( بقلم : علي جاسم )
الطقوس والشعائر الدينية والاجتماعية هي عادات مكتبية منذ القدم وموجودة في كل بلد من بلدان المعمورة فتوجد عدة طقوس وعدة شعائر في بلد واحد إن كان يوجد فيه اكثر من دين او مذهب، وشعوب هذه البلدان تمارس طقوسها وشعائرها بحريّة تامة وبصدور متسعة دون خوف او ترقب او خجل او وجل، هذه الشعائر والطقوس الدينية تقام وسط المدن الكبرى والصغرى على حد سواء بعد اغلاق شوارعها وقطع الحركة عنها وبمساعدة قوات الامن ليتسنى للمحتفلين اقامة احتفالاتهم وشعائرهم بنعمة ورفاهية تحسدها عليها الدول النامية او التي تجيء في اخر الصف.
والعراق احدى الدول التي تمتلك شعائراً وطقوساً بعضها مرتبط بأسباب سياسية والاخر بأسباب سياسية- دينية مشتركة - وقسماً له جذور دينية خالصة وبعضها الاخر هي عادات اجتماعية بعيدة عن هذا وذاك، وقد كان العراقيون قديماً يدأبون على إقامتها وتنظيمها وحسب مواعيدها أفقياً وعمودياً بما يسمح له مزاج السيد الحاكم او التأثيرات السياسية الناجمة عن هذه الشعائر على مسار الحكم، ولأن الارض العراقية قد احتضنت العديد من المراقد الدينية لبعض الانبياء والائمة الاطهار (عليهم السلام) ورجال الدين الصالحين فكان من الطبيعي ان تكون تلك المراقد تجمعات ومزارات لابناء الشعب وهم يحطون رحالهم عندها وتكون فرصة للقاء وتعزيز العلاقات الاجتماعية في مناسبات خاصة او في حالات اعتيادية يومية.
واربعينية الامام الحسين (ع) التي مرت ذكراها علينا الايام الماضية هي احدى تلك الطقوس والشعائر التي مارسها العراقيون منذ ما يزيد على الالف وثلاثمائة سنة وخلال اعتى الفترات السياسية والدموية بدءاً من يزيد صاحب الامر في قتل الامام الحسين (ع) ومروراً ببقية خلفاء بني أمية ثم بني العباس وما توالت بعد ذلك من قوات احتلال وقيادات غير عراقية تحكمت بمصالح البلاد ورقاب العباد وانتهاءً بالنظام المقبور صدام وسلطانه الجائر الذي كان في هذه المناسبات كلما يمعن في تضييق الخناق على ابناء الشعب وممارستهم لزيارة ائمتهم (ع) كلما ازداد اصرار الجماهير على تحدي هذا التضييق والسعي لإدامة التواصل الروحي مع آل الرسول (ص) في كربلاء المقدسة والنجف الاشرف والكاظمية وسامراء العسكريين ( ع ).
والغريب انه حتى بعد زوال نظام صدام وجبروته فمازالت اذنابه تحاول ترهيب هؤلاء الزائرين والتعدي عليهم وبمختلف انواع الوسائل الارهابية والاجرامية التي قد تخطر ببال أحد مثل محاولات غلق بعض الطرق القريبة واجبار الزائرين الى التوجه لطرق اخرى أبعد لبذل جهد أكبر، ودس السم في مشروبات ومأكولات توزع على مواكب الزائرين والى الخطف واطلاق الرصاص وقذائف الهاون والى التفخيخ والتفجير بواسطة العبوات الناسفة والسيارات والدراجات المفخخة واحزمة ( الرجال الشجعان )!.
كل هذه الوسائل مورست بدناءة وقباحة خلال السنوات الماضية ضد الابرياء العزل الذين يقصدون مراقد دينية وائمة اطهار (ع) كان لهم دور كبير في مسيرة الحياة الانسانية جمعاء وعن عقيدة يؤمن بها اصحابها سواء سيراً على الاقدام او لطماً على الوجوه او البكاء على ابواب الاضرحة، المهم انها وسيلة أتصال روحي وعمل عقائدي يؤمن به طائفة او قومية لا تتعارض على الاطلاق مع مبادئ التوحيد والعدل والايمان وكافة مقومات الرسالة السماوية التي أتى بها خاتم الانبياء والمرسلين (ص) أي انها لا يمكن ان تكون خطراً او شركاً يهدد الاديان والمذاهب الاخرى سواء أكانت في العراق ام خارجه لانها بعبارة بسيطة عقيدة وممارسات وعادات واضحة وسهلة لا التواء فيها ولا تعقيدات سياسية او مناورات عسكرية!.
التعرض الى المواكب وقوافل الزائرين ليس شيئاً جديداً او غريباً بل على العكس انه متوقع من اغلب البسطاء من الزائرين فضلاً عن السياسيين والمحلليين والخبراء العسكريين لأن كلا الطرفين ( الزائرين / الارهابيين ) قد اعلنا عن اهدافهما بوضوح مثلما كشفا عن وجوهما دون لبس او حياء ، واصبح دافعاً يزيد السائرين ثقة واصراراً على الاندفاع والمضي الى الأمام.
https://telegram.me/buratha