( بقلم : علي جاسم )
في كل صباح من الصباحات المشمسة التي تلقي أنوارها في ربوع أرضنا ومدننا السمراء وفي كل يوم من الأيام الدراسية يحمل المعلم العراقي على كاهله وصدره املاً جديداً في ان يتمكن بشكل فعال من أداء رسالته الإنسانية والتربوية والأخلاقية ليسهم في بناء الوطن والمجتمع بناء صحيحاً ومتقدماً في كل يوم يحمل رسالته هذه مع ما يحمل من هموم العيش وشظفه والامن وتذبذبه وهموم أخرى تكاد تضيع وسط أهمية وأولوية (أداء الرسالة) التي في عنقه فيعلق جميع هذه الهموم والآمال عل عصاه المستقرة على كتفه وهو يخط أقدامه نحو بناء الأجيال حتى غدا كأنه نبي ورسالته تعليم الحروف.
في كل يوم من أيام عمر المعلم الموزعة ما بين السبورة والحروف المرسومة عليها الى الدفتر والسطور المتخمة بأبجدية الأفكار التربوية والأخلاقية يحمل هاجساً وطنياً ودافعاً أخلاقيا ليتناسى كل هموم الارض وجميع مصاعب العيش والظروف السيئة والقاهرة التي تحيل حياة الانسان الى ظلام دامس وارض بور لا تنتج أي ثمار غير آبه بتلك التحديات والمغريات الاخرى إيمانا منه بانه هو وحده من يضع بداية الحضارة ويضع اللبنة الاولى لتقدم أي مجتمع ينتمي اليه وتثمر من تحت يديه زهور وثمار الاطباء والمهندسين والاقتصاديين والعسكريين ورجال الدين وكافة فئات وأصناف بناة الحضارة.
المعلم لم يضع يوماً في حساباته الموازنة بين الحقوق والواجبات ولم يرفع صوته لمطالبة بمميزات وخصائص مادية تُعطى لغيره إلا بعد ان استفحل الامر وكاد ان يتأثر أداء رسالته التربوية بعد ان ضاقت به سبل العيش ولم تتوافر له أسباب الحياة الكريمة وبما يحفظ كرامته كمربي للأجيال.
هذا العام مرت ذكرى (عيد المعلم) دون احتفال او احتفاء سواء أكان رسمياً على مستوى دولة او وزارة ام على مستوى تربية او حتى مدرسة اما السبب فهو (انغماس) المعلم بأداء واجباته المهنية وانارة وفتح الآفاق أمام الطلبة صانعي المستقبل ففضلت الاسرة التربوية ان تؤجل احتفالاتها واستغلال هذا اليوم لتعلم بدلاً من اضاعته وكعادة أصحاب الرسالات أشعلوا أنفسهم شموعاً وقناديلاً لدرب الاجيال بدلاً من اشعال شموع الميلاد!.
https://telegram.me/buratha