( بقلم : اسعد راشد )
لسنا في موقع اتخاذ المواقف الشخصية تجاه السيد طالب الشطري ولا اننا نعاديه لان اسمه "الشطري" ولا اصلا نريد الدخول معه في مهاترات هو ونحن في غنى منها الا ان لنا وقفات على بعض محطاته وتقلبات مواقفه السياسية والادبية التي لا تتناسب وحجم القضايا الجوهرية التي يتلون بها المشهد العراقي والتي تبناها قبل الغير وكان من السباقين في طرح مفرداتها السياسية التي اعجب بها الكبار قبل الصغار بل ان لم نقل انها كانت رافدا مهما لمن تصدوا للقضية العراقية وخاصة شقها الشيعي الذي حمل مشروعا لا يختلف في مضمونه عما كان يدعوا اليه الشطري ومن تلك القضايا قضية "الكيان الشيعي" واقليم الجنوب الشيعي والتحمس الذي ابداه السيد الشطري لحمل السلاح الشيعي بوجه قاتليهم بل ولا ننسى مقاطع من ذلك المقال الذي حمل عنوانا وهاجا دعانا جميعا الى الاحتذاء به و باخذ ادبياته القتالية تحت عنوان "الشيعة/ احملوا اسلحتكم كالرجال" !راجع المقال على هذا الموقع :
http://alfort.jeeran.com/archive/2006/2/25145.html
فما الذي حصل كي ينقلب الشطري على عقبيه ويتراجع عن قناعاته ومعتقداته "مليون درجة" ؟ فهو الداعي في كتاباته السابقة الى محاربة التكفيريين والصداميين والبعثيين والطائفيين ومواجهة المذابح التي يتعرض لها الشيعة وعمليات التطهير التي تقوم بها الجماعات المدعومة سنيا من العمق العربي ضد شيعة العراق بالسلاح وبالرد العنيف وهو المنتقد لاداء المرجعية الشيعية ودورهم كما يزعم "السلبي" ودعاهم لفك الحصار عن شيعة صلاح الدين وشيعة الرمادي وشيعة الديالي وشيعة اللطيفية والموصل وغيرها ولم يتوانى من الدعوة الى "الحرب الاهلية" لان الخاسر فيها في نظر السيد الشطري وليس المهزوم يعرف حجمه وانها تفتح الطريق للمنتصر ونحن كنا نتعاطف مع كتاباته وكان الاستاذ الكبير باسم العوادي يؤازره في ذلك ويشد من عضده عبر كتاباته في هذا الصدد والتي كانت لنا حافزا لطرح المشروع الشيعي وتوسيعه وندعوا بدورنا الى التصدي لكل القتلة والمجرمين والسفاكين ورفع السلاح بوجههم فما الذي تغير كي ينقلب الشطري رأسا على عقبيه ويرفع يداه بالترحم على "صدام" بل ويصفه بانه من خط "الحسين" ومن الحسين ويضع نفسه في جوقة الصداميين ويدعي انه "صدامي ؟!
لماذا غير الشطري وجهته و"ضيع بوصلته السياسية" واوقع نفسه في متاهات وتناقضات يصعب حتى اللحاق زمنيا لفضحها لقرب القريب وكثرتها ؟ ولماذا وجه سلاحه الى شيعة العراق وكورده بعد ان كان موجها الى اعدائهم وداعية من دعاة الدولة الشيعية المستقلة ؟
فهل حقا كان الشيعة يستحقون هذا "الجميل" من الشطري ليوجه كل سهامه ضدهم ويقف موقفا خصما لمشاريعهم التي كان هو من المساهمين في تكريس لبناتها الفكرية ونشرها ؟
لماذا اخذت كتابات الشطري ومواقفه تتماهي مع مواقف الشوفينيين والقتلة والمجرمين وتسير انسيابيا بشكل سريع باتجاه التماهي المباشر مع خطاب الانظمة السنية التي تقاتل الشيعة في كل مكان حيث تغيب المقاييس والقيم في اداء الشطري سياسيا وادبيا وحتى ثقافيا بحيث يرفع الوضيع ويضع الشريف يثأر للمجرمين وينتقم من المظلومين ويعود الى تبني شعارات قتلة اهله وشعبه والقدح في قيم الشرف والعدالة والانسانية ؟!
فقد تحول صدام في نظر الشطري الى "وطني" لكون انه فقط "عراقي" ! وتحول العراقيون في نظره الى عملاء وبائعي الوطن لانهم استقبلوا رئيس دولة جارة !
ولان احمدي نجاد رئيس جمهورية ايران الاسلامية وصف صدام بالدكتاتور وهو يطأ قدماه ارض العراق فان ذلك يعني في نظر الشطري تطاولا على "الوطن" واهانة للعراق والعراقي ! لا ندري كيف يفسر لنا ذلك الشطري ان يتحول صدام المجرم والقاتل والسفاح وابن ابيه الى "وطني" لان احمدي نجاد وصفه بالدكتاتور وهو في البيت العراقي ؟ باي المقاييس هل هي مقاييس نازية ام ثقاقة جاهلية كان قد اورثها الامويون ودولتهم اللقيطة الى الاعراب ؟
الالمان لم يفاخروا بهتلر ولم يعتبروه وطنيا رغم وطنيته بملايين المرات من صدام "العروبي" ولم يخونوا اي من ابناء جلدتهم عندما كانوا يستقبلون الاجانب وعلى رأسهم زعماء الدول التي احتل هتلر بلدانهم وهم يصفون عهد هتلر باقذر الصفات دون ان يخرج الماني وطني واحد ويندد بقادة المانيا الجدد رغم انها كانت محتلة من قبل الحلفاء الا ان المان كانوا يقرون حتى امام ضيوفهم بدكتاتورية هتلر ومغامراته .
فهل مبررا للشطري ان يصف صدام بالرئيس "الوطني" لان نجاد وصفه بالدكتاتور في زيارته الاخيرة للعراق ناسيا في الوقت نفسه الكثير من زعماء الدول وعلى رأسهم الامريكان وهم يصفون نظام العراق وبلده بانه ديمقراطي وخال من الديكتاتور الذي ظلم شعبه ؟!
العراقيون هم من دعوا الامام الحسين (ع) الى العراق لمقاتلة "العراقي" ابن زياد‘ والحسين السبط كان مدنيّا مكيّا قبل ان يكون عراقيا وقد قتل على ايدي اهل البغي ممن كانوا يدعون انهم "عراقيون" وبقيادة اللقيط ابن زياد ابن ابيه وفي المقاييس القومية والمتبعة في العرف العروبي يجب ان يكون "الوطني" هو ابن زياد والخارجي هو "الحسين" وقد اشيع حينها في اوساط العراقيين والمسلمين جميعا ان الحسين كان خارجيا وقد قتل بسيف جده ومثل هذه المفاهيم تكرست على مر التاريخ في العقلية العربية السنية ومنظومتها السياسية فيما المفاهيم التي تلف خطاب الشطري لا تختلف في مضمونها بشيء عن تلك المفاهيم التي اباحت قتل الحسين وبررت شرعية حكم يزيد و"وطنية" و "قومية" ابن زياد ‘ فصدام لم يكن في يوم من الايام عراقيا ولا وطنيا بل باع الوطن والعراقيون بثمن بخس للاعراب وزجهم في اتون الحرب التي هو من شنها على الايرانيين ارضاءا للغرباء ودفع بدماء العراقيين دفاعا ليس عن العراق كما يدعي المدعون بل من اجل اذلال شيعة العراق وتقسيم ثرواته للاجانب .
التغييرات التي حصلت بعد سقوط النظام الملكي في ايران ومجيء حكومة يقودها علماء ايرانيون من الشيبعة امر استفز العرب وانظمتهم واعتبروه تحديا مذهبيا قد يقلب التوازات في غير صالح المستبدين والظالمين والطائفيين ولم يكن صدام الا واحدا منهم فهو العميل للاعراب وقاتل الايرانيين ليس لانهم غزاة او المحتلين بل تنفيذا لمفردات الانطمة الطائفية ومشاريعها الطائفية التي جعلتنا نحن الشيعة من "المواطنين من الدرجة الاخيرة" ..
لاشك ان الشطري لم يغب عن باله كل تلك المفردات ولا انه يجهل حقيقة دور الحكومات الطائفية التي حكمت العراق وهو بالتأكيد يعرف ان لا صدام ولا عارف كانا من الوطنيين بل جاءوا بانتداب من السفارات الاجنبية في القاهرة وبغداد وانهما ليسا الا صنائع غريبة ودخيلة على هذا الوطن الجريح فما الذي حدى مما بدى كي ينقلب الشطري على عقبية ويضرب كل المفاهيم والقيم عرض الحائط ويصير لديه الحق باطلا والباطل حقا رغم كل ما يملك من قدرات ادبية وتعبيرية وكتابية لركوب امواج السياسة والثورة ومفردات الحق والباطل ؟!
طبعا لا استطيع ان اجزم ان موقع الكتابات الذي تحول الى "وكر" للبعثيين والبوالين على اعقابهم وحثالات من البائسين الا الشذر اليسر قد كان له دور في ذلك الانقلاب ولا انّ بعد الشطري عن الوطن وانغماسه في التصنيفات على هواه لكل ما هو يتحرك على الساحة العراقية قد ترك تأثيره في مواقفه الا ان بريق المنصب والجاه الذي لم يحالفه الحظ كي يمر لمعانه امام ناظريه قد اوقع في نفسه الحسرة كي يغير من نظرائه ويدفعه لمثل هذا الموقف العجيب والغريب وينقلب على مبادئه وقيمه ومقدساته وبالتالي امور اخرى هو ادرى بها دفعته الى هذه السقطة او السقوط الخطير الذي يجب عليه ان يعيد النظر فيه بعيدا عمن هو الذي يحكم العراق قبل فوات الاوان ولا احسبه ان يكون غبيا لمثل هذه الدرجة ويقع ضحية البوالين على اعقابهم ولا لمصائد موقع الكتابات الذي هجره اغلب الكتاب البارزين والذين ساهموا في انطلاقته الاولى من نشر صيته بعد ان تبنى قضايا المظلومين وقبل ان يدخل في مساومات مع القتلة والسفاحين ويغير بسهامه المسمومة على على الحق ويتحول الى بوقا شاتما للشيعة والكورد .
اسعد راشد
https://telegram.me/buratha