المقالات

مفهوم الدولة في فكر الأحزاب


محمد حسن الساعدي

 

 

لقد عبرت الديمقراطية المعاصرة عن المشاركة في الحكومات المتعاقبة، والتناوب على الحكومات بالأحزاب السياسية ، وان احد نماذج الديمقراطية هي عملية التناوب لهذه الأحزاب على السلطة التنفيذية، وهو يتحقق بين الأغلبية والأقلية بين المكونات السياسية،وأصبحت للديمقراطية أداوت وأساليب تتناسب وطبيعة التطور الحاصل في وسائل التواصل وتوجيه الرأي العام والجمهور والقوى السياسية على حد سواء،والتأثير في صنع القرار.

ونحن في العراق وبعد مرور أكثر من 17 عام على التحول الديمقراطي ما زلنا نجهل ما هو المفهوم الحقيقي لهيمنة الدولة، وفي هذا السياق تحدث المختصون كثيراً وألفت الكتب عن أزمة الأحزاب السياسية، وأسباب قوتها وهيمنتها على الدولة، وسبل النهوض بالحياة السياسية وتقوية أركان الدولة،ولكن ثمة من يحمل معول الهدم بيده اليمنى ولكنه يرفع الأخرى بيد المشاركة في الحكومة.

وهذا ما تفعله أغلب الأحزاب التي عملت ومازالت تعمل من اجل ترسيخ وجودها على حساب أضعاف الدولة،أو تهشيم أركانها وبما يضعفها أمام قوة هذه الأحزاب والتيارات التي حصنت نفسها بترسانتها الاقتصادية أو تشكيلاتها العسكرية أو قواتها الغير نظامية،وهنا كلامي ليش تشاؤم بل هو قراءة لواقع سياسي، فما دامت الأحزاب تعمل على تحصين نفسها لن تتمكن الدولة أبداً من بناء أسسها وترسيخ أركانها ، وستبقى ضعيفة ومهزوزة أمام سطوة هذه الأحزاب، وهذا ما لمسناه فعلاً في البلاد وكيف أن سطوة الأحزاب والتيارات سرقت قوة الدولة وهيبتها ومكانتها لترتفع سطوتها هي .

  الدولة في الآونة الأخيرة سعت جاهدة من خلال أدواتها ألا وهي الحكومة أن تثبت أفكار الإصلاح السياسي،ولكنها ارتطمت بقوة هذه الأحزاب والتيارات، وذلك لان كل ملفات الفساد تحملها وتعمل عليها تلك الأحزاب والتيارات الفاسدة،فمن تجارة النفط وبيعه وسرقته إلى السيطرة على المنافذ الحدودية والمائية ، إلى التلاعب بأسواق الأوراق المالية والى المكاتب الاقتصادية والتي أصبحت تعمل بصورة واضحة وعلى أعين الأشهاد،فأمست تقاتل وتصارع مع بقية الأحزاب من أجل حصتها ونصيبها من هذه الوزارة أو تلك الهيأة،وهذا ما ضيع الدولة تماماً وجعلها تغرق في بحر الأحزاب والتيارات التي أصبحت هي الدولة والحكومة في آن واحد. 

أن تطبيق مفهوم الدولة المدنية ليس مجرد قرار تتخذه الحكومة أو يقره الدستور،بل هو قضية تخص المجتمع بأسره، والذي يجب أن يتحول ويتقدم ويتمثل من خلال مفاهيم الدولة وقيمها، ويأتي ذلك من خلال قوة وجودة وسطوة قراره على قرار الأحزاب والتيارات السياسية والتي تحاول سرقة قراره حيث ظهر ذلك جلياً من خلال التظاهرات السلمية التي عمت البلاد من اجل تخليص الدولة من سجن الأحزاب وسطوتها، وكسب الحرية واختيار دولة المواطن لادولة الأحزاب، وسعي الجاد من خلال المشاركة الفاعلة للشباب في صنع القرار السياسي، بعيداً عن سطوة تلك الأحزاب حيث يمثلون الطاقات الرائعة والتي يتجدد أملنا فيها بالمستقبل .

ــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك