المقالات

افاعي الجسد  


مروج العبيدي

 

قال تعالى :- (( ( ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ))  ))…

آيةً من الذكر الحكيم لو تمعنا فيها عمق المعاني وروعة التصوير في خلق الله  للإنسان الذي فضّله عن سائر المخلوقات,, لما وجدنا كلمات تفي الشكر لله وحمدهِ على ما أنعمَ من نِعم لننُدرِك غاياتها الجليلة إلا بعد أن تجرُفنا سُبل الضياع والرذيلة في عصف  الرياح الصفراء التي تجعل من أجسادنا أ رض جرداء تكاد تخلو من كل شيء إلا  من كونها وكرٌ للأفاعي بمختلف ألوانها وإشكالها وأحجامها..تتخبط بشرها هنا وهناك..تُفرغَ سُمّها في أبدان الخطايا ليتجسد في النهاية شرها جسداً  بائداً يغصُ بزُرقة السم الزؤام.

خُـُلـِقنا لنكون تائبين طائعين شاكرين لله ونِعَمهِ ..فكل ما  لدينا  من أعضاء نابضة ماهي سوى وسيلة تقودنا إما لصالح أعمالنا وثوابها في دار القرار ..أو لشر مانبضتْ به أجساد جاحدة ناكرة لذكر الله.. هاوية في قعر الجحيم وبأس المصير.

لم نجعل من أيدينا التي خُلقت لتكون أول من يمسك القلم  حين كّرمها الله سبحانه وتعالى في أول سورة أُنزلت على نبيه الكريم محمد ((ص)) وهي ((أقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم )) ..بأن تكون أفاعي ترمي بسحرها المسموم حروفا على أسطر من نار ؟!! لما نجعلها ملطخة بدماء الأبرياء !!! وهي تلتف على أجسادهم وأعناقهم ظلما وعدوانا وهي خُلقت لتكون عوناً لصاحبها وما يحوطه  لجمع الخير ..ورَفْعها ذلاً إلى بارئها تستجدي الدعاء من فيض رحمته لكسب الآخرة بصالح أعمالها.

أما أقدامنا فهي مسير خطواتنا في دروب النجاة والفضيلة ..هي التي تقودنا لحسن الخاتمة بما تخلفه من خطوات راسخة وأشواط قيمة زاخرة بالبر والإحسان ..لما نجعلها ثعبان أهوجْ يبتلع المسافات  بشراهة وحقد , بغية الوصول إلى نشوة الافتراس ..متلذذاً باعتصار ضحاياه في جوفه المظلم المسموم.

وأي معنى تلك التي تحمل ألسنة محتقنة بحروف  مهولة قاتلة ..يجسدها اللسان الذي يحتمي غيهب أفواه خائنة..وأنياب خارقة..  أفواه ترسم البسمات المزيفة من مكر ثغرها..لا ندرك معنى ابتساماتها  ووقع حروفها إلا بعد أن تتلقى منها لسعة ترديك قتيلا بسمها الساحر الذي لا يلبث أن يرمي بأول حرف منه حتى نال منك فريسة واهنة.

وهناك ماهي أمر وأدهى من ألأفاعي  التي تموج جوفك المتخبط بحركاتها ورقصها على نبضات دنيئة تسّولُها الأنفس  من أكل السُحت وشرب المُنكر وقتل الحلال بما تفرِزه من عُصارات مسمومة تسري في ثنايا الدم الأحمر الرائق ليتحول إلى بركان أسود بحمَمهِ وسيل الزؤام الأخرس.

لما يكون الشر عنوانا لكل جزء من أجسادنا؟؟ حتى وان كانت أفاعي..فمن الأفاعي  ما يؤكل ومنها ما نستخرج منها الدواء لأصعب داء ..ومنها ما تكون لنا خلاصا من القوارض والمخلوقات الضارة ..إذن.. فلنرتقي بمعاني الحياة أسماها  وأروعها ..وننبذ التحوير بمفرداتها وقوانينها الكونية لنستخدم كل ما خلق الله لنا ومما حولنا ما يبجل أعمالنا  ويضعها في مكانها  الذي وجدت لأجله ,, لأنها ستكون الشاهد الوحيد لكل الذنوب المقتَرفة  وكل الحسنات المدّخرة في دار القرار.

 

قال تعالى ((يوم تشهد عليهم أيديهم وأرجلهم بما كانوا يكسبون)).

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك