( بقلم : علي جاسم )
التغيرات التي طرأت داخل المشهد العراقي بعد أحداث نيسان 2003م، لم تنحصر بالواقع السياسي المرير الذي كان يعيشه أبناء شعب وادي الرافدين وتغير الأجندة السياسية والأفكار الشمولية المستبدة والقضاء على كافة مظاهر الظلم والتسلط، فقد شملت هذه التغيرات أيضا الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتربوية ومع ان جميع هذه الجوانب لها الأهمية والمساحة المستحقة من الحياة العراقية ومراحل بنائها وإعدادها، لكن قد يكون الجانب الاقتصادي صاحب الأثر الأكبر والشأن الأعظم لما له من ارتباط وثيق بمسألة إدامة الحياة الانسانية، وتعد سبيلاً مباشراً للحفاظ على كرامة الانسان وصونه من الوقوع في الخطأ والزلل.
اغلب الدراسات والاحصاءات تشير بأن نسبة العاطلين عن العمل بلغت 39 بالمئة من حجم القوى القادرة على العمل من مجموع سكان العراق الذي بلغ أكثر من 29 مليون نسمة حسب التقديرات الأولية، كما قد ذكرت مصادر رسمية ان عدد العاطلين قد بلغ مليوناً واحداً، وترافق هذه النسبة العالية من البطالة نسبة كبيرة من العطالة(أي البطالة المقنعة) وهي الفئات التي حظيت بفرص عمل لكنها في حقيقة الامر معطلة تستلم الأجور الشهرية من المعامل والمصانع والوزارات أيضاً دونما أي انتاج او تقديم عمل يستحقون عليه أجرا وبالطبع ليس الذنب ذنبهم وإنما السبب يعود الى كون العديد من هذه(المصانع) متوقفة عن العمل ومتعطلة وبحاجة الى إعادة تأهيل وترميم وتقديم الدعم لتوفير المواد الأولية ولتكون قادرة على العمل ودوران حركة وعجلة الانتاج وتقديم مصنوعات تستطيع الوقوف بوجه البضائع الاجنبية القادمة من بلدان تتسابق فيما بينها لإبراز تقدمها وجودة بضائعها وبالطبع تصلنا بأسعار تنافسية من خلال الحدود التي خلعت أبوابها وأصبحت مفتوحة واسعة بلا رقيب او مانع.
ان نسبة الـ39 بالمئة ليست بالعدد الهين او العدد الذي يمكن أي دولة ان تبني نفسها وتتقدم لاسيما إذا ما اضفنا لهذه النسبة عدد هؤلاء العاطلين المقنعين فأن النسبة قد تصل الى النصف وهذا يعني دون شك اننا بمواجهة خطر كبير وداء مستفحل لابد من معالجته ووضع الحلول له.
انطلاق حماة بناء واعمار العراق ستكون الحل الامثل والانجح لجميع هذه الاشكالات والمعوقات التي ترافقها فالدولة لا تستطيع بأي حال ان تستوعب هذه الاعداد الكبيرة من البطالة بوظائف حكومية وتكون هي الاخرى معطلة ايضاً، بينما من خلال البناء والاعمار سيجد الجميع فرصة في العمل ومجالاً لاظهار انتاجه واخراج قدراته وامكانياته فضلاً عن الفائدة العمرانية التي ستؤول اليها هذه الحملة بالتالي وما ستوفره من أموال تذهب الى الشركات الاجنبية مع اكتساب الخبرة والوقت، ومع ذلك فأن هذا(الحل) يستدعي كذلك سياسة اقتصادية ناجحة في تحريك القطاعات الاقتصادية العامة والخاصة والمختلطة وصولاً الى حل مشكلة البطالة وإنهاؤها او تقليل نسبتها على اقل تقدير.
https://telegram.me/buratha