المقالات

مأزق الدبلوماسية الأميركية


    ◾محمد صادق الهاشمي   2020-9-29       مِنَ المؤكد أنّ أميركا تريد البقاء في العراق، ومن المؤكد لها مصالحها المرحلية والإستراتيجية أمنيًا وعسكريًا واقتصاديًا، إلا أنها وعبر السنين كلها التي مرت فإنها لم تتمكن أنْ تثبت قدرتها على البقاء في العراق بنحو مستقر، ولإيضاح الأمر؛ هنا عدد من النقاط:   أولًا: المؤشرات البحثية والمعطيات تدل على أنّ الاتفاقات التي وقعتها أميركا مع الجانب العراقي عام (2008): اتفاقية صوفا، وسافا، كانت مضطرة لها؛ بسبب الضغط الداخلي والخارجي كون مقررات مجلس الأمن فرضت عليها الخروج من العراق، فاضطرت إلى الخروج  عبر اتفاقية، ومِنْ ثَمَّ هذا مؤشر على الفشل في الدبلوماسية الأميركية؛ لأنها لم تتمكن من إقناع الأطراف العراقية والدولية والإقليمية في البقاء من خلال نسج علاقات مشتركة مهمة ومنها اقتصادية واستثمارية؛ تتيح لمن يؤيّد بقائها الدفاع عنها.   ثانيًا: كرَّرت أميركا العودة إلى العراق تحت غطاء التحالف الدولي، وبقي وجودها مرتهن ببقاء التحدي الداعشي، ومن الطبيعي ينتهي بنهايته، لذا احتدم الجدل والصراع عن مصير هذه القوات الأميركية عام (2016)، وهو جدلٌ وصراعٌ دامَ إلى الآن مع تغيِّر الحكومات، وكذلك هو مؤشر مضاف إلى أنّ الدبلوماسية الأميركية فَشِلة في تسويغ وجودها قياسًا إلى الوجود الروسي في سورية والمنطقة، والوجود الصيني عبر خط الحرير الحالي والواعد، والذي قد يرسم خريطة العالم بأسره.   ثالثًا: أجرت أميركا حوارًا بينها وبين العراق حول مصير قواتها في العراق، ولم تسفر هذه الحوارات إلى الآن عن مخرجات دبلوماسية واضحة تجعل وجودها يحظى بالصفة القانونية، ومن هنا فإنّ وجودها إلى الآن لم تُسبغ عليه الصفة الواضحة والغطاء القانوني؛ أي: لا يمكن تعريف قواتها إلى الآن.    رابعًا: حاولتْ أميركا أنْ تمرر صفة وجودها عبر الاتفاق قصدًا مع الحكومة العراقية؛ إلا أنّ هذا يتعارض مع القرار النيابي المُتَّخذ في الخامس من كانون الثاني عام: 2020، وهو قرار مؤثر ما لم يُنقَض، ولا نجد إمكانيةً لنقضه.     خامسًا: كل هذه الحقائق تثبت أنّ أميركا فشلت في تمرير وجودها في العراق عبر غطاء قانوني؛ لذا يلاحظ المراقبون أنها مرتبكة، وتصريحات المسؤول الأميركي تتردد بين الإعلان عن المغادرة، أو فرض الوجود بالقوة، أو الاستعانة بالأطراف العراقية لتأمين بقائها.      لا يمكن لأميركا الاعتماد على الأطراف والجهات السياسية والحكومية العراقية  في البقاء؛ لأنّ الواقع العراقي منقسم إلى ثلاث جهات، وهي:  جهة تؤمن ببقاء القوات الأميركية، وجهة ترفض وجود القوات الأميركية لكنها تعتقد أنّ الحل يأتي ضمن الحوار الدبلوماسي، وجهة ترى الحل العسكري.       أمام هذا الواقع الداخلي لا يمكن لأميركا أنْ تعتقد بإمكانية فرض وجودها بالاعتماد على طرف دون آخر.   سادسًا: ربما حكومة ترامب محرجة انتخابيًا من سيناريو خسارة هيلاري كلنتون؛ بعد أنْ هُزمت انتخابيًا بسبب ضرب السفارة الأميركية في ليبيا، ومن الطبيعي أنّ المواطن الأميركي يطرح السؤال المُلِح على حكومة ترامب عن سبب عدم إمكانية تأمين الانتشار الأميركي في العراق وغيره، وقوة الضربات للقواعد الأميركية، وهو مؤشر على فشل الدبلوماسية الأميركية.   سابعًا: يقال إنَّ الجانب الأميركي قادر أنْ يلعب بورقة الاقتصاد حال الانسحاب؛ مما يعرض العراق إلى أزمة داخلية اقتصاديًا، لكن هذه الفرضية لا تصمد بقوة في العراق؛ كون الباب مفتوحًا إلى روسيا والصين وإيران والهند وتركيا، ثم يأتي الكلام من المواطن العراقي الآن -عبر الاستبانات- ما الذي قدمته أميركا للعراق الآن في مجال الطاقة، ولعلاج أزمته الاقتصادية بسبب هبوط أسعار النفط الخام، وتفشي [فيروس كورونا] وغيرها؟     ثم أين المشاريع الاقتصادية الأميركية في مجال التنمية والإعمار والاستثمار؛ حتى يكون رافعة لمن يدافع عنها، بل خلاف ذلك فإنّ وجودَها موسومٌ بأزمات داخلية.   انتهى

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك