري أن يجعلا في نظر اعتبارهما بان الاستحقاق هو أن تكون "الوركاء عاصمة الثقافة العراقية " وللعالم اجمع.
https://telegram.me/buratha