المقالات

الحكومة والتشكيلة الوزارية والقنابل الموقوتة

1096 13:59:00 2008-03-19

( بقلم : اسعد المطيري )

على الرغم مما تشير اليه مسيرة الأحداث السياسية المتفاوتة الاضطراب من جنوح نحو الهدوء والاستقرار والتوافقات بعد الأزمات الحادة والآراء المتشنجة التي حاولت وأد مسارها واغتيال خططها المستقبلية الرامية الى السعي الجاد في تحقيق عبور ناجز الى الضفة الأخرى والابتعاد عن دوامات الخلاف برسم الوان التراضي على لوحتها المكتملة المعالم ، على الرغم من كل ذلك بدأت مرحلة جديدة أكثر سخونة وحدة في التعامل مع الواقع بشكل مختلف ووفق معطيات مرحلة بانت نتائج الربح والخسارة فيها لمن يراهن على الوطنية فقط او من يراهن على كرسي وسلطة ومنصب ، فبعض الكتل السياسية تحترف اللعب في المناطق الحرام وفي أوقات تختارها بعناية ودقة ولديها قنابل موقوته تحدد زمن انفجارها في أوقات الذروة حتى تحصد اكبر الاعداد من المشاكسات الإعلامية والتشنجات السياسية في ظل مرحلة تحتاج الى الهدوء وقراءة الأوراق بعناية فائقة بعد تجدد الاضطرابات في الجنوب والحرب مع القاعدة في الشمال من خلال التصريحات المسمومة او التهديد بالانسحاب او عن طريق زحزحة الحجر عن مغارة الأنياب والمخالب المفترسة للولوج ثانية في اللحم العراقي وتقطيعه وتهيئة الأجواء – عن قصد – الى فوران جديد وعودة الى نقطة الشروع الأولى من مركز دائرة العنف .ومما لاشك فيه ان اشتراك كتلة تمثل جانبا معينا من أطياف الشعب وتبنيها لموقف تعلم مسبقا انه سيثير الحساسية والنفور وعدم القبول لدى الآخرين من خلال فرض الرأي لقبول شرط واحد يحدد العودة الى العمل والاشتراك فيها تهدف من وراءه الى الإمساك بقنبلتين في يد واحدة ، الأولى للتقرب من جماهيرها التى دفعت بها الى هرم السلطة كونها المدافعة الأولى والأخيرة عن حقوقهم وإبراز مظلوميتهم في المحاصصات الوزارية لأنها – بحسب رأيها – لم تنل ما تستحق وهي تمتلك قاعدة جماهيرية كبيرة وتريد الكتلة الأكبر في الحكومة تهميشها او ابتلاعها مما يعطي انطباعا وإيحاءً لدى أنصارها بأنها تجاهد للحصول على حقوق المستضعفين الذين نالهم التهميش وهم يملكون الأسلحة اللازمة لذلك وان الحكومة طعنتهم حين أسست لتكتل جديد مقبول في الشارع يمكن ان يحل بديلا عنها في حال استمرارها بالرفض وعدم الانصياع الى أوامرها .

 والقنبلة الأخرى ان هذه الورقة لعبة غير عقلانية وهي تدرك مسبقا بأنها تريد المناورة فيها لمعرفة مدى تأثيرها ووجودها الفاعل في الساحة فاذا ما وافقت الحكومة على طلباتها ستبقى هي في الموقف القوي والمؤثر الذي يؤهلها لتمرير أي قرار آخر ومهما كان حجمه وتأثيره .

وهذه المناورات بدأت تتضح بجلاء بعد التأخر والمماطلة في تقديم أسماء بديلة للوزراء المنسحبين او ترشيح بدلاء عنهم والذي سيدفع الحكومة الى نفاذ الصبر والتصرف بشكل آخر وإعلان أسماء ترتضيها وفق الكفاية المهنية والتكنوقراط وكأنها ستسحبها الى ميدان مخطط له مسبقا لتأجيج موقف ضخم أمام الرأي العام ،وهذا الميدان سيبدأ بكرة نارية ملتهبة يبدأ من الشارع ولا تنتهي الى قبة البرلمان . ولأن عملية اختيار الوزراء او إشغال الوزارات مرت بمخاضات عديدة وتأجيلات ووعود جلبت اللغط على الحكومة كون هذه الوزارات لم تؤد عملها بشكل سليم ودقيق ووفق ما مطلوب منها فضلا عن إضافتها الى وزير آخر وربما كان هذا الوزير غير متمكن أصلا من أداء عمله بنجاح في وزارته لأنه تسلم العمل الوزاري لأول مرة في حياته من دون التدرج الوظيفي والخبرة المناسبتين في هذا المجال ، فأدراة مؤسسة كبيرة ومعقدة عملية متعبة ومرهقة فكيف الحال اذا كانت وزارتين وخصوصا الوزارات ذات الملفات المتشابكة والصعبة وذات المساس المباشر بحاجة الشعب اليومية اليها ، وهذا اللغط تحول الى إشارات بوجود فساد إداري ومالي في بعض مرافق هذه الوزارات كما حدث مع وزارة الصحة مثلا وما أشيع عن صفقات الأدوية المنتهية الصلاحية وعلاج الإنسان بعلاج الحيوانات في احد مستشفيات الديوانية وغيرها من الأمور التي شكلت عقدة تحتاج الى حل سريع وعقلاني ، والامر ذاته ينسحب على وزراء الائتلاف من الخارجين عن خيمته والمنسحبين لأسباب غير معلنة والمعترضين على انتخاب بدلاء عنهم من داخل نسيج الائتلاف او من خارجه ، فالصراع بين الاتفاق مع الجميع يتطلب روية وهدوءا فضلا عن حزم وقوة لا سيما ان مراحل العد العكسي للحكومة المنتخبة قد بدء بالفعل اذا ما أرادت لها قدم أخرى جديدة في خارطة العراق المستقبلية وتجسيد خبرتها خلال هذه السنوات وتطبقيها على القادم من الأيام وتحقيق التقارب مع الجماهير بتوفير أمانيها ومطالبها ،واختيار الوزراء الأكفاء واحد من تلك المطالب الملحة والتي شكلت نقطة افتراق بينهما .

والقارئ الواعي يدرك حجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق الحكومة من خلال توفير جميع المتطلبات من الأمن وغيره وهذه الخطة القوية التي بدأت تباشر بها من خلال دفع القوات العراقية الى منصة الانطلاق لتحقيق انتشار وقيادة وقوة في فرض الأمن والقانون على مناطق بغداد والمناطق الأخرى تمهيدا لأتسلام ملفاتها الأمنية فضلا عن الانتعاش الاقتصادي والأعمار الذي رسمت له خططا مستقبلية من خلال موازنة انفجارية لهذا العام والتي يسعى الجميع الى رؤيتها علانية وهي تدعم الطموح ببناء العراق وانتشاله من ركام الخراب الى مناطق الضوء المبهرة . والتشديد هنا يحتم الإباحة والتصارح والمكاشفة لتوفير سبل إنجاح المساعي الرامية الى وضع حجر الأساس لسياسة جديدة في التعامل المهني والحرفي مع متطلبات المرحلة الجديدة والتي كشفت عنها نجاح العلاقات مع دول الجوار وسعيها الى لعب دور واضح في تأثيث الطريق المؤدي الى تخصيب ثمار هذه العلاقة وزرعها في الحقول المتعددة حتى توفر مناخا من الدعم الإقليمي والدولي . فالمطلوب اتخاذ إجراءات سريعة بعيدا عن الضغوط الحزبية والطائفية لتحقيق هدف سامي هو خدمة العراق مع مراعاة الصفات المهنية والإدارية للمرشحين حتى لا تتكرر ذات الأخطاء، الموضوع يحتاج الى التركيز والإمعان كونه سيدعم وبشكل كبير موقف الحكومة الساعي الى تأمين موازنات سياسية وخلق مناخ جيد وواسع لاحتواء جميع الأطياف وتوزيع المهام في ما بينها بما ينسجم مع الكفاية والنزاهة ، واعتقد إنها قادرة على تخطي هذه المرحلة التي ربما تأخرت قليلا في تنفيذ الإجراء الحاسم لها بما يستنطق الواقع الحالي في الحديث عن ابراز سمات القيادة الناجحة لبلد كل ما فيه كان خرابا وأُريد له ان يبقى كذلك وقوادم الأيام ستحمل الكثير من بشارات هذا التفاؤل .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك