المقالات

إيطاليا

952 2020-03-24

هادي جلو مرعي

 

في العام 1982كنت حزينا لمغادرة البرازيل بطولة كأس العالم في إسبانيا، وكان الأرجنتيني مارادونا للتو يبزغ كنجم إنتقل من سماء بوينس آيريس الى شمال شرق جزيرة الأرانب ليلعب في برشلونة، وحينها كنت قلقا من تسلط الألمان، لكن الطليان بمعجزة باولو روسي النحيف عطلوا الماكينات الألمانية، وربحوا الكأس الغالية، وأتذكر أن أنزو بيروزوت كان مدربا للآزوري المندفع كقطار بلاكوابح.

بقيت إيطاليا تتحرك في الذاكرة كدولة ساحرة، لكنها مقلقة، فدفاعها قوي في كرة القدم، وتاريخها مبهر كأعظم الإمبراطوربات في التاريخ. بعد كل تلك السنين وجدتني في القنصلية الإيطالية أحصل على تأشيرة الدخول الى روما والفاتيكان، وكنت في قاعة الإستقبال أنظر بدهشة للوحات رائعة ذكرتني بليوناردو دافنتشي والموناليزا، وحيث السفن راسية، والنبلاء يتحركون جيئة وذهابا، بينما وجوه المسافرين العاديين تتوقف، وتسكن، وهناك حمالون وبضائع قادمة من البحار البعيدة.

إنتقل دييغو ارماندوا مارادونا الى نابولي في الجنوب الإيطالي بعد تألقه في مكسيكو سيتي عام 1986 وبعد أن قاد عشاق نادي الجنوب حملة لجمع مبلغ سبعة ملايين دولار لجلب النجم الأرجنتيني الذي كافح ليضع النادي في القمة، لكن نابولي عاد ضعيفا بعد أفول النجم، وتقلبت أوضاع إيطاليا الإقتصادية، وربما شكلت عبئا على القارة العجوز، وعاشت بين صراع المافيات، وصراع تجار السياسة، ونظرات الريبة من الشركاء الأوربيين، حتى حانت لحظة الحقيقة المرة حين ضرب فيروس كورونا المستجد الشمال الغني في لمبارديا، وفي مدن مثل بيرغامو الغنية التي تحولت من مدينة الأغنياء، الى مقبرة للموتى الذين يتساقطون كأوراق الشجر.

تخلى الأوربيون عن جارتهم منشغلين بتعداد موتاهم، بينما بقيت إيطاليا مثل رجل مصاب بالجذام ومعزول، لكن اللافت إن الصين وروسيا وكوبا وهي دول لطالما كانت محط عدوانية الغرب الذي تتزعمه أمريكا سارعت الى إرسال المساعدات الطبية، والفرق الصحية الى المدن المنكوبة في الشمال لتضرب مثلا جيدا في التضامن العالمي.

العالم سيتغير حتما، ولن يعود بعد كورونا كما كان قبلها.

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك