( بقلم : علاء هادي الحطاب )
ان قيام دولة مؤسسات ذات مجتمع مثقف قانونيا واجتماعيا ضمن الاعراف والتشريعات السائدة فيها يعتمد على مدى التزام الجميع بذلك الدستور وان تعددت اشكالهم وانتماءاتهم ... وما درجة الرقي العالية (تقنيا وحضاريا وثقافيا) في اوربا الا دليل على ان سلطة القانون فوق كل الاعتبارات الاخرى مهما كانت سامية عند اهلها.العراق اختاره الله ان تكون فيه مكونات مختلفة .. طائفيا .. وقوميا .. وعرقيا ..وسياسيا ... فهو من البلدان المنطقة التي تشهد تعددا في مكوناتها .. وهذا التعدد بات يشكل مشكلة حقيقية في واقعنا اليوم.
هناك من يجامل ويحابي الحقيقة ويقول ان العراق كشعب لم يعرف العناوين المذهبية والقومية ، اما الفاحص الجيد يجد ان ازمة التعدد في العراق قائمة منذ زمن بعيد ، لكن الطوق السلطوي الحاكم الملفوف على رقاب الجميع منع ظهور هذه الازمة بشكل علني ... وبعد سقوط النظام السابق ... ودخول دول واستراتيجيات ... وتصفية حسابات على الساحة العراقية هيأ الارضية اللازمة لاستفحال هذه الازمة مما ولد تخندقا طائفيا مقيتا في المجتمع على كافة مستوياته السياسية والعلمية وحتى الرياضية ومستويات اخرى ... ساعد على ذلك في الدرجة الاساس تنظيمات ارهابية (كالقاعدة) وغيرها وحزمة كبيرة من الميليشيات المسلحة ... اذ اصبح كل حزب بل وكل سياسي ووزير له ميليشيا مسلحة خاصة به.فكان عندها ظهور الصحوات امر ضروري.
الصحوات التي يرى كثيرون انها مجاميع تعاطفت مع تنظيم القاعدة الارهابي او (ربما)عملت معها ومن ثم انقلبت عليها بعدما ادركت زيف ادعاءاتها ووحشيتها ... سيما وان الصحوات انطلقت تحت غطاء عشائري تسوده التقاليد العربية الاصيلة فاثمرت صحوتها ضد القاعدة نتائج طبية ، لكن هذا لايمنع وجود العديد من الصداميين وضباط الاجهزة القمعية السابقة واعضاء في تنظيمات القاعدة وغيرها الارهابية في صفوف هذه الصحوات مما اثر .. ويؤثر .. وسيؤثر سلبا على مشروعها الوطني التحرري.
وجود المئات من الرجال غير المنضبطين بقوانين الدولة وتشريعاتها وقراراتها من جانب ... وتدخل اجنبي بشكل (مباشر او غير مباشر) وربما جهات اقليمية من خارج الحدود ... من جانب اخر . وجود اكداس كبيرة ومتنوعة من الاسلحة الخفيفة والمتوسطة تثير ازمة كبيرة في المستقبل خصوصا وان الحكومة اعلنت عدم استطاعتها احتواء كل رجالات الصحوات وحتى اذا استطاعت الحكومة ذلك فكيف ستتمكن من فرز الصالح منهم من الطالح .. الوطني دون سواه؟وان لم تستطع اذا كيف ستتمكن من تسريح هؤلاء؟سيما وانهم غير ملتزمين بقانون عمل معها .. ومن يضمن عدم انقلاب تلك الصحوات على الحكومة ان لم يتم احتواؤهم كلهم؟حتى السيء منهم ... وهذا الامر بحد ذاته يمثل مشكلة كبيرة اتجاه الحكومة .
الجيش الامريكي عندما احتوى تلك الصحوات في بداية الامر لم ولن يكون ناظرا الى المستقبل باعتبار عدم اهتمامه وجديته في استقرار ذلك المستقبل . اعتقد ان وجود الصحوات بهذه الطريقة يشكل مشكلة حقيقية وكبيرة امام الحكومة ... من جانب ان هؤلاء عراقيون يجب رعايتهم خصوصا الوطنيين منهم ... ومن جانب اخر ان عزل السيئين منهم مشكلة اكبر، فضلا عن المزايدات السياسية اتجاه هذه القضية .. فيجب ان نحذر الصحوات اذا انقلبت مرة اخرى...................................................كاتب واعلامي عراقي
https://telegram.me/buratha