( بقلم : علي جاسم )
اسوأ ما يواجهه الصحفي بشكل خاص هو ان ما يكتبه يذهب كهشيم في يوم ريح نثروه دون ان يصل الى مبتغاه وغايته، فهو يكتب من أجل ان ينبه ويحذر ويلفت النظر ويدفع الاذى قبل وقوعه فيشخص الخطأ والتقصير ويشير الى مناطق ضعف الاداء فيقيم عمل الاجهزة الخدمية والحكومية ويدعوها الى تصحيح اخطائا وتفعيل اجراءاتها وآلياتها وصولاً الى الكمال او اقرب منه في تقديم الخدمات للمواطن ولهذا فهي (الصحافة ) تسمى السلطة الرابعة بعد السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، والصحفي يدرك كل هذا فيعمل جاهداً لاداء واجبه (الرقابي) من خلال ما يكتبه يومياً او اسبوعياً في الصحف وكله أمل ان تجد صداها وطريقها الى المتلقي والقارى، ومع ان جميع القراء متساوون من حيث الاهمية بالنسبة للصحفي الا ان من بين الحل والربط يختلف كثيراً عن سواه وإليه يأمل ان تصل كتاباته وكلماته ويتم عندها الاجابة والرد وهذا أقصى الامنيات فإن لم يحصل ولم يتحقق ذلك فإن الاحباط و( قهر الدم ) سيكونان له بالمرصاد بعد التعب في رحلة الكتابة والشد والجذب في الافكار داخل ساحات رأسه وأزقاته.
والصحافة لكي تأخذ دورها الحقيقي المفترض به فعلى الأقل ينبغي متابعة ما يقال فيها وما يكتب وينشر للتواصل مع هموم المواطن ومشكلاته التي تنقلها أقلام الصحفيين للدولة ومسؤوليها لابعاد أي فجوة قد تحصل او هوة تحدث بين المواطنين والدولة، وهذه المتابعة نجدها في معظم دول العالم بل ان أغلب الرؤساء يتابع بشكل دقيق الاخبار والتقارير وصولاً للاحسن والافضل.
ومع ان الصحفي عليه واجبات ورسالة اصلاح وتوجيه ينبغي ان يؤديها، فإن له حقوقاً تفرضها مهنته ورسالته نفسها يتحتم على الطرف الاخر والذي يمثله ( المسؤولون ) ان يحافظوا عليها وان لا يسعوا الى انتهاكها والتجاوز عليها وممارسة الضغوط العديدة واساليب متنوعة على الصحفي ومصادرة صوته وحريته وحقوقه لاخفاء العيون وعدم فضحها وكشف المستور، وهو يبدو ما قد حصل في البصرة ووصل الامر حداً أصبحت فيه الصحافة خطرة جداً ينبغي التعامل معها بحذر شديد وحزم وبأس أشد، حيث أبلغت دائرة التحقيقات والمعلومات الوطنية في البصرة أصحاب المطابع بعدم طبع أي صحيفة او مجلة دون استحصال موافقات مسبقة من قبلها وهذا الامر يعني ان دائرة الامن الوطني ( يجب ) ان تصدر موافقة الطبع اولاً وهذه الموافقة تتطلب التعريف بالصحيفة او المجلة واسمها ومكان عملها والاعداد المطبوعة سابقاً.
هذه الاجراءات الجديدة والاجتهادات الشخصية قد دفعتنا للتساؤل: هل سيأتي اليوم وتطلب دائرة الامن معلومات كافية ووافية عن قرار الصحف وماذا يرتدون ويأكلون وما هو برجهم؟!وهل سيتم وضع أي صحيفة في جهاز خاص لفحصها مثلما يتم فحص المواد المشتبه بأحتوائها على مواد جرثومية او ما يسمى بالجمرة الخبيثة؟!ربما نرى ذلك في عصر الانفتاح الحضاري والديمقراطي والاعلامي!
https://telegram.me/buratha