المقالات

قراءة في الجولة الاولى من مفاوضات العراق مع امريكا  


جمعة العطواني ||

 

ثبّت رئيس الوزراء السيد الكاظمي مجموعةَ نقاط عدّها ثوابت في المفاوضات بين العراق والولايات المتحدة الامريكية من اهمها

١- انه يرتكز في مفاوضاته على راي المرجعية والبرلمان وارادة الشعب العراقي.

٢- ان مصلحة العراق اولا وثانيا وثالثا.

وعند العودة الى نتائج اللقاء الاول بين المفاوضين العراقيين ونظرائهم الامريكان لم نجد ثمة وجود للنقطتين اعلاه .

ففيما يخص التواجد العسكري الامريكي في العراق نجد ان التقرير يشير الى ( بقاء) القوات الامريكية في قواعدها في العراق، مع( تقليص) عديدها ، وهذا يتعارض مع المبدا الاول الذي ذكره السيد الكاظمي ، فالمرجعية أكدت في احدى خطب الجمعة انه (لابد من اخراج الغرباء من العراق)، في إشارة واضحة للقوات الأجنبية المتواجدة في العراق، وبالتاكيد فان القوات الامريكية تمثل مصداقا إجراميا لذلك التواجد ، فهي لم تكتف بتواجدها داخل الاراضي العراقية فحسب، بل اتخذت من الاراضي العراقية منطلقا للاعتداء على العراق جيشا وحشدا وشرطة اتحادية ومطارات مدنية، فضلا عن اغتيال اكبر قائدين في العراق المنطقة، الشهيد سليماني والشهيد المهندس ( رحمهما الله تعالى).

اما راي البرلمان الذي أشار اليه الكاظمي فان البرلمان اصدر قرارا يلزم الحكومة بانهاء الوجود الأجنبي من العراق، ولم يُبِحْ للحكومة تقليل عديد تلك القوات ، فاي قرار برلماني يتكيء عليه الكاظمي في مفاوضاته.؟.

واما ارادة الشعب العراقي، فارادته واضحة تجلت بالتظاهرة المليونية التي خرجت بعد العدوان الامريكي على مطار بغداد مطلع هذا العام، تلتها التظاهرة الحاشدة امام السفارة الامريكية في بغداد مطالبين بإخراج القوات الامريكية من العراق .

السيد الكاظمي يضرب بتلك الثوابت التي الزم نفسه بها عرض الجدار ويقر ببقاء القوات الامريكية في قواعدها .

اما النقطة الثانية التي اكد عليها السيد رئيس الوزراء وهي مصلحة العراق اولا وثانيا وثالثا، هي الاخرى ضُرِبت عرض الجدار، ولم نجد مصلحة العراق حاضرة في تلك المفاوضات.

فعلى سبيل المثال ان مصلحة العراق تكمن في سيادته وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبلدنا، وفِي هذه المفاوضات وجدنا ان الحكومة العراقية قد فتحت أبواب العراق على مصراعيها للإدارة الامريكية للاستهتار بالسيادة وباستقلال الدولة العراقية، فتقرير الجولة الاولى من المفاوضات تطرق الى تدخل امريكا في الانتخاباتِ المبكرة المزمع إجراؤها في العراق، وهذه الف باء الخصوصيات السياسيةِ لكل بلد، ومجرد الحديث عنها يعد تدخلا سافرا في الدولة وخصوصياتها، فالحديث عن نزاهة الانتخاباتِ وما شابه ذلك ليس من صلاحيات الولايات المتحدة الامريكية، نعم بامكان العراق ان يطلب المساعدة من الامم المتحدة، وبعثتها المتواجدة في العراق كمنظمة أممية( مستقلة) .

واما الحديث عن اجراء تحقيق بما حصل من عمليات اعتداء على المتظاهرينَ في العراق، نتصور هذه الفقرة تمثل استهتارا بخصوصية الدولة وسيادتها، وهي خارج موضوع المفاوضات التي يجب ان تقتصر على الملفات الثنائية بين البلدين ليس اكثر.

ولا ندري اذا كان موضوع التظاهرات واستخدام العنف ضد المتظاهرين يمثل محل اهتمام  البلدين ، فلماذا لم يدرج المفاوض العراقي موضوعة التظاهرات التي اندلعت في اغلب الولايات الامريكية جراء ( التمييز ) العنصري هناك ؟ وراح ضحيته العشرات من المواطنين السود وحتى البيض بسبب الاستخدام المفرط للقوة ، وتصريحات ترامب العنصرية واضحة في هذا المجال؟

كنت نتصور ان ادراج الملف الثقافي في المفاوضات يعبر عن تعاون مشترك بين البلدين فيما يتعلق بالبعثات التعليمية والثقافية التي هي محل الاهتمام، رغم علمنا المسبق ان المفهوم  الثقافي الذي تريدها امريكا في تعاونها مع العراق هو حالة التحلل والانحطاط الاجتماعي ومسخ الهوية الدينية والاجتماعية والتقاليد العشائرية التي تمثل بمجموعها هوية الشعب والدولة العراقية.

لكننا وجدنا امريكا في هذا الملف تساوم العراق على ارشيف نظام البعث المقبور وتجعله ضمن صفقة ومزايدات مقابل الحصول على امتيازات، علما ان هذا الارشيف سرقته الادارة الامريكية بالتعاون مع السيد الكاظمي اذ كان يعمل في موسسة الذاكرة العراقية تحت رعاية الاحتلال الامريكي .

اما الارشيف اليهودي الذي سرقته امريكا وإرسلته الى تل ابيب فلم يذكره ذاكر، ولم نعلم اين مصلحة العراق اولا وثانيا وثالثا ، بل اين مصلحة العراق عاشرا من هذا السكوت ؟

لا زلنا في الجولة الاولى ونسمع هكذا مقدمات في تلك المفاوصات، وعلينا ان نتصور النتائج التي تتبع إخس المقدمات كما يقول علماء المنطق .

ــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك