المقالات

رمضان عشرة عمر  

1058 2020-04-24

هادي جلو مرعي

 

كانت الشمس تلقي بجبروتها في الفضاء المفتوح، بينما عمال البناء رفقتي يستعدون للذهاب الى بيوتهم القريبة من موقع العمل، وكان عبارة عن مدرسة للصغار، وكنت صائما مطلع شهر رمضان، وكان جاء ذلك العام في بداية الصيف، وكنت قررت البقاء حتى يعودوا لنكمل العمل، حتى الثالثة، أو الرابعة عصرا، وإحتميت من الشمس في ظل الجدار المبني للتو، والمرتفع قليلا، ثم تتالت الأعوام وكان يأتي ذلك الشهر المفعم بالتحدي متقدما بضعة أيام حتى إستهلكت التسعينيات وأنا أصومه دون تردد.

في التسعينيات من القرن الماضي تقدم رمضان نحو الربيع، ثم ذروة الشتاء، ثم الخريف، وكان يستهلك سنينا عدة، وهو لايفارق البرد، أو الدفء بعيدا عن الجحيم الذي يعدنا به الصيف، وفي بعض لياليه الباردة كنت أرتجف من شدة البرد وأنا أصلي رفقة قريب لي صلاة الليل، وبعضا من النوافل والصلوات المستحبة، وأقوم وليال القدر، أو أتلوا القرآن والدعاء، بينما كنت أرجو بعض الدفء حتى إنتهيت معه الى الصيف مطلع الألفية الثالثة، فصار يباغتنا في سبتمبر، ثم في أغسطس القاسي، ويوليو ويونيو، وهاهو يعود الى سابق عهده عندما بدأت علاقتي الطيبة به، مقتربا من الربيع، ومنتشيا بالمضي نحو قلب الشتاء خلال سنين مقبلة قد نعيشها، أو لانعيش.

ومثلما كنت أصوم في الشتاء، وأرتجف في الليل من شدة البرد كان علي أن أتحمل قسوة الصيف وحرارته التي كنت أشعر بها في دماغي حتى إنني لسبب ما كنت في مكان من بغداد قبيل المغرب، وكنت أشعر أن رأسي مثل قدر فيه ماء يفور، وكنت أقول لصاحبي ذلك، فكان لايعترض، فهو يعاني مثلي، وكنت أمر على مرآب السيارات مغادرا الى البعيد كل يوم قبل أن يؤذن مؤذن المغرب لعلي أصلي قبل ذلك بدقائق، وكنت أبتاع قنينة ماء بارد، وأرمي به على وجهي، وكنت أنظر الى رجل يجلس جواري في السيارة أعرفه، وكان يعمل بالمياومة، وكانت شفتاه مبيضتان لفرط العطش والتعب.

يأتي شهر رمضان هذا العام غير بعيد عن نهاية الربيع، وليس بالبعيد عن مطلع الصيف، ولكننا لن نعاني كثيرا لامن برد، ولامن حر، وإن كان البرد أيسر من الحر في بلد مثل العراق، لكننا نعيش معاناة الخوف من وباء كورونا، ومخاطر إنهيار العالم، وجائحة الفقر، والحاجة، ونشعر كم إننا بحاجة الى الله. فليس الصالحون هم الذين يتقبلهم الله وحسب لأن هناك من هم أكثر حاجة منهم إليه، وهم المذنبون، ومرتكبو الخطايا.

ــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك