دائما تصدر وزارة الزراعة قوائم بعضها صفراء والأخرى حمراء وليس بينها بنفسجية بشأن منع أو تقنين إستيراد مواد ومنتجات زراعية. الوزارة "حايرة" بزمانها وسط الفوضى الإستيرادية واللاتصديرية التي تعيشها البلاد. وأقصد بالبلاد العراق الذي حظي بتسميات عديدة ورطنا بها الباحثون والمؤرخون والبطرانون. التسميات تبدأ من "موتسومابيا" وأرض السواد وبلاد الرافدين وأحيانا مابين النهرين. تسمية أخرى لحقت بالعراق تصفه بأنه "جمجة العرب"وهو قول منسوب للخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطاب "رض". لا أعرف إن كان بقي للعرب جمجمة أم لا, أوصارت جمما لاتسر صديقا ولاتغيظ عدوا. لا تاريخيا ولا جغرافيا قبضنا شيئا من هذه التسميات الإ الضيم والهضم. فهي مسميات أثقلت ذاتنا الجريحة "على كولة" الباحث سليم مطر الذي تخصص بإشكالات الهوية الوطنية العراقية التي مل منها حتى الملك فيصل الأول برغم أن هناك من ينفي هذه الواقعة أصلا ويبرئ الملك من هذه التهمة التي الصقها به المؤرخون والباحثون والبطرانون. وبالمناسبة فإن كاتب هذه السطور يتبنى هذه المقولة لا لأن قائلها كما تقول بعض المصادر مؤسس العراق الحديث الملك فيصل الأول, لكن لأنها صحيحة قالها الملك أم لم يقلها. إبتعدت كثيرا عن اللهانة والجزر والقرنابيط والنبق والبطاطا والخس والثوم والشجر والفلفل والشلغم والشوندر وهي جزء من المنتجات الغذائية التي قررت وزارة الزراعة منع إستيرادها كوننا حققنا على مايبدو الإكتفاء الذاتي منها. لا أملك سوى أن أشكر وزارة الزراعة التي تريد أن تعمل لكن على طريقة العين بصيرة واليد قصيرة لسبب بسيط لأن قرار الإستيراد "تصدير ماكو لأن عيب وفشلة من الإخوة الفاسدين الأجلاء" ليس بيدها. بعض الجهات تريد أن تعمل بالفعل لاسيما الجهات التي لها صلة بتعظيم الدخل الوطني ورفد موازنة الدولة بحيث لاتعتمد على موارد النفط وبالتالي نغادر الإقتصاد الريعي الى الإقتصاد متعدد الموارد إن كان في الزراعة أو الصناعة أو السياحة أو ماشاكل ذلك من ميادين. لكن مافيات الفساد التي بدأت الحرب ضدها الآن إما لاتسمح بشكل مباشر أو تعرقل بطرق مباشرة أو غير مباشرة أي محاولات إنتاجية يمكن أن يستفيد منها البلد. ولعل المعركة المحتدمة الآن على صعيد ميناء الفاو والربط السككي وطريق أو حزام الحرير هي واحدة من معارك وجودنا على خريطة العالم الجديد الذي بدأ يتشكل بعيدا عن الخرائط التقليدية السابقة. فالعراق زرع لهانة أم فجل أم لا, إستورد رمان يمني "بالمناسبة موجود هذا الرمان الذي يأتينا من بلد يحمل فيه حتى الرضيع بندقية وخنجر" فضلا عن أنواع البرتقال المصري واللالنكي الإفغاني أم لا, فإن قصة وجودنا حتى تتكامل على الخرائط لابد من التعامل مع القضايا الكبرى من منطلق السيادة الحقيقية "مو كلاوات". والسيادة ليست مجرد "حجي كبار" مثل قصة ذلك الشاب الذي أرسلته أمه الى المضيف بديلا لوالده بعد وفاته والذي تصور أن قولها له أحكي حكي كبار هو أن يجلس في مكان مرتفع بالديوان ليقول .. أسد. ذئب. نمر. لا. السيادة هي أن تملك قرار منع إستيراد اللهانة بنفس القدرة التي تملك فيها قرار.. بناء ميناء الفاو الكبير.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha