المقالات

مظلومية الاسلام السياسي


جمعة العطواني


ظُلِمَ ( الاسلام السياسي) من وسطه الاسلامي اكثر من ظلم اعدائه.
ظُلِمَ ( الاسلام السياسي من داخل وسطه الاسلامي ثلاث مرات على الاقل، من القوى والحركات السياسية التي ترفع اسم الاسلام على اسماء أحزابها ، ومرة اخرى من قبل مجموعة ( تدعي الثقافة) والاطلاع بماهية ( الاسلام السياسي) وهي لاتفقه ابحديات هذا المشروع،ومرة ثالثة من عامة الناس لجهلهم بحقيقة ما يجري.
- ابتداءا مصطلح ( الاسلام السياسي) ليس مصطلحا اسلاميا بالاساس، بل هو مصطلح غربي يراد منه النيل من هذا المشروع وفصله عن منظومة الاسلام الاخرى( الفقهية والأخلاقية ).
نعم لدينا في مفاهيمنا وادبياتنا الاسلامية مفهوم( حاكمية الاسلام) والتي هي منظومة احكام وقيم وعقائد وشعائر مترابطة في اهدافها ومنطلقاتها ، هذه المنظومة هي ترجمة للقران الكريم وسيرة الرسول الاعظم واهل بيته الاطهار ، فكما في الاسلام منظومة فقهية تحدد الجوانب العبادية الفردية ، وكذلك مجموعة احكام تنظم علاقة الفرد مع خالقه، كذلك توجد مئات الأحكام التي تنظم حياة الانسان المسلم سياسيا وقضائيا واقتصاديا ، وتنظم علاقة المجتمع بالمجتمعات الاخرى، وهي التي يصطلحون عليها اليوم ( الاسلام السياسي).
- لنقبل ( تنزلا) مصطلح الاسلام السياسي ، لنرى هل نحن في العراق عاى مستوى السلطة والنظام السياسي الحالي لدينا منظومة( اسلام سياسي) يستحق الشتم والسب الى حد ان بعضهم يتهمه بانه يخرج عصابات سياسية وغير سياسية كما تكتبه بعض الأقلام التي تضفي على نفسها الثقافة والمعرفة بهذه المفاهيم والمصطلحات؟.
- للتذكير نقول ان اصحاب مصطلح ( الاسلام السياسي) ومنتقديه يقصدون به ( حاكمية الاسلام) لكنهم اختاروا مصطلح ( الاسلام السياسي )ليسهل عليهم انتقاده والتجريح فيه وفصله عن بقية المنظومة الاسلامية .
هل يعلم من يتهم ( الاسلام السياسي) بانه صاحب عصابات ، ان ثلث القرانِ الكريم يتحدث عن احكام الاسلام السياسي ؟
وهل يعلم ( أنصاف) المثقفين من المسلمين ان مؤسس هذا المشروع القراني هم أساطين العلماء من مدرسة اهل البيت وهم نواب الامام المهدي ( عج) في زمن غيبته؟
هل يعلم ( أشباه ) المثقفين ان الامام الخميني العظيم ومدرسته، والامام الشهيد الصدر ومنهجه قدموا حياتهم ودماءهم ومداد أقلامهم وعذابات سنينهم من اجل هذا المشروع لانه مشروع الامام الحجة ( عج)؟
للاسف الشديد فان بعض المثقفين الذين يتهمون الاسلام السياسي بانه يصنع عصابات فقدوا هويتهم لعدة اعتبارات اهمها
١- كونهم هاجروا الى الغرب وهم لايفقهون من الدين غير بعده الفقهي العبادي على احسن التقادير .
٢- تاثر بعضهم بالفكر الغربي وإعلامه وزخرف الحياة هناك الى حد انهم يتعاطون مع مقولات كتابهم ومفكريهم على انها ( نصوص مقدسة)، ولهذا كثيرا ما نشاهدهم في بعض( الهاشتاكات) يستعيرون تلك المقولات ويضعونها في( أيقونات ) صفحاتهم ، بينما لدينا في تراثنا الاسلامي ما هو أسمى وأعمق منها.
٣- بعد ان تزلف بعضهم لبعض قيادات الاحزاب الاسلامية ، واعتاشوا على موائدهم سنوات ، اليوم وبعد ان أفل نجم هذه القيادات قال هذا البعض ( ساوي الى جبل يعصمني ) ، في ظن منهم ان الجبل( الامريكي) سيكون خير ملاذ لهم.
ولهذا وفِي اول عربون اللوذ بالجبل الامريكي لابد ان يتبرا هذا البعض من عدو المشروع الامريكي ، ومن هو اكثر عداءاً لامريكا غير( الاسلام السياسي)؟ فاستخدموا مبدا( التولي والتبري) بطريقة مقلوبة.
المظلومية الثانية التي وقعت على الاسلام بصورة عامة و( السياسي ) منه بصورة خاصة جاءته من الاحزاب الاسلامية نفسها، فقد رفعت هذه الاحزاب اسم الاسلام على شعارتها ، وهي لا تمت له بصلة من قريب او بعيد، فالاسلام كما ذكرنا في مبادئه وثوابته وأحكامه هو منظومة حكم ترتكز على الأحكام الاسلامية في العلاقات الاجتماعية والقوانين التشريعية وفِي العلاقات الدولية وفِي مسائل الحياة اليومية اقتصادية كانت او تجارية او غيرها.
كلنا قرانا نظرية ولاية الفقيه للأمام الخميني( قدس) وقبله للشيخ النراقي ومن بعده، بل وتعلمنا من مدرسة الشهيد الصدر ( قدس) مبادئ ( الاسلام يقود الحياة) ، و ( البنك اللا ربوي في الاسلام)، و( المدرسة الاسلامية ) وغيرها كثير.
لكن الاحزاب ( الاسلامية اتخذت تلك الرموز والمقامات الدينية وسيلة للتكسب السياسي، واستخدام الأصوات في الانتخاباتِ ليس اكثر،واتخذوا من الشهداءِ الذين ذُبِحوا على منحر الاسلام السياسي وسيلة للتغني بالماضي والتاريخ الجهادي فحسب ،دون ان يترجموا هذا المشروع وتلك الدماء الى منهاج عمل حقيقي وبناء دولة الاسلام الحقيقية، او يرفعوا شعارات الاسلام من يافطات احزابهم .
لهذا كانت تصرفات وسلوكيات بعضهم تنعكس سلبا على الاسلام ، بل وتحولت الى مادة للهدم يستخدمها ( انصاف المثقفين ) عن قصد لتشويه صورة الاسلام السياسي.
اما المظلومية الثالثة فقد جاءت من عامة الناس ، فانهم لايعلمون عن هذا المشروع شيئا ، وكيف يعلمون وقادة الاحزاب ( الاسلامية ) ونخبها ، وبعض المثقفين الاسلامين، فضلا عن أشباههم يرفعون اصواتهم ضد الاسلام السياسي ، فضلا عما قدمته امريكا والغرب من نموذج ارهابي كالقاعدة وداعش على انها تجربة ( الاسلام السياسي).
واخيرا نقول للذين يتبرؤون من الاسلام السياسي، عليكم ان تتصوروا لو ان الله تعالى مَنَّ علينا بفرج ال محمد ( صلى الله عليه واله) في يومنا هذا ، فماذا يكون موقفه من( الاسلام السياسي)؟
هل يقول ( افصلوا الدين عن السياسة)؟ وهل يقول (ان جدي رسول الله وابي أمير المؤمنين اخطئا لانهم جمعوا الدين والسياسة)؟
ثم من هم حلفاء دولة الامام المهدي في تصوركم ؟ هل تعتقدون انه يعمل ( صفقة قرن) مع امريكا واسرائيل؟ وهل يقول لدولة الاسلام في ايران( برا برا)؟
ثم ما يقول هذا البعض اذا حكم الامام بالإسلام السياسي ؟ هل تقولون له( ارجع يا بن فاطمة لا حاجة لنا بك اليوم) ، فلدينا نظام علماني / ليبرالي - مدني، يستجيب لمتطلبات حياتنا ؟
ام تقولون له ان دولتك يا بن فاطمة هي امتداد لدولة عصابات الاسلام السياسي؟
( ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)
ـــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ali alsadoon
2020-03-28
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم . مقالة ممتازة ,جزاك الله خيرا .
عادل عادل
2020-03-27
احسنت قراءة موجزة شاملة
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك