( بقلم : علي جاسم )
يمكن لأي نظام أمني وعسكري في أي دولة في العالم ان يحارب أي عدوان يتعرض له ومهما كانت قوة العدوان واستعداد ذلك النظام الامني حتى وان وصل الامر أدنى حدّ له الى المقاومة البسيطة فقط ان كانت امكانياته العسكرية اقل بكثير من الهجوم المقابل له، وهذا التصدي العسكري الذي يتراوح بين النصر او الاخفاق او مجرد المقاومة يمكن ان يكون سهلاً هيناً وحساباته معروفة لان العدو واضح وجلي دون خفاء او تستر فتكون المعركة بسيطة اذ ما قورنت بالمعركة الاخرى الاصعب التي يحارب فيها احد الاطراف طرفاً اخر خفياً دون تحديد ملامحه او قسمات وجهه فيبدو وكأنه يحارب شبحاً لا وجود له.
وهذه المعركة التي تخوضها الدولة حالياً مع العدو الجديد المسمى بالفساد الاداري والمالي هي من أعتى المعارك سيما وان المعركة سابقاً وحتى الاشهر القليلة الماضية كانت مع بؤر الارهاب وزمر التكفير والتي كانت ورغم قساوتها وشدة خسائرها معروفة الجهة والمقصد والاهداف، غير ان الفساد المستشري عندنا اليوم أصعب بكثير من الارهاب لاسباب عديدة منها عدم معرفة الوجه الحقيقي له او الاشخاص المفسدين فعلاً كون الفساد غالباً ما يأتي من قبل اشخاص متنفذين ومتمركزين سلطوياً فيعمدون الى سوء استغلال السلطة لمنافع شخصية ضيقة كعقود وهمية في البيع والشراء والصفقات الوهمية والرشاوى والمحسوبية فضلاً عن التمايز القبلي والحزبي والطائفي.
الاعوام السابقة قد شهدت تقديم عدد من الوزراء والمسؤولين للمحاكمة ورفع الحصانة عن عدد من النواب واعتقال اخرين في الاجهزة الرسمية والتنفيذية وبدرجات عليا، وهو ايضاً ما طرحته هيئة النزاهة من خلال مشروع محاسبة المسؤولين عن طريق تقديم لوائح ومؤشرات بحجم ( ما يكسبونه من المال ) ومطالبة البرلمانيين باعلان حجم دخلهم وتوضيح كل مصادر الدخل بالتفصيل، فضلاً عن المطالبة بتقليص الفوارق الكبيرة بين رواتب الموظفين في الدرجات الدنيا والعليا وسد جميع منافذ الفساد والنقاط التي يتخلخل منها.
ان اعلان عام 2008 م عام الحرب على الفساد الاداري والمالي ودعم المؤسسات الرقابية كهيئة النزاهة ودوائر المفتشين العامين في الوزارات والرقابة المالية والسلطة القضائية، كفيل بتعزيز الاقتصاد الوطني وصيانة مشاريع الاعمار وتوجيه الاموال نحو فائدة المصلحة العليا واسترداد اموال كانت تذهب لتمويل الارهاب ومصادرة حياتنا.
https://telegram.me/buratha