بقلم داود نادر نوشي
في ساحة الفردوس وسط بغداد , حيث كان عنوان الطغيان والدكتاتورية , ورمز الظلم والارهاب انه تمثال المقبور صدام وفي مثل هذه الايام وقبل خمسة سنوات كانت ساحة الفردوس تشهد اول ايام سقوط الصنم , وفيه تكالبت الايادي والارجل لتدوس على مرحلة مؤلمة من مراحل العراق , وتنهي حقبة الظلام الدامس الذي خيم على سماء العراق لاكثر من 35 سنة , رأى فيها العراق والعراقيين الوان شتى من القتل والتشريد , وسنين حبلى بالمصائب والالام على يد صدام وحزبه الفاشي المهزوم
وبعد مرور خمسة سنوات على سقوط النظام , وبعد كل ماجرى في العراق من موجات العنف والارهاب والتهجير والصراع السياسي , قد يقارن المواطن البسيط بين مرحلتين وهي مرحلة النظام البائد ومرحلة مابعد السقوط , ولكني أرى ان أي عراقي وطني وشريف لايذرف دمعة على مرحلة النظام حتى وأن دخلنا بفخ الفوضى وموجات العنف والارهاب , وهي دخيلة على العراق ولكنها بضاعة المفلسين والمصدرة لنا من أخواننا العرب لغاية في نفس يعقوب , أقول ان مهما قيل أو يقال عن الوضع مابعد السقوط وعلى الرغم من حسابات الربح او الخساره , فأن الرابح الاكبر في كل هذا هو العراق وشعبه , أما الخاسرون فهم جلادينا من الصداميين وأزلام النظام والمتزلفين ووعاظ السلاطين ومن عاش وأرتزق على دماء العراقيين ممن طبل وزمر للنظام مقابل الملايين من دولارات نفط العراق
ومع اني لااقف كثيرا امام المسميات التي وصف بها العراق بعد 2003 والتي ظهرت على الساحة السياسية العربية والعراقية الا ان المسمى الوحيد والواقعي هو العراق الجديد والذي يحمل بحق كل تفاصيل هذا المعنى 0فبعد سنوات الكبت والحرمان والاضطهاد تفتحت لنا أفاق واسعة من الحرية , ويستطيع كل مواطن يعبر عن رأيه وبالطريقة التي يريدها لاسيما امام هذا الكم الهائل من وسائل الاعلام والذي اصبح العراق من خلاله منارا للصحافة والاعلام الحر بعد ان كانت كل وسائل الاعلام منبرا للنظام ومقوما ومساندا لكل جرائمه وطغيانه 0أضافة الى الحراك السياسي من خلال تواجد الكثير من الاحزاب والتيارات والمنظمات الوطنية والدينية , ومنظمات المجتمع المدني , والانجاز الكبير الذي تحقق هو كتابة دستور دائم واجراء الانتخابات الذي كانت حلم كل عراقي أثناء سنوات حكم البعث المنهار
ولكن وخلال خمس سنوات من سقوط النظام والارهاب المتمثل بالقاعدة والمتحالفين معهم من البعثيين وشذاذ القوم وسارقي السلطة وسياسيين النهار مازال يواصل طريق الحكم الصدامي في القتل والتهجير والذبح , مستفيدين بذلك على الدعم المادي والغطاء الشرعي والسياسي الذي توفره لهم بعض البلدان (الشقيقه) والتي تخاف على انهيار أنظمتها المستبدة من التجربة الديمقراطية في العراق , أضافة الى وجود الحواضن في الداخل من المنهزمين والمفلسين وايتام النظام , وفتاوى علماء التكفير والطائفية ,وتحت عناوين المقاومة والجهاد التي قتلت بين ثناياها الالاف من الابرياء
أذن ماذا علينا ان نفعل بعد كل هذا والسؤال الى كل الكتل السياسية العراقية , حتى لا نضيع وسط الاجواء الضبابية التي يراد من خلالها ان لانرى ضوء في نهاية النفق المطلوب منا قراءة واضحة الى الواقع العراقي السياسي والنظر اليه بتمعن وموضوعية ,لكي لانضيع المكسب الكبير الذي تحقق من زوال الديكتاتورية لاسيما وان معظم حركاتنا السياسية من المناضلين والمجاهدين في سبيل العراق أبان العهد البائد
لذا فمن الواجب الوطني والشرعي على تلك الكيانات السياسية وخاصة المكونة للحكومة والبرلمان الى الاسراع في احداث اصلاح سياسي حقيقي لتفويت الفرصة على المحاولات الرامية الى اعادة الامور الى المعادلة السابقة التي مازال العراق يئن تحت مساوئها وحتى تلتف الجماهير وبيدمن حديد ضد الارهاب واعداء العراق 0والنظر الى الواقع الاقتصادي الذي فشلت كل الحكومات المتعاقبة مابعد السقوط على تحسين مساره المتعثر , وعدم القدرة على احداث واقع وأفاق رحبة للاقتصاد العراقي واعادة تاهيل البنى التحتيه المنهاره , مع التفهم الكامل للظروف المحيطة والتحديات الجسام التي تواجه المخلصين في هذا الميدان ,لكي نصل الى مجموعة اليات واضحة ومحددة للاستغلال الامثل لموارد الاقتصاد العراقي الذي بدوره سيكون عامل رخاء واستقرار للعراق
وعلى الجانب السياسي ان لايكون صراع الارادات بين الكتل السياسية للحصول على المكاسب الحزبية والفئوية الضيقة , بقدر ماهو الوصول الى الحالة التي يمكن من خلالها ان يخدم العراق بعيدا عن الانانية المقيتة في الحكم والسلطه وان لانجعل من العراق غنيمة يتقاسمها الساعون الى المناصب , حتى نزيح من افكار المواطن العراقي التفكير في ان يقارن بين زمن الديكتاتورية البعثية والعراق الجديد فلا مقارنة بين الثرى والثريا الا لمن لايؤمن الا بالحديد والنار
https://telegram.me/buratha