المقالات

إصبع على الجرح؛ بصاق في ذاكرة الرفاق ..    


منهل عبد الأمير المرشدي

 

من خلال متابعتي لصفحات التواصل الإجتماعي بما فيها من من صدق أقل من القليل وكذب اكثر من الكثير  اضافة الى ما نقرأه زيف ونفاق وبهتان وافتراء خصوصا اولئك الذين يطلّون علينا بعيون دامعة وقلوب خاشعة يذّكرون ويستذّكرون الأيام الخوالي لأخو هدلة الغالي وبطل الحفرة المغوار صدام العار .

 لقد أخترت مقطعا زمنيا قصيرا لما كنّا نعيشه في أيام فارس الأمة و(سليمة التطمه) بمفردات ليس من السهل ان ننساها نحن الذين عشناها تحت  نير المزاج المعتوه وارهاصات الفكر السادي للطاغوت الأرعن .  كانت الساعة السابعة مساءا من يوم 17 تموز في تسعينات الحصار المرعب عندما فوجئنا بقطع أفلام كارتون السندباد الذي كان العراقيون يتابعونه عن بكرة ابيهم الذي يعرضه التلفزيون من دون ان يذكر فيه اسم الحزب القائد والرئيس القائد وأحاديث القائد.

 يطل علينا المذيع بعيونه المشرئبة وشاربه المتدلي فوق شفتيه وبنبرة خطابية عصماء  ليقرأ علينا كليشة حفظناها عن ظهر قلب كوننا نسمعها في كل سنة عشرات المرات وقبل الأكل وبعد الأكل حين كان رغيف الخبز الأسود معجونا بالنوى والتراب والشوائب  .. قال المذيع .. سيداتي انساتي سادتي  ايها الشعب العراقي العظيم .. يا جماهير الأمة العربيه المجيدة ايها الأحرار في كل مكان وحيثما كنتم ..

بعد قليل سيطل عليكم السيد الرئيس القائد المهيب الركن القائد العام للقوات المسلحة الأمين العام لحزب البعث العربي الأشتراكي أمين سر قيادة قطر العراق رئيس الجمهورية بطل التحرير القومي السيد الرئيس القائد الضرورة صدام حسين حفظه الله ورعاه . وسيلقي على مسماعكم خطابا قوميا تأريخيا مهما وشاملا فالى ذلك نسترعي الأنتباه .

بعدها مباشرة يجد العراقيون انفسهم يعيشون على انغام (( العزيز انت .. انت )) ما ان تنتهي الأغنية الأولى بحب القائد حتى يطل علينا نفس المذيع وبنفس عينيه اللتان تبرقان بحب الوطن والبعث والمبادئ والقائد ويعيد علينا بذات النبرة والصراخ نفس الكليشة وبنفس اللوحة باللون والتريشة ويقول سيداتي انساتي سادتي  ايها الشعب العراقي العظيم  وصولا الى فإلى ذلك نسترعي الأنتباه  ..

عندها مباشرة يطل علينا مطرب اخر ليتغنى ويصدح باغنية هيبة انت وصدر ديوان . قبل ان تنتهي الأغنية التي تقطع بشكل مفاجئ ايضا يطل علينا نفس المذيع بنفس العينين الدامعتين البارقتين الحالمتين الساهرتين والشارب المدهون والمفتول ليقول الذي قاله في المرتين السابقتين  ..

يستمر الحال على هذا المنوال وتعاد علينا الأسطوانة المشخوطة بين اغنية رئاسية واخرى حتى ساعة متأخرة من الليل والمذيع يؤكد ويعيد علينا ذات الكليشة بذات النبرة والصراخ وبعد اربع ساعات من الأعادة يطل علينا مذيع آخر تبدو عليه السكينة وتلوح من افق محياه كل المعاني الثورية للمبادئ القومية وبعد صمت لحظات ينطق القول الفصل ويقول .. سياداتي انساتي سادتي ..

 قناة تلفزيون العراق وقناة الشباب واذاعتا بغداد وصوت الجماهير والأذاعة الكردية وكافة الموجات العاملة ننتقل بكم الان على الهواء لنقل الخطاب التأريخي للسيد الرئيس القائد صدام حسين حفظه الله ورعاه . يختفي المذيع ليطل علينا لطيف نصيف جاسم  وزير الثقافة و الأعلام ببدتله الزيتوني وسعفتيه الصفراويتين اليابستين الساكنتين على الكتفين وبابتسامته العريضة  الخجولة ليهيئ لأبناء الشعب العراقي المبتلى بالصرعة القومية لحظة اللقاء التأريخي والفرصة التأريخية والحدث التأريخي الجلل  و يقول .. ايها الشعب العراقي العظيم يا جماهير الأمة العربية المجيدة .. يا احفاد حمورابي و السفر الخالد لبطولات سعد وخالد والقعقاع ..

 ايها الأحرار في العالم في كل مكان وزمان وعنوان .. ها نحن ننعم معا بالأستماع لصوت الحق والحرية .. صوت العز والبطولة والتحدي . صوت الفارس المقدام  والبطل الهمام  والعقل الفلتة السيد الرئيس القائد البطل صدام حسين حفظه الله ورعاه .. ايها الشعب العراقي العظيم .. ((يصمت)) . ثم يختنق بالعبرة . ويقول . القائد يتحدث اليكم ... هنا ومباشرة بعدها يصدح صوت السلام الجمهوري ..بكلماته التي كتبها الشاعر شفيق الكمالي الذي اعدمه صدام رميا بالرصاص بتهمة الخيانة العظمى واختار قصيدته (وطن مد على الأفق جناحا)  لتكون هي النشيد الوطني لجمهورية العراق . !!!   .

يطل علينا اخو هدلة المهزوم شر هزيمة من كارثة الكويت ليبدأ خطابه التأريخي والشامل والمهم بجمل لا تشبه بعضها وكلمات ليس بذي معنى يدوخ بها  الشعب العراقي الذي لم يفهم منها شيئا سوى مدح صدام في تاريخ ( الثورة البيضاء ) وبطولات الرفاق في قطع الأعناق والأرزاق الى ان بقول .. عاش العراق العظيم عاشت الأمة العربية المجيدة عاشت فلسطين حرة ابيه والله اكبر  .. الله اكبر وليخسأ الخاسئون .. بعده ..  سلام الجمهوري .. اغنية العزيز انت .. المذيع مرة اخرى نفس الكليشة .. يزف لنا بشرى اعادة الخطاب التاريخي الهام والشامل والمهم جدا جدا و( لعب لعب الخضيري بشط ) . !!!

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك