حمزة مصطفى ||
ينساب صوته من أعماق الروح والوجدان ليلامس شغاف القلب. بلا موسيقى يؤدي أجمل الأغاني أمام مرضاه المصابين بكورونا. إنه الممرض العراقي من البصرة الفيحاء محمد كريم الذي نجح وحده بإنتاج لقاح وعلاج معا لمرض يخاف منه العالم كله من أقوى زعيم بيده مفتاح الزر النووي الى أبسط مواطن قد لايملك القدرة على شراء حبة إسبرين. مقاطع الفيديو التي إنتشرت لمحمد كريم واقفا أمام سيدة مسنة مصابة بكورونا في أحد مشافي البصرة وهو يغني لها بصوته الدافئ الحنين والحزين أغنية "أمي" إحدى أجمل أغاني سعدون جابر وجدت طريقها الى قلوب الناس عبر مواقع التواصل الإجتماعي ناشرة الفرح والأمل معا, وهما أقوى المضادات النفسية لهذا الوباء.
محمد كريم يوزع الفرح أمام مرضاه, فمن سرير السيدة العجوز ينتقل الى سرير آخر يجلس عليه شاب مريض فيغني له "سلامات" للفنان حميد منصور. وبينما شعرت السيدة العجوز بالفرح وهي تستقبل موجات صوت محمد الهادر بالحب والحنان فإنه سرعان ما إستحالت شحنة الحزن التي تختزنها كلمات الأغنية وطبقة صوت محمد الى كمية هائلة من الفرح الذي من شأنه إشاعة جو من السعادة والأمل في النفوس. فطبقا لما يقوله الأطباء فإن العامل النفسي أحد أبرز عوامل قهر كورونا والتغلب عليها.
وكثيرا مايوجه الأطباء نصائحهم للمرضى بأن تبقى معنوياتهم مرتفعة كما لوكانت وصفة طبية مع سلسلة الوصفات والوصايا بدء من غسل اليدين الدائم وإرتداء الكمامات والكفوف وتناول الأطعمة المفيدة لزيادة المناعة مثل أنواع الفيتامينات خصوصا فيتامين سي. ومع أن رفع المعنويات قد تكون مسألة ذاتية في الغالب فإن المريض يحتاج الى من يقف الى جانبه في محنته خصوصا حين يكون في المستشفى.
الجيش الأبيض ومنه الشاب البصري محمد لم يقصر في مهامه حيال المرضى, لكن ماقدمه محمد كريم من تجربة فذة فاقت كل التوقعات حين وظف حنجرته الذهبية في خدمة مرضاه. فصوت محمد أحد أقوى العلاجات التي يمكن توفيرها لمريض يمكن أن يتوقع كل شئ الإ صوت دافئ حنون يغني له ماقد يتمناه من أغنية خصوصا أغنية "أمي" التي كانت تليق تماما بتلك السيدة التي تلقتها بكل طيبة وحنان فريد من نوعه. محافظ البصرة أسعد العيداني سارع الى إحتضان صاحب هذه التجربة الفريدة فأستقبله وأكرمه وهي التفاتة هي الأخرى زادت هذا الشاب حماسا بعد أن وجد صدى مايفعله لدى المسؤولين. صوت محمد العراقي الشجي وصل الى الكاتبة الجزائرية المعروفة أحلام مستغانمي التي كتبت قائلة "إنه العراقي المعجون بالألم, المسكون بالشجن, الحنون لفرط ما إنظلم, المعطاء لفرط ما إنحرم.. حتى عندما يكون ممرضا في زمن الكورونا يواسي مرضاه بالأغاني, ويختار لكل مريض مايسعده حد البكاء, فوحده العراقي إن فرح بكى لأنه لايثق في الحياة لكنه مازال يصدق الكلمات لأنه إبن الشعر".
https://telegram.me/buratha