أن تشكو وزارة الثقافة من كثرة العطل والمناسبات التي تمتد الى مدة شهر فهذا صحيح. عطل ومناسبات كثيرة بصرف النظر عن دالاتها ومدلولاتها. مع ذلك فإن الوزارة تريد إضافة عطلة جديدة ومناسبة جديدة بحيث تصبح عطلنا ومناسباتنا أزيد من شهر وهو ما يتناقض مع الشكوى من كثرة الأعياد والمناسبات. العطلة الجديدة المقترحة قد تبدو من الناحية المنطقية "بيها باب وجواب" كونها تتعلق بالعيد الوطني للعراق بعد عقود من عمر الدولة العراقية الحديثة البالغ مائة عام عشنا خلالها إما بلا عيد أو أعياد مفروضة طبقا لإرادات فارضيها. المقترح الخاص بالعيد الوطني هذه المرة هو تاريخ دخول العراق عصبة الأمم المتحدة يوم 3 تشرين الأول عام 1932 بعد نيل العراق إستقلاله من الإنتداب البريطاني. السؤال الذي تكرر كثيرا طوال السنوات الماضية هو لماذا لم يتم إعتماد هذه المناسبة عيدا وطنيا طوال 8 عقود من عمر الدولة العراقية؟ لا أملك جوابا قاطعا على مثل هذا السؤال, لكن يبدو أن هذه المناسبة هي الأخرى ليست إجماعا وطنيا, أو ربما هي لاترتقي الى مستوى الكليات من حيث الرموز والدالات الوطنية الكبرى التي لايختلف عليها إثنان أو يتناطح عنزان. ومادمنا بصدد مفردة الوطني فلابد من طرح أسئلة تحتاج الى أجوبة منطقية ومعقولة مثل .. ماهو مفهوم الإجماع الوطني حيال أية قضية من القضايا؟ بل قل ماهي المشتركات الوطنية بين العراقيين؟ هل لدينا هوية وطنية أو هوية مواطنة بحيث لانتعب كثيرا عند الحديث عن المشتركات التي بقينا نتعامل معها طوال تاريخ العراق الحديث والمعاصر من زوايا عاطفية لا أكثر تتمثل إن تمثلت بالفوز في لعبة كرة القدم ضد فريق دولة مختلفا عليها في الداخل, أو شجاعة مواطن عراقي في أحد برامج "الصدمة" أو حماية جار شيعي لجاره السني أو بالعكس في حالات الإصطفاف الطائفي الحاد. في الواقع أن هذه الأمور أو ماشاكلها لاتتعدى مايمكن أن يدخل في باب الهبة العاطفية السريعة التي سرعان ماتذهب مع خسارة الفريق "الوطني" في لعبة جديدة أو ظهور حالة سلبية هنا أو هناك حيث يبدأ البحث عن أصل وفصل هذا الفاعل من أي قومية أو مذهب أو محافظة؟ قبل أن أغادر جزئية إقتراح وزارة الثقافة ومن قبلها ربما محاولات برلمانية بإتجاه إنهاء الجدل حول العيد الوطني للبلاد وإختيار مناسبة ربما تكون هي الأقل جدلا بين العراقيين لابد أن أقول أن المبادرة بحد ذاتها نبيلة ومسؤولة. لكن في ظل إستمرار الجدل لدينا حول كل شئ وعدم حسم مفهوم المواطنة أو الهوية الوطنية نتيجة لتغليب الهويات الفرعية "العرقية والمذهبية والعشائرية والمناطقية والثقافية" على مايمكن عده مفهوما جامعا مانعا للوطنية العراقية, فإن هذا الإقتراح سوف لن يكون حظه بأفضل من إقتراحات سابقة ماتت وهي في المهد. بل ربما يفجر جدلا نحن في غنى عنه خصوصا أن هناك المزيد من الآراء بشأن إقتراح مناسبات أخرى كعيد وطني لبلاد مازالت تبحث عن هوية وطنية موحدة وعابرة للإنتماءات قبل العيد الوطني الذي لن يحل لنا مشكلة وطنية الكهرباء في ظل هيمنة إرادة .. السحب.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha