(( ممثلية السيد الحكيم في البصرة ))
عاد السيد الحكيم في يوم السبت الموافق للعاشر من آيار لسنة(2003) المصادف التاسع من ربيع الاول عام 1424هـ بعد غياب دام اكثر من عقدين من الزمن وهي مدة اكبر من ان تقاس بحساب الليالي والأيام؛ لأنها شهدت محنة طالت الكثير من خيرة أبناء العراق، ودمرت كل مقومات الدولة، وعمت بآثارها المأساوية كل مكونات الشعب العراقي وأطيافه.
عاد لأنه أراد أن يكون بين أهله واخوته رافضاً كل التحذيرات التي سمعها من مستشارية قائلا لهم:لا بد أن نكون في الميدان؛ حيث يتعرض الآن إلى أخطار كبيرة جداً، ولا بد أن نعمل من أجل العراق.إن هذا الموقف يذكرنا بموقف الإمام الحسين (عليه السلام) عندما رفض تحذيرات البعض في الخروج إلى كربلاء، وأصر على مواجهة التحديات الخطيرة التي كانت تواجه الأمة مهما غلت التضحيات، ولم يكن هذا الموقف هو الشاهد الوحيد على تأسي شهيد المحراب (قـــد سره ) بالسيرة الحسينية، كما تجسد ذلك في قوله: نحن ننطلق من الموقف الشرعي في أداء التكليف الإلهي، والذي نستلهمه من موقف سيدنا ومولانا الإمام الحسين (عليه السلام)، ومن مواقف علمائنا ومراجعنا العظام في مقاومة الطغيان والاستبداد.
عاد السيد الحكيم إلى أحضان الوطن، وهناك تحقق حلم اللقاء، لقاء الابن البار بأمته، لقاء ابناء الامة بقائدها، الذي انطوت فيه السمات الدينية بالجذور الوطنية، والحنكة السياسية بالمسيرة الجهادية، وهو ابن المرجع الديني والقيادي الوطني الذي لم تغب عن مخيلة الشيوخ ـ الذين خرجوا لاستقبال المرجع الابن ـ مواقفه الدينية والوطنية منذ الاحتلال البريطاني للعراق، حتى مجيء زمرة العفالقة، والتي بنت جسرا صلباً من الثقة بين المرجعية والأمة لا تطاله هرطقة النظام العفلقي، أو هواجس المحتلين وشكوكهم، أو سموم الإعلام المضاد، أو أن تنال منه سنون الهجرة وبُعد المسافة؛ ذلك لأن الأمة ومحنتها كانت شغله الشاغل، وهمه الدائم، في كل مجلس ومحفل يتلمس جراحها، ويدافع عن حقوقها.
وكان بإمكان الموكب أن يتخذ طريقاً اقصر وأيسر من هذا الطريق، خاصة في ظل الوضع الأمني المتأزم؛ الإ أن السيد الحكيم كان يريد رؤية أبنائه وأحبته عن قرب، أراد أن يلتقي بهم ويحدثهم ويواسيهم ويشد من أزرهم؛ لمواصلة المسيرة التي لم تنته بعد، فأمامها تحديات كبيرةـ خطيرة ومصيرية ـ وعلى الأمة الوقوف أمام مسؤولياتها تجاهها.
المحطة الاولى:اختار البصرة اولاً لتكون محطته الاولى وذلك لما يكنه لاهل البصرة من حبٍ واعتزاز ولما قدمته البصرة من تضحيات على خط الجهاد والتفاف جماهيرها حول المرجعية الرشيدة.
وفي البصرة تجمع الاهالي ومحبي السيد الشهيد وخطه المجاهد، تجمعوا حوله في ساحة الاحتفالات والتي سميت بساحة شهيد المحراب، تجمعوا ويحدوهم الامل والبشرى برؤية القائد المجاهد الذي كان يقود قافلة الجهاد للتخلص من النظام الدكتاتوري الذي جثم على صدور العراقيين وما رس شتى انواع الظلم والاضطهاد والجور.وفي لقاءه الاول وفي محطته الاولى حدد سماحة السيد الحكيم الخطوط العامة للعراق الجديد الذي هو للجميع واعلن عن مشروعه السياسي الذي عبر عنه بالشعارات التي كان يرددها ومعه الجماهير تهتف.نعم للحريةنعم للعدالةوبه أراد الحكيم أن يوحد كلمة العراقيين، ويجمع شتاتهم، ويضمد جراحهم، ويزرع الأمل في تلك النفوس التي استولى عليها اليأس.
لقد كان لقاءً حميماً لا يمكن أن يوصف بين الحكيم وأبناء شعبه في مدينة البصرة، حيث مكث فيها ليلة واحدة أتجه بعدها إلى الناصرية ثم السماوة والديوانية وفي كل تلك المحطات، كان اللقاء مفعما بالمشاعر الصادقة، وفي كل منها كانت جموع المستقبلين حاشدة بالشكل الذي أدهش العالم. وكشف عن قوة الأواصر، وعرى الثقة التي لم تزعزعها قسوة الطغيان البعثي وسمومه الحاقدة طيلة العقود السالفة.
لقد كان له ( قدس سره الشريف ) برنامج خاص ورؤيا واضحة عمل من أجلها في تلك الفترة، قطفنا ثمارها الأولى بعد ذلك في عملية الانتخابات، حينما هدرت الملايين الكبيرة، ملبية نداء المرجعية، متجاوزة التهديدات الإرهابية الجدية بشكل ملحمي فاجأ العالم، وظهرت المرجعية الدينية قطبا، لا يمكن تجاوزه وصار مشروعها أمرا حياً في نفوس العراقيين.
لقد كان مشروع السيد الحكيم وطنيا خالصاً في نظرته لتركيبة المجتمع العراقي، وفي رؤيته لمستقبل العراق، وفي تقييمه لوضع العراق؛ لذا كان يتسم بالاعتدال والانفتاح على الآخر، ولقد أكد السيد الحكيم ولمرات عديدة انه لا ينوي استنساخ أي تجربة أخرى؛ لأن للعراق خصوصياته التي لا يمكن تجاوزها، فقد قال: ان مشروعنا الجهادي مشروع بدأ منذ أكثر من عقدين من الزمن، مشروع مخضم بدماء الشهداء، بدماء المراجع، بدماء العلماء، بدماء الصالحين، مشروعنا سوف نستمر فيه بأذن الله، وليس هو مشروع الولايات المتحدة الامريكية، ليس مشروع أوربا، ليس مشروع هذه الدولة او تلك الدولة، وانما هو مشروع المؤمنين العراقيين المجاهدين الذين لهم نية التغيير الحقيقي في العراق.
لم يرض ـ بالطبع ـ هذا الطرح الصداميين ولا السلفيين المتطرفين الذين اعتادوا على رؤية الاشياء بعين واحدة، وهو ما يدركه جيداً الشهيد الحكيم فقد قال رداً على احد المحذرين له من الخروج إلى صلاة الجمعة الوداعية:أن كل تحركاتنا هي عمليات استشهادية، وان لكل أجل كتاب.فسلام عليه يوم ولد ويوم عاش مجاهداً عالماً ويوم استشهد ويوم يبعث حيا
من مقولات السيد الحكيم رضوان الله تعالى عليه :
اوصي جميع اخواننا بحفظ الامن والاستقرار وأوصيهم بأهلهم واخوانهم وبلدهم خيرا( شهيد المحراب) يجب أن نفكر ونربي الناس على ان ينتخبوا الإنسان الملتزم المتقي العادل الذي يكون همه الاساس مصلحة المجتمع، وليس همه الأساس مصلحته أو مصلحة فئته وجماعته (شهيد المحراب)
https://telegram.me/buratha