المقالات

سلاما على الزاحفين صوب الحسين

1765 16:25:00 2008-02-27

( بقلم : علي عبد الهادي الأسدي )

اتصلت بعميد كلية ( ..... ) جامعة الكوفة لأسأله عن سبب عدم حضوره ندوة مؤسسة آفاق للدراسات والأبحاث ، اعتذر عن عدم حضوره لأنه قد قصد زيارة الحسين ( صلوات الله عليه ) مشيا على الأقدام ، كما اخبرني انه الآن في منتصف طريق ( نجف ـ كربلاء ) ، دعوت له بقبول العمل ،. لم يكن العميد هو الوحيد من بين عمداء كليات جامعة الكوفة ، نعم . هناك الكثيرون ، كما ان هناك الكثيرين من أساتذة الجامعة وطلابها ، و كنت أتمنى ان أكون مع هؤلاء السائرين لولا عارض صحي نزل بي فحرمني من ذلك .

وحين خرجت صباح اليوم ـ متجولا في أسواق النجف وأحيائها ـ وجدت ان اغلب دكاكينها قد أغلقت أبوابها ، وخرج أصحابها للزيارة ، واحسب ان أكثر المحافظات العراقية لا يختلف حالها عن حال النجف .

لم تخرج الملايين للزيارة بفتوى مرجع ديني مهما علا شانه ، فيطلب البعض منه إصدار أمرا بالمنع ، ولم تخرج استجابة لدعوة حركة إسلامية أو حزب إسلامي ، أو غيرهما ممن هو على شاكلتهما ، حتى يقال ان ثمة استغلالا سياسيا لحركة هذه الملايين قد طلبته هذه الحركة أو ذاك الحزب أو غيرهما ، ولم تخرج ـ أيضا ـ إثارة لمشاعر الطائفية البغيضة عند من لا يرى للحسين حرمة حتى قال قائلهم : ( ان الحسين قتل بسيف جده ) ، حتى يقال لها : كفي عن إثارتها ، الملايين خرجت التماسا لثواب الآخرة ، وحسبهم هذا الالتماس الجميل .

ولقد يقال : ان الكثرة الكاثرة من هؤلاء الزاحفين صوب الحسين قد ملئت حياتها بالآثام والجرائر والذنوب ، فإنا نقول: نعم . زلت قدم الكثير منهم فارتكبوها في دنياهم ، لكن يجب ان نقول ـ أيضا ـ لقد ثبتت لهم قدم أخرى بزيارة الحسين ( صلوات الله عليه ) . فهم اشرف ممن زلت أقدامهم جميعا في بحر الغواية والآثام .

ولقد يقال ـ أيضا ـ : لم لم تمنع المرجعية الدينية هذه الملايين من أداء الزيارة درءا للمخاطر ، وحفاظا على أرواحهم ، فيقال : إنه ليس من سيرة المرجعية الدينية تحريم ما احل الله ، أو تحليل ما حرم الله ، ولو أنها فعلت ذلك لما كانت مرجعية حقا ، المرجعية الدينية ليست سلطة سياسية تحلل وتحرم كيف ما تشاء وترغب ، أو كيف ما تحب وتكره ، و لئن رأى البعض ان هذه المسيرة يجب ان تحرم ، فان هذه الحرمة ينبغي تنسب إليه ، فيقال هذا حرام فلان أو حلاله ، و فلان ليس بحجة على الناس فيجب إتباعه عليهم . وأما حديث المخاطر التي يتعرض لها الزائرون ، فإننا نقول : ان الإنسان على نفسه بصيرة ، وحسبنا هذه الحقيقة ، والعراقيون ـ الذين في العراق يعيشون ـ هم أبصر بأوضاعهم الأمنية من غيرهم ـ ممن يعيشون خارج العراق ـ وأدرى منهم بموارد الخطر . ان هذه الملايين تدرك غاية الإدراك ان إحجامها عن مواجهة احتمال المخاطر يعني ـ الإحجام ـ لها ؛ إنها تحقق للإرهابيين قوة انتصارهم ، وزهو افتخارهم ، وهيهات هيهات لهم ذلك .

الإرهابيون لن يقر قرارهم إلا باقتلاع جذور أتباع آل البيت النبوي ( صلوات الله عليهم أجمعين ) من على ظهر البسيطة ، خرجوا بالملايين لزيارة الحسين ، أم قبعوا في جحور بيوتهم حذرين خائفين مذعورين . ثم لا يكاد ينقضي تعجبي ممن يصف هذه الملايين بالجهل والتخلف ، ولو ان ارتفاع الجهل والتخلف عنهم يكون بعدم الزحف صوب الحسين ( عليه السلام ) ، لقلنا ان البقاء في بيوتهم أولى وأرجح ، ولكن الأمر ليس كذلك بداهة .

ان أكثر هذه الملايين السائرة لا تفقه من نهضة الحسين (عليه السلام ) الكثير من دلالاتها .. فلسفتها ..أهدافها ..أسرارها ، أو غير ذلك من شؤونها وشجونها ، و كل هذا ليس بضائر بنياتهم ، نعم . حسبهم ان حبهم للحسين هو الذي أنشا فيهم هذا الارتباط العاطفي بالحسين ، فأجرى دموعهم لهول فاجعته ، وأثار الحزن في نفوسهم ، ودفعهم دفعا لزيارته مشيا على الأقدام رغم المخاطر التي تحيق بهم ، ورغم بعد الطريق ومشقة المشي وقسوة الظروف .

أقول لو أن هؤلاء فقهوا من نهضة الحسين (عليه السلام ) الكثير من دلالاتها .. فلسفتها ..أهدافها ..أسرارها ، لكنهم فقدوا هذا الارتباط العاطفي الرائع بالحسين (عليه السلام ) ، فلا تجد عندهم عين دامعة على فاجعة الحسين ، أو قلب يقلقه الحزن حين الاستماع لناعيته ، أقول لو كان هذا فقط أ كان لقضية الحسين ان تستمر حتى يوم الناس هذا ، فضلا عن استمرارها إلى ما بعده من الأيام .

نعم . منتهى الروعة ان نحب الحسين ـ أولا ـ حبا تتوجع له قلوبنا ونذرف له دموعنا ، وان نفقه الحسين ـ ثانيا ـ ثائرا ومصلحا وشهيدا .

علي عبد الهادي الأسدي / العراق / النجف الأشرف

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
عبد الزوّار
2008-02-27
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين . السلام عليك سيدي وملاي وعلى أخيك أبي الفضل العباس السلام عليك وعلى أُختك المظلومة التي ورثت مصائب أُمّها وأبيها , السلام عليكم سادتي زوّار سيدي ومولاي أبي الأحرار ومُديم الدين الأصيل بدمه الطاهر الذي تدفّق سيوفا على الظالمين وفِكرا ومنارا وضياءا لأتباعه وغير أتباعه ليواصلوا ما سار عليه أبو الشهداء وسيد السادات ,السلام عليكم سادتي وأنتم قد تورّمتْ أقدامكم الملثومة من فم عبدكم ولو من بُعدبعيدلأن النارليس تمس جسماعليه غباركم
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك