المقالات

فهل تفعلها إيران لصالح العراق ؟؟ .....

1472 01:01:00 2008-03-03

( بقلم : علي عبد الهادي الأسدي )

هذه كلمات كنت قد نشرتها بتاريخ 27 / 3 / 2007 م ، وقد رأيت إعادة نشرها بمناسبة زيارة الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد

قال محمد حسنين هيكل - في كتابه حرب الثلاثين سنه في الجزء المتعلق بحرب السويس - : (( ليست هناك سوى المصادر الأمريكية سبيلا وحيدا لمعرفة ما دار بين الرجلين الملك عبد العزيز آل سعود وروزفلت في ذلك اللقاء الحاسم والوحيد بين الرجلين يوم 13 فبراير عام 1945 )) ، لقد كان هذا اللقاء هو اللقاء الوحيد بين الرجلين ، حيث حل الملك عبد العزيز آل سعود ضيفا على الرئيس الأمريكي ، وعلى الطراد الأمريكي الذي كان راسيا في منطقة البحيرات المرة في قناة السويس المصرية .

ويمضى هيكل متحدثا عن هذا الاجتماع التاريخي الحاسم (( وفي ملفات وزارة الخارجية الأمريكية لسنة 1945 تقريران عن لقاء ابن سعود وروزفلت ، وكلاهما كتبه الكولونيل ويليان ايدى الوزير المفوض الأمريكي في جدة ، وكان حاضرا مع الرجلين أثناء لقائهما ، وكان هو الذي تولى الترجمة بنفسه بينهما ، وهناك إشارة في احدهما إلى تقرير سري له أهمية خاصة يحتوى على المسائل فيما بحث بين الرجلين ، وقد لاحظ الكولونيل أيدي أن هذا التقرير الخاص صدرت بشأنه تعليمات تقضي بكتابته من نسخة واحدة وإيداعه ملفات البيت الأبيض ، وليس وزارة الخارجية )) وفي موضع آخر يقول هيكل (( وأما التقرير الثالث الذي أودع خزائن البيت الأبيض فقد تركز على العلاقات الثنائية بين الأسرة المالكة السعودية وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية )) انتهى .

افترض الآن ؛ أن رواية هيكل المتقدمة تتضمن قدرا كبيرا من الصدق و الصحة ، و يعزز هذا الافتراض جملة من المعطيات منها ؛ العلائق الخاصة جدا بين الأسرة السعودية وبين الإدارات الأمريكية المتعاقبة جمهوريها وديمقراطيها ، ومنها أيضا موقف الإدارة من السعودية بعد أحداث 11 سبتمبر ، فعلى الرغم من أن الحدث قد قاد إلى إحداث تغييرات جوهرية في التعامل الأمريكي مع قضية الإرهاب الأصولي /الإسلامي أينما وجد ، لكن يلحظ المراقب أن تلكم التغييرات لم تلامس منابع الإرهاب وروافده في السعودية بشي من القوة أو الحيوية الفعالة ، إلا الدعوة الخجولة التي وجهتها بعض مراكز الدراسات الأمريكية والإعلامية إلى ضرورة قيام المملكة بتغيير مناهج التربية والتعليم لديها ، لكنها لم تجد لها سبيلا إلى التنفيذ ، بل لم تجد صدى مؤيدا لها داخل المملكة . ومع ذلك بقيت تلكم العلائق على درجة عالية من المتانة والقوة .انه تحالف قوي النسج متين البنيان .

ثم من يدري فربما هناك تحالفات مماثلة بين أمراء آخرين من دول الخليج وبين الإدارة الأمريكية مودعة وثائقها في خزائن البيت الأبيض لا يطلع عليها إلا الرؤساء الأمريكيون .و تأسيسا على رواية هيكل فانه يمكن القول: إن الإدارات الأمريكية المتعاقبة ملزمة بتقديم الحماية والدعم اللازمين لبقاء الأسرة السعودية على سدة الحكم ، مقابل أن يلتزم آل سعود بتنفيذ الأجندة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط ، بل أينما يطلب منها ذلك وامتلكت القدرة على التنفيذ .

لقد أرسل - رالف بيترز في مقاله الأخيرة في (( نيويورك بوست - ترجمة: وكالة الملف برس )) – إشارات ودلائل على وجود هذه الالتزامات بين الطرفين – الأمريكي و السعودي - يقول : (( حتى 11 سبتمبر، أفلت السعوديون من العقاب على فحش التطرّف في هذا البلد، وثمة مساجد كثيرة هنا في أميركا مموّلة سعودياً، ما فتئت تبحث عن كل السبل لمنع المسلمين من الاندماج في المجتمع الأميركي )) . ويقول أيضا في نفس مقاله : (( لكن السعوديين يعملون في كل الأحياء الفقيرة البائسة في القاهرة، لاهور، دلهي، استنبول، ليحرّضوا الناس على كراهية الأميركان )) . ويقول أيضا : (( حسناً لأروي لكم ما رأيته أنا بأم عينيّ: في العشرات من البلدان الإسلامية ومختلطة الأديان التي زرتها، رأيتُ أنّ الأموال السعودية تصرف بإسراف لتمزيق المجتمعات المرهقة أصلاً، لمنع التقدم العلمي والاجتماعي لمسلمي تلك الدول ولتأجيج الأحقاد ضد الغرب )) .

كيف يمكن تفسير هذا الاضطراب والتدافع بين النشاط الوهابي السلفي التكفيري (( الإرهابي )) ، وبين السياسة الأمريكية المعلنة في مكافحة الإرهاب ، وملاحقته أينما وجد على بقعة من بقاع الأرض ؟؟ !! .لا شك إن احتلال العراق ، ومن قبل أفغانستان ، قد ولدا مزيدا من الكراهية إزاء أمريكا ، ولا شك إن هذه الكراهية المتزايدة قد أنتجت فورات من الاندفاعات الإرهابية (( الجهادية )) ، انطلقت من حلقات دارسي المذهب الوهابي في مختلف البلاد العربية والإسلامية ، و اتجهت إلى العراق لتتخذ منه ساحة لإجرامها ، ولتجد من المجموعات الإرهابية العراقية - السلفية التكفيرية والبعثية - حليفة وثيقة ، و حواضن أمينة . وقد كشفت التحقيقات الجنائية ، و هويات الانتحاريين والقتلى في المواجهات المسلحة في العراق عن هذه الحقائق .

لم لم تتخذ الإدارة الأمريكية إجراءات صارمة إزاء السعودية ، لأجل أن تكبح الأخيرة من جموح هذه الفورات الجهادية ، أو تقمعها في مهدها ، فهل حصلت الإدارة الأمريكية على تطمينات من السعوديين بان لا تمسها هذه الفورات بشي من الأذى والسوء ، وإنما هي موجهة لشيعة العراق بالخصوص ، وهو ما يؤكده واقع العمليات الإرهابية الإجرامية الجارية في العراق اليوم ؟؟؟؟ .

نعم . السعوديون قادرون على تنفيذ هذه التطمينات ، وذلك بسبب التحالف القديم بين آل سعود وال الشيخ قادة الفتيا في المملكة ، فلاحظ كثرة الفتاوى الصادرة تحت مرأى ومسمع آل سعود ، التي حكمت بكفر الشيعة الروافض الصفويين ، والى غير ذلك من الأوصاف والنعوت الظالمة . ومع هذه الكثرة لم يصدر أي إجراء جدي يمنع منها ، أو يعاقب عليها . إن التغيير الحاصل في معادلة الحكم في العراق اليوم أنتج أزمة تلامس النظام السعودي بشيء من التهديد الجدي .

وقد أثار البرنامج النووي الإيراني أيضا القلق والمخاوف لدى دول مجلس التعاون الخليجي ، ولاسيما النظام السعودي ، وإذن لقد أصبح أمام السعوديين أزمتين ؛ الأولى التغيير الحاصل في معادلة الحكم في العراق ، والثانية البرنامج النووي الإيراني .في الأولى ؛ على السعودية أن تواجه أمريكا وتتقاطع معها .وفي الثانية ؛ أن تلتقي مع أمريكا وتتعاون معها في مجال رسم صور المواجهة مع إيران .واحسب أن المخطط الاستراتيجي السعودي لا يرى حلا لكلا الأزمتين إلا بإثارة النزاع الطائفي في الإقليم . لان في هذا النزاع تبقى معادلة الحكم في العراق متزلزلة غير مستقرة ، وهو بنفس الوقت يعزل إيران القوة الشيعية الأعظم في المنطقة عن عمقها الإسلامي ، وفي هذا العزل مصلحة أمريكية عليا في مجال حسم الخلاف حول الملف النووي الإيراني بالضربات العسكرية .

واحسب أن هذا التقاطع الأمريكي - السعودي في القضية العراقية ، وذاك التلاقي الأمريكي - السعودي في الملف النووي الإيراني والملف اللبناني يشكل مرجعية صالحة لفهم سر التخبط الأمريكي في العراق ، واهتزاز مسارات المعالجة لازمته الدامية . ولسوف يبقى العراق الخاسر الأكبر في هذا الصراع القذر إن استمر ، و بقيت أطرافه متصلبة في مواقفها .

أما إذا استطاعت إيران حل أزمة ملفها النووي مع المجتمع الدولي بالوسائل الدبلوماسية ، حينها يمكن إسقاط الإستراتيجية السعودية في وحل الهزيمة المرة ، وحينها يخرج العراق من أزمته الدامية المريرة ، فهل تفعلها إيران لصالح العراق ؟؟ وتتخلى عن برنامجها الطموح وتعيد العلاقات الدبلوماسية مع أمريكا ، أو تعلن هذا العام عن نجاح تجربة التفجير النووي الأول ، وفي أي من الحالتين إن حصلت تبدأ عروش أنظمة الإقليم بالاهتزاز ، وربما بالسقوط .

علي عبد الهادي الأسدي / النجف الأشرف

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ام منتظر
2008-03-07
حتى وان تخلت ايران عن برنامجها النووي فلن ترضى عنها امريكا حتى تتخلى عن سياستها في دعم قوى التحرر في العالم ومن ثم الاعتراف بدولة اسرائيل و..الخ . هم لايريدوا حكومة وطنية ذات سيادة كايران ان تصبح دولة قوية ومتطورة نوويا ( خوفا على مصالحهم في المنطقة) كي تبقى ضعيفة كباقي الدول العربية ولقمة سائغة لهم ولولا خوفهم من قوتها لقضوا عليها لذلك فالافضل ان لاتتخلى عن برنامجها النووي السلمي (واعدوا لهم مااستطعتم من قوة ..)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك