( بقلم : عباس الياسري )
هنالك مثل عراقي يقول ( خلصت الحرب وبعده يتحزم ) وبالعودة إلى الموروث الشعبي فلهذا المثل قصه تدور حول احد الكذابين أدعياء الشجاعة والبطولة , لقد زين هذا الدعي جدران منزله بعدد كبير من ألأسلحة والسيوف والخناجر , المرصعة بالذهب والفضة والأحجار الكريمة , وجميعها غالية الثمن نادرة الوجود , بجانبها رؤوس محنطة لبعض الحيوانات المفترسة ,
وفي مساء كل يوم يتصدر مضيف العشيرة , وبعد أن يحتسي عدة فناجيين من القهوة العربية المرة الطعم, يبدأ بسرد قصص لا أول لها ولا أخر عن بطولاته وصولاته وغزواته التي لا تنتهي , وكأنه بطل التحرير القومي , ولا ينسى الغنائم التي غنمها من تلك الغزوات , ولا يفوته أدق تفاصيل رحلات الصيد والقنص في البر والبحر, ومصارعته للذئاب والسباع وكيفية صرعها والتغلب عليها ومن ثم حز رؤوسها, ودائما ما يستشهد بالأسلحة والرؤوس المعلقة في بيته , آلي أن جاء اليوم الموعود , فذات ظهيرة وصاحبنا يغط في قيلولته , هجمت أحدى القبائل على عشيرته , فجاءت نساء القرية أليه وهن يصرخن ويطالبنه بالنهوض والدفاع عن القرية , وإنقاذ النساء من السبي والأطفال من التشريد والأموال من النهب , فنهض مذعورا وهو يصرخ على زوجته ويطلب منها آن تعطيه أسلحته , واخذ يتمتم بكلام غير مفهوم , وكعادته أخذ يسب ويشتم , وكلما آتته المسكينة بسيف من سيوفه صرخ بوجهها طالبا منها ألأخر , وعندما تعطيه احد خناجره يرميه بوجهها وناعتا إياها بالغباء و حاثها على تغييره , والمسكينة حائرة لا تعرف ماذا يريد بالضبط وقد عرضت عليه كل مقتنياته , متهمها بالعمل على أعاقته وتأخيره عن المعركة , وبعد أن استهلك الوقت وهو مازال يدور حول نفسه , طلب منها أن تأتيه بحزامه المرصع بالفضة وعندما بداء بربط حزامه أتاه من يخبره بتهكم , آن الحرب قد انتهت , ومن يومها انكشف زيفه وكذبه لأبناء عشيرته واخذوا يسخرون من جبنه وقصصه المزيفة , ومن يومها وهذا المثل يضرب بكل الجبناء الكذابين , والذين يتضرعون بشتى الحجج لكي يهربوا من المواجه والحروب التي تتعرض لها بلدانهم ,
أتذكر دائما هذا المثل وقصته كلما تحين ذكرى الحرب , وأخرها الذكرى الخامسة التي مرت قبل أيام , ففي مثل هذا اليوم من كل عام , تخرج حفنه من أيتام البعث وهم ملثمون يخفون وجوهم الكالحة , يتظاهرون في قرى وقصبات وبساتين نائية , يرفعون صور صدامهم المقبور , مرددين شعاراتهم ألمستهلكة , مصوبين فوهات بنادقهم إلى السماء , ومفرغين مخازن عتادهم في الهواء الطلق , يحيط بهم مجموعه من الأطفال يصفقون ويرقصون ابتهاجا بالعاب البعث النارية , تصورهم بعض الفضائيات المغرضة والتي مازالت تعتاش على ما تبقى لديها من كوبونات النفط , تنقل تصريحاتهم النارية , والتي يتوعدون فيها العدو الذي أخذهم على حين غره , واستنادا الى قاموسهم فقد رددوا مقولتهم الشهيرة (لقد غدر الغادرون ) , لقد غدروا (لان الويلاد جانوا نايميين والرفاق شلعوا لسوريا قبل لا تبدي الحرب ) ,وفي الجانب الأخر يتوعدون الشعب العميل ... ! , لأنه تقاعس ولم يدافع عنهم وهم يغطون في قيلولتهم , ولن يصمد حتى يربطوا أحزمتهم ويستعدوا للمعركة كما استعدوا لأم المهالك, ولا احد يعرف كم يحتاجون من الوقت حتى يستعدوا للمعركة , وهذا لا يعرفه ألا ( القومجيه) والراسخون في الهزيمة , ولقد قضوا أكثر من ثلاثين عاما وهم يحثون الشعب على ربط الأحزمة , والاستعداد إلى معارك المصير , وهم يرددون مرحبا يا معارك المصير , وصدام اسمك هز أمريكا , وغيرها من الشعارات الرنانة , وعندما وقعت الواقعة , واقتربت القوات من بغداد بعد آن حاصرتها من الجهات الأربعة , هربت القيادة وتبخر الرفاق , وضاقت بهم الدنيا , وانصهرت أسلحتهم , التي أكلت المليارات من أموال الشعب , ترى كم حفرة حفروا لكي يختبئوا فيها , ومن المسؤول عن ردم هذه الحفر , ومن يتحمل ميزانيتها , أما آن للبعثيين آن يخجلوا مما يفعلون, وقد انكشف زيف بطولاتهم وكذب أمجادهم وجبنهم وتخاذلهم , واستهزاء وشماتة أصدقائهم قبل أعدائهم , وهم اللذين سلموا البلاد بلا قتال, بعدما تركوا الشعب مكشوفا تحت القصف , يواجه مصيره لوحده , ومدافع وبنادق الرفاق موجة إلى صدره وظهره , أعادوا العراق لعصور ما قبل الصناعة ,وهو عبارة عن خرائب وأطلال مدن ومجموعه من المقابر الجماعية , وتركوا الملايين من المعوقين والأيتام والأرامل والمهجريين , وزادوا عليها خمسة سنوات وهي سنوات ما بعد الحرب بعد أن خلعوا الزيتوني ولبسوا ( الجلبيات القصيرة وأطلقوا لحاهم القذرة ) بعد إن تحالفوا مع القاعدة والتكفيريون لقتل الأبرياء في الأسواق والمزارات المقدسة والمدارس والجامعات, وكأنهم لم يكتفوا بنصف القرن الماضي وهم يذبحون العراقيين على الشبهة وحروب عبثيه ,ودائما ما يختبئون خلف الشعب وجعله ساتر له, وهذه المرة يذبحوه بذريعة مقاتلة المحتل ... ! ,
وكعادتهم دائما مصابون بعمى الاتجاهات , فمرة يتجهون شرقا لمحاربة إيران بحجة تحرير فلسطين , ومره أخرى يتجهون جنوبا لغزو الكويت واحتلاله بدعوى انه اقرب الطرق لتحرير القدس , وها هو الرفيق ابن لادن يتطابق معهم في الرؤيا لاستراتيجيه و يحث الفلسطينيين للجهاد في العراق لأنه الطريق الأسهل لتحرير فلسطين , ولا نعرف كم يحتاج البعث والقاعدة من الوقت ليعرفوا اتجاه فلسطين وثكنات المحتل .. ! أم هي حجه مثل حجة صاحبنا الذي استهلك الوقت وهو لا يعرف أي سلاح يحمل وأي حزام يلبس , فمتى يعقد الرفاق أعضاء القيادات القومية والقطرية والشعب والفرق والمكتب العسكري ليقرروا أي حزام يلبسون , وقد مر على انتهاء الحرب خمسة سنوات , والتي لم تستمر سوى أيام معدودة, ترى على من يضحكون على أنفسهم أم على غيرهم , أم أنهم يراهنون على السذج من العربان والذين لحد ألان مصدقين أن البعثيين ما زالوا يستعدون للمعركة ولسان حال الشعب العراقي يقول ( يا جماعه الحرب خلصت وانتو بعدكم تتحزمون ) .
https://telegram.me/buratha