المقالات

الدولة الرخوة...والدولة العميقة  

1968 2020-06-23

قاسم الغراوي ||

 

لقد طرح عالم الاقتصاد والاجتماع السياسي السويدي "جنار ميردال" في سنة 1970، نظرية "الدولة الرخوة"، وبحسب هذه النظرية يرى "ميردال" أن كثيرا من بلاد العالم الثالث يعاني من خضوعه لما أسماه بالدولة الرخوة، وان هذه الدول الرخوة تكاد تكون هي سر البلاء العظيم، وسببا أساسيا من أسباب استمرار الفقر والتخلف.

ويقصد "جنار" بالدولة الرخوة، "الدولة التي تصدر القوانين ولا تطبقها، ليس فقط لما فيها من ثغرات، ولكن لأن لا أحد يحترم القانون، الكبار لا يبالون به، لأن لديهم من المال والسلطة ما يحميهم منه، والصغار يتلقون الرشاوي لغض البصر عنه"، أما الفقراء الذين لا مال لهم ولا رشاوي فيتم ضبطهم بواسطة أساليب جديدة/قديمة من القمع والتهم.

رخاوة الدولة تشجع على الفساد، وانتشار الفساد يزيدها رخاوة، والفساد ينتشر من السلطتين التنفيذية والسياسية إلى التشريعية، حتى يصل إلى القضاء والجامعات، صحيح أن الفساد والرشوة موجودان بدرجة أو أخرى في جميع البلاد، ولكنهما في ظل الدولة الرخوة يصبحان "نمط حياة".

ويقدم "ميردال" وصفا للطبقة الحاكمة التي تتكون في هذه الدولة، فهي تجمع من أسباب القوة ما تستطيع بها فرض إرادتها على سائر فئات المجتمع، وهي وإن كانت تصدر قوانين وتشريعات تبدو وكأنها ديمقراطية في ظاهرها، فإن لهذه الطبقة من القوة ما يجعلها مطلقة التصرف في تطبيق ما في صالحها وتجاهل ما يضر بها، وأفراد هذه الطبقة لا يشعرون بالولاء لوطنهم بقدر ما يدينون بالولاء لعائلاتهم أو أقاربهم، أو عشائرهم.

تتميز الدولة الرخوة أو الفاشلة بالعديد من الخصائص ومنها وجود قوانين متقدمة بدون تطبيق يمكن استعمالها لمعاقبة مناهضي الفساد أو المطالبين بحقوقهم.

ومع تعدد وتنوع في المؤسسات الدستورية  غير أن الهدف من هذه المؤسسات يبقى بعيدا عن خدمة المصلحة العامة

وكذلك وجود نخبة فاسدة تسعى لتحقيق مصالحها الشخصية وهم يمتلكون مصادر وأدوات القوة السياسية في المجتمع، وبالتالي يصغون السياسات العامة على مقياسهم ولصالحهم.

ومن خصائصها انقسام المجتمع إلى طبقات متعددة أو طبقتين وتفشي الفقر والتخلف في المجتمع، بالإضافة إلى استشراء الفساد وتأزم علاقة الدولة بالمجتمع، وضعف التنمية أو غيابها.

والدولة الرخوة تستعرض عضلاتها القمعية واستخدامها أمام تزايد مطالب الشعب.

وتدعم الأحزاب والنواب والمستشارين المستفيدين من الكعكة السياسية هذا السلوك للحفاظ على مكتسباتهم من خطر الشعب

وأخيرا، يمكن القول بأن الشعب الواعي بحقوقه وحرياته والمتشبع بالفكر لا يمكن أن تنال منه الدولة الرخوة بإساليبها التي اعتمدت عليها مهما طال الزمن.

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك