المقالات

من هو المسؤول عن التاريخ ؟!

1061 2020-10-22

 

محمد السعبري||

 

عندما يتوقف الانسان عن العطاء يتوقف كل شيئ في الحياة ،

 وهذه الحقيقة تفسر كل منعطفات التاريخ الكبيرة ، فلماذا خارت او انحرفت الرسالات العظيمة التي اعادت بناء حياة الانسان على اسس جديدة من الخير والاصلاح كرسالة نوح وابراهيم وعيسى ومحمد صل الله عليهم اجمعين...

فاذا بالجاهلية تعود الى الانسان واذا بالطغاة من نمرود وشداد وفرعون واصحاب الاخدود وبني امية الى طغاة عصرنا يتربعون على منابر الرسالات و يتبوؤن مقاعد الحكم ويكررون مأسي الانسان .

 ولكن لماذا لم تعد تلك الرسالات تبني الحضارة وتصنع الحريةللانسان؟ ولماذا جمدت او فسدت الثورات الجبارة التي سنحت بها نفوس الملايين من البشر كثورة كنقوشيون ، وبوذا وماني وسقراط ؟

فاذا بها بعد التوهج والانطلاق صارت أحاديث ترويها كتب التاريخ ولم يبق منها سوى روافد صغيرة من بعد سير عارم .

ثم لماذا ركدت او انطوت الحركات العلمية الضخمة التي شهدتها حياة البشر منذ الا ف السنين ، من حركة المصريين الذي ولعوا بدراسة النجوم وزراعة الارض ، وخلقوا الاهرامات ، الى حركة اليونان الذين خلقوا جمهورية افلاطون ومنطق ارسطوا والى حركة المسلمين العلمية التي دخلت معظم المجالات العلمية فطوروا البارود واكتشفواالجبر والمقابلة ، فاذا بها كالبحر بعد العاصفة ركود وانطواء قاس . لماذا ؟ أقدار ؟ ام حتميات ؟ ام سنن لا تجد لها تحويلا ؟ ام ماذا ؟ لا ريب ان هناك اقدار ومقتضيات وسننا مماذكرها علماء التاريخ ولكن لاريب كذلك ان اهم حقيقة تفسر هذه الظواهر التاريخية هي الحقيقة المتقدمة ( عندما يتوقف الانسان عن العطاء يتوقف كل شيئ في الحياة )فالذين حملوا الرسالات والذين فجروا الثورات والذين قاموا الحركات العلمية انما هم بشر امثال كل البشر ،

فحتى الانبياء قالوا واعترفوا ( قالت لهم رسائلهم أن نحن الا بشر مثلكم ) ولكنهم بشر اعطوا من انفسهم العطاء المتناسب مع انجازاتهم بشر عملوا الصالحات ، صبروا على الصعاب والذين جاءوامن بعدهم كانوا ايضا بشرا ، ولكنهم بشر لم يفعلوا شيئا عظيما لانهم بشر توقفوا عن العطاء الحقيقي . ان كل عظيم خلق شيئا عظيما حقق هذه المعادلة :

 بشر +عطاء +عظمة

وقد يكون جهود واحد من الناس فقط هي التي فجرت طاقات مجتمع ولكن هذا الواحد كان هو الأخر بشرا ... أراد فاعطى ،فحرك المجتمع والمجتمع بدوره افراد استجابوا لهذا العطاء . أن أرادة الانسان والتي تتحول الى عطاء، فعظمته ، فحضارة ، فحركة تاريخية خالدة هذه الارادة لا يمكن تعليلها وتفسيرها ووضع قواعد لها بحيث نعرف متى منحت له الاستطاعة يريد او لا يريد ، فكيف ومتى شاء ؟ وهذه الحرية تعني القدرة على التحدي كل الطروف وكل المقتضيات .

 ولأن الانسان حر، فهو مسؤول ، ولأن الحرية تتبع المسؤولية وتحمل المسؤوليات ليس سهلا،

 البشر يجنح الى حذف الحرية الانسانية ودورها في تفسير الحياة بطريقة تجعلها خاضعة لحتميات معينة ، وكذلك تفسير التاريخ ، فمن الصعب علينا ان نقول ان ارادة الانبياء ومحض اختيارهم غير مشروط كانت الارض الطبيعية التي هبطت عليها رسالات السماء ، وان ارادة المصلحين ، والمفكرين هي التي صنعت الحضارات الكبرى ولكن ذلك هو الرأي الصحيح في تفسير التاريخ كله .... والتاريخ الرسالي الاسلامي بدرجة خاص ، أن تلاميذ مدرسة الرسول واهل بيته هم الذين حملوا مسؤولية الرسالة الاسلامية وهم جعلوها حركة ثورية رسالية عارمة ... وعندما ذهبت هذه الاجيال الثائرة خلف من بعدهم خلق اضاعوا رسالة الثورة ... لماذا . لانهم ارادوا ذلك كما اراد أباءهم خلاف ذلك. أن تخلف الامة الاسلامية هذا اليوم ، انما هو تخلف مركز افرازاته أجيال واجيال ... فكلما جاء جيل أضاف على بدع الماضيين أوزاراً جديدة فاذا بها أجتمعت عندنا كما تجمعت رواسب رأفد مرعلى الاوساخ فطهرها وحملها معه في حفرة ، ونحن في تلك الحفرة اجتمعت عندنا رواسب تخلف عديدة . ولذلك فان عملية التحويل في الرسالة لم تجر ي مرة واحدة وانما بالتدريج فحين توقف كل جيل بل وحينما توقف كل فرد من أبناء الجيل الواحد عن اداة رسالته وبدل جانبا من المفهوم الثوري عنده وسكت الاخرون وتراضوا به ، حينئذ نشأ التخلف الاجتماعي في جيل ، ثم في اجيال . من هنا تحمل كل فرد من أبناء الاجيال في التخلف الحضاري للامة ، ولكن لا يعني هذا ان الذين ورثوا رسالة السماء من الرسول الاعظم صلوات الله عليه وعلى اله الاطهار ، ورسالة الدم من الامام الحسين عليه السلام ، لا يعني انهم لا يملكون عناصر حية .. أن نهر التاريخ لم يحمل الينا رواسب التخلف فقط بل حمل الينا ماءاً يصلح لدى تصفيته أن يكون سائغا وطهورا .. وذلك هو ماء معين . الرسالة العذب، فهناك الثقافة الرسالية الغنية التي عن طريق اعادة تفسيرها وبلورتها تصلح أن تكون أفضل اداة للتفجير الرسالي ، وهناكالتاريخ النضالي العظيم الذي عن طريقه اعادة تقييمه وصياغته نحصل على كنز من الذخيرة الرسالية . ومن هنا نعرف أن التاريخ كله الرسالي بوجه خاص صنعته ارادة الرجال وعزائمهم وبمدى وجود هذه الارادة يوجد تاريخ عظيم ... وبقدر فقدها تقل عظمة التاريخ ومجد الانسان .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
صادق الشريفى
2020-10-22
بارك الله فيك سيد محمد السعبري على هذا. المقال ا
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
حيدر : انا لله وانا اليه راجعون يعني منين نبدي هو انتو سامعين بشي اسمه نقابة معلمين او فد ...
الموضوع :
السوداني يستقبل وفد نقابة المعلمين ويشيد بدور الملاكات التربوية وجهودها في العملية التعليمية
Hussain Hamza : سبحان الله انقل السحر على الساحر!! لماذا تدعمون إسرائيل ضد العرب؟ وضد غزة؟ هل لكم الحق في ...
الموضوع :
ردا الى تصريحات ترامب :: الناتو : الدول الأعضاء متمسكة بمبدأ الدفاع عن بعضها البعض
علي عباس مراد : اني احد منتسبي الشرطة الاتحادية المفسوخ عقدة من جراء الاصابة بعبوة ناسفة والمرض ولم استلم اي تعويض ...
الموضوع :
دائرة شؤون المواطنين في الأمانة العامة لمجلس الوزراء تستقبل شكاوى المواطنين عبر موقعها الإلكتروني
فيسبوك