المقالات

ألواح طينية؛ لا تكسروا قوس الحشد فتندموا..!

1618 2020-09-09

 

قاسم العجرش qasim_200@yah00.com||

 

فيما مضى من زمان، كان في إحدى بوادي العرب صيادا ماهر للغزلان ، وكان مشهوراً ببراعته في الصيد ، فلا يكاد يعود خاوياً من رحلات الصيد التي يذهب إليها … وكان  هذا الصياد يمتلك قوساً نادراً ومُتميّزاً عن باقي أقواس الصيد، فكان مُتقَنَ الصُنعِ دقيقاً في الاستجابة للرمي ، خَشبُه عصيٌّ على الكسر ليّنٌ كما يقتضيه الليْنُ ، شديدٌ إذا اقتضت الشِدّةُ ، فوترُه مشدودٌ لا ينقطع ، يدفعُ السهم بدقّةٍ لا تحيد ، وقوّةٍ لا تُرَد ، وسرعةٍ تخطف الأبصار

خرجَ الصياد يوما في رحلةٍ ليليّةٍ للصيد ، وحمل معه قوسه وسهامه ، وعندما وصل إلى مناطق الصيد التي اعتاد العرب على الصيد فيها ، كان الليلُ دامساً والسماء خاويةً من القمرِ، والنجومُ تحجبها غيومٌ سوداء.

 ظهرَت الغزلان في المكان الذي يقف فيه الصياد، وكان يُحدّد مكان الغزال من البريق في عيون الغزال ، فكانّ يشد وتَرَ قوسه على السهم ويرمي به الغزال ، فينطلق السهم من القوس كالبرْق ويُسمعُ صفيرُه مع الرياح ثمَّ يرتطم بالصخرة قادحاً شراراً من ارتطامه بها، كان الصياد يستغرب من خيبته في تحقيق الهدف، فثقته بقوسه كبيرة، إلّا أنّه كان يعاود الكرّةَ مع غزالٍ آخر ويرميه بتركيزٍ أعلى ودِقّةٍ أحكَم، وفي كلّ مرّة كان يرى شرار ارتطام السهم بالصخور حتى ضجر من ليلته المشؤومة وخيبته المتكرّرةِ ، وتملَّكَهُ الغضب فكَسَرَ قوسه ، وجلس ينتظر الصباح ليعود إلى قبيلته حاملاً خَيبتَه وغضبَه.

وعندما أشرقت الشمس ولاحت خيوط الفجر، وزالت الظُلمةُ التي تغشى المكان، اكتشف أن كلَ سهامه التي أطلقها أصابت الغزلان التي سدَّد عليها واخترقت أجسادها، ولكن من قوّة انطلاقها كانت رؤوس هذه السهام تخرج من الطرف الثاني للغزال، وترتطم بالصخر فيقدح شرارُها ، وهو ما كان يحسبه فشلاً في تحقيق الهدف!

نظرَ الصياد إلى قوسه نادماً ، وجمعَ أخشابه التي كسرها مع الوتر الذي تدلّى من أطراف الخشب ، ثمّ جمع غزلانه التي اصطادها وفي عينيه دموعُ الندم على تسرّعه في كسر قوسه ، وعلى نفاذ صبره وخطئه الذي ارتكبه في ظلمة الليل !

عاد الصياد وأسمه الكُسَعي؛ إلى قبيلته مكسوراً حزيناً فقوسه من النوادر ويصعب تعويضه ، وأصبحت قصّتُه مثَلاً بين العرب يقولون فيه : حذارِ أن تندم ندامةَ الكُسَعي.

الحشد الشعبي هو القوس الذي قاتلنا به الدواعش الأشرار، وهو القوس الذي ستفقأ نباله كل من يتطاول على إستحقاقاتكم فحذار ان تكسروه فتندموا، ولا تجردوه من نباله فنزع سلاح الحشد سيجعلكم أذلة أبد الدهر، وستجبرون على الخنوع الى العدو {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً}.

الحشد آخر جدار تتكئون عليه، وإذا سقط هذا الجدار أنكشف ضعفكم، وبانت سوءاتكم، وأضحيتم عصفا مأكولا..توازن الرعب مطلوب(الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)..

كلام قبل السلام: هما طريقان الطريق الأول: [ فَاذكروني ٲذكركم ] ..الطريق الثاني : [نسوا اللّه فأنساهم أنفسهم ] .. فلكم حرية الاختيار، {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيماً}!

سلام..

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك