( بقلم : علي جاسم )
مرة أخرى يسجل إتباع أهل البيت (ع) ملحمة كبرى وسجلاً تأريخياً الأجدر بكافة مؤرخي الإحداث التأريخية والدينية ان يسجلوها ويثبتوها ليعطوها قدرها المستحق وموقعها المناسب كأكبر مظاهرة شعبية وأعظم مسيرة جماهيرية منتظمة هزت العالم بأسره ونالت الاعجاب والتقدير حينما زحفت الحشود المليونية العشرة صوب كربلاء قبل أسبوع واحد فقط لإحياء أربعينية الإمام الحسين (ع)، ثم عادت هذه الحشود نفسها وبإيمانها واصرارها نفسه على تسجيل حضور متميز في بقعة النجف الطاهرة ولتحيي هذه المرة ذكرى وفاة الرسول الاعظم (ص).هذه الحشود من الزائرين التي تقدر بثلاثة ملايين قد أكملت مسير اخوانهم الذي انطلق من كافة محافظات ومدن العراق نحو أرض الشهادة والفداء أرض إمام الإباء أبي عبد الله الحسين وأصحابه الذين قد اشتروا الخلود، خلود الدين الاسلامي والمواقف البطولية والحق والايمان ورفض الذب والجور، اشتروا خلودهم بفناء أجسامهم، وبقاؤهم رموزاً كالجبال بارتضاء سفك دمائهم.
ملايين الزائرين والسائرين والزاحفين حينما توجهوا الى كربلاء الحسين كان وفاء منهم لإمامهم واستلهاماً لدروس النهضة الحسينية التي جسدها الإمام وصحبه السبعون، دروس ومبادئ نهلها الحسين وارتواها من تعاليم جده المصطفى محمد (ص) وتزود من ذلك الفكر المحمدي الذي يخاطب عمه أبا طالب بقولته المشهورة ( يا عمي والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على ان أترك هذا الامر او اهلك فيه ما تركته )وهي نفسها الكلمة التي قالها أبو الاحرار في ارض الطف (ع) عندما أعلن بصوت عالٍ ( آلا وان الدعي أبن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة) ، وهاتان الكلمتان المحمدية والحسينية تقودنا الى فهم الحديث النبوي الشريف ( حسين مني وأنا من حسين ) لان الفكر نفسه والعقيدة نفسها والثبات ذاته، وهذا ما نلحظه ليس في هاتين الشخصيتين العظيمتين فقط، بل بانصارهما ومحبيهما وهذا بالطبع سببه عظمتهما ومكانتهما، فعقيدة الزاحفين صوب كربلاء هي نفسها عقيدة السائرين نحو النجف، والارادة القوية على تحدي جميع انواع واصناف ورموز الارهاب والمفخخات والاحزمة الناسفة والتي وجدناها وشاهدناها لدى شيعة الحسين، قد لاحظناها وعلمناها تماماً عند احباب الرسول الكريم دون أي اختلاف منذ الأيام الاولى لرحيلهما و ( استشهادهما ) وحتى اليوم بعد أكثر من ألف وثلاثمئة سنة ومازال الترابط الروحي بين انصارهما واحداً متوحداً وحاضراً في جميع الاوقات ومتجدداً عبر جميع الازمنة كونه تجسيدا حي بالارتباط بهذين العملاقين وشعور واحد بالانتماء لمدرستيهما، شعور لا يرضى ان يتبدد او حتى يتجزأ.
https://telegram.me/buratha