( بقلم : علي جاسم)
معظم دول العالم المتحضرة والنامية والمتوسطة البعد بينهما ترفع شعارات بيضاء اللون وبراقة المظهر وهي تنادي بقيم وأهداف وغايات بعضها قد استحدثته البشرية عبر سنوات طويلة من تاريخها الجهادي والنضالي حتى حققت بعض مما كانت تصبو إليه وترغب به من حياة حرة كريمة بعيداً عن الظلم والتسلط، ومن بين تلك القيم والاهداف الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان والتحضر والتمدن ونبذ العنف وغيرها حتى أصبحت هذه الدول تتسمى بهذه المتسميات وليس فقط تنادي بها وتعقد الندوات والاجتماعات والمؤتمرات وتؤسس جمعيات ومنظمات خاصة بها كمنظمة حقوق الانسان وهيئات الحرية والديمقراطية وحتى الدفاع عن حقوق الحيوان!
وحينما تتناسى احدى تلك الدول تلك البنود والفقرات الانسانية المعلقة في اروقة وجدران منظماتها ودوائرها الرسمية و ( تتجاوز ) على أحد ما فإن ذلك قد يكون اعتيادياً وسهلاً لانه من غير الممكن أبداً ان تحافظ الدولة بكافة رجالاتها وموظفيها على حقوق مواطنيها دون أي تفريط او تقصير كما ان هذا التجاوز قد يوجد في جميع الدول سواء أكانت اسلامية أم مسيحية حتى وان بذلت جهوداً حقيقية وحثيثة لمنع ذلك، ولكن ان تقوم دولة ما تنادي بحقوق الانسان والحفاظ عليها وعدم تعرضها للانتهاك، بأن تنتهك حقوق وقدسية رموز ومقدسات دينية او سياسية او اجتماعية لدى أبناء هذه الدولة او لدى دولة أخرى فإن الكلام يأخذ منحى آخر وبعداً أكثر من سابقه لاسيما وان تلك الدولة تصر على استمرار هذا الانتهاك واعادته مرة اخرى.
ما حدث في الدانمارك من نشر الرسوم المسيئة لشخصية انسانية عالمية كشخص الرسول المصطفى(ص) من قبل بعض الصحف ووسائل الاعلام ونشرها بطريقة مثيرة للسخرية ومن ثم اعادة الكرة مرة أخرى وكأن الصحافة الدانماركية لم تجد موضوعاً آخر يستحق منها التوقف والمعالجة ولتأخذ دورها الرقابي الاعلامي سوى رجل عاش في عصره وأوانه بعيداً عن حدود وحقوق الدانمارك وقبل أكثر من ألف سنة، فهل توقفت عجلة الاعلام الغربي وتاهت موضوعاته واصابها القحط إلا من شخص الرسول ( ص ) ؟! وهل استطاع ذلك الاعلام ان يحل جميع الاشكالات ويضع حلولاً للمعوقات في بلادهم وأصبحت الدانمارك بيضاء لا هم فيها ولا غم والجميع فيها فرحون مسرورون؟!
هذا التجاوز لم يأت بحق ديكتاتور حكم بلد ما او دجال رسم للناس سراباً وخدعهم بسحره او عالم مجنون يدّعي العظمة، وانما جاءت بحق نبي من انبياء الله وخاتم الرسل وهو الرسول الاعظم وهو لم يكن رسولاً خاصاً بقومية او طائفة او شعباً بحد ذاتهم بل جاء بتعاليم الاسلام السمحة للانسانية جمعاء ومنه قد تعلمت هذه الشعوب المنادية بحقوق الانسان كافة الفضائل الانسانية وانه من اعظم الشخصيات التي نادت ودعت وطبقت حقوق الانسان وحافظت عليه.
الدانمارك والنرويج وغيرها لم تضع في حساباتها ان التجاوز على شخص الرسول مجرد انتهاك لحقوق الانسان بل انه انتهاكاً وتجاوزاً على رموز يعتقد بقدسيتها الملايين من البشر الساكنين في دول محافظة على حقوق الانسان، كما يعتبر استخفافاً لمشاعرهم واستفزازاً لهم وتحت اعذار واهية وضعيفة وانطلاقاً من ( مبدأ حرية الصحافة ) فقد تم انتهاك حقوق وحريات اخرى اكبر واعظم وأظنه قليل جداً ما قاله الشاعر:لا تنهَ عن خلق وتأتي مثله عار عليك اذا فعلت عظيم
ولا أدري ان كانت وزيرة حقوق الانسان قد اوضحت ذلك للجانب الدنماركي خلال زيارتها اواخر الاسبوع الماضي للدانمارك وتوضيح النمط الشعبي لمثل هذه الانتهاكات ام انها اكتفت بمناقشة اوضاع المهجرين العراقيين والحفاظ على (حقوقهم)!!.
https://telegram.me/buratha