المقالات

اليمين واليسار في العراق


عدنان أبوزيد

 

توغِل الحالة السياسية في العراق منذ 2003، في حالة الخصام بين تيار الإسلام السياسي ( المحافظ) والجماعات المدنية التي لا يمكن اطلاق اسم "التيار" عليها الى الان لعدم اطّرادها في جبهة واضحة الأهداف والأدوات والزعامات، فلا زالت محض تشكيلات من متظاهرين نشطاء وكتّاب وفاعلين سياسيين، على عكس جماعات الإسلام السياسي النسقية في أحزاب، وليّة الأدوات المادية في السلطان، والمنابر الخطابية، من مساجد سنية وحسينيات شيعية وتجمعات دينية يصلها المئات إنْ لم يكن الالاف، فيما لم تستطع الجماعات المدنية او اليسارية سوى التحشيد للعصيان المضاد لفترات قليلة في ساحة التحرير، وهو أوج انجاز جماهيري وصلت اليه.

...

لا شك في ان هناك قطيعة تاريخية بين الطرفين. وفي حقبة البعث، تهافت حضور كليهما وتهاوى تحت الضربات، وتمكّن "الحزب الواحد" في ذلك الوقت من استيعاب جماهير كليهما، ففي وجهه اليساري هضم البعث اشتراكيين ويساريين وحتى شيوعيين، وفي

حملته الايمانية، التي أطلقها، أوحى للإسلاميين بانه يستطيع ان يقودهم، وقد كان من نتائج ذلك انه تحوّل الى حزب "ايماني" في سنواته الأخيرة.

...

الاضطهاد الذي لاقاه اليساريون والإسلاميون مقرونا بالقمع العنيف، ترك بصمة قوية على نشاطهم المتخفّي تحت الأرض، بيْد انّ ذلك، لم يشكل تجربة يستفيد منها الطرفان في حقبة 2003، فقد تناسى كلاهما، الاحداث التاريخية، وطفقا في منافسة حادة، إعلامية وتواصلية افتراضية على الأقل، ويمكن انْ تتحول الى حالة من صراع مسلح، اذا ما ادرك الإسلاميون، ان الشيوعيين واليساريين باتوا على نفس القدرة من الحضور والاستقطاب، وأدوات القوة.

...

الأيديولوجية والغلواء في التعبير عنها، تبعد الجانبين عن العمل ضمن السجال المشروع، وضمن النظام الذي يتوجب حمايته، والخشية ان يتحول سباق النفوذ الى الاستنجاد بأدوات التنكيل والقمع المادي والمعنوي، فما انفك الناشطون اليساريون عبر وسائل الاعلام لاسيما منتديات التواصل، يجاهرون بالعداء للجماعات الإسلامية، ويشهّرون بهم، ويعيبون عليهم أفكارهم، "اكثر" ربما مما يفعله الإسلاميون في العراق، الامر الذي ينذر بمستقبل مرير من الصراع.

..

الاستقطاب الحاد يشير الى ولادة جمهور من المتدينين ينبذ المدنيين، ويعدّد مخاطرهم، هذا اذا لم يكفّرهم لاحقا، فيما راحت الصرامة اليسارية التي يمثلها أولئك الذين يوصفون أنفسهم بـ"الثوريين المخلّصين"، يتبنى رؤية أحادية في تفسير الاحداث منذ 2003، تقوم على قاعدة فشل الإسلاميين في الحكم. لكن ذلك لن يستمر الى الابد، فحتى لو ارتفع اليساريون الى السلطة فان أسباب الفشل، ستبقى قائمة، كونها موجودة في اصل النظام والمجتمع، وبنية القوى الاجتماعية المؤثرة.

..

الحالة الإيجابية في العراق هو في استمرار قواعد اللعبة الديمقراطية، على رغم الغطرسة والعجرفة في الاستقطاب الفكري والسياسي بين الطرفين، وقد نتج عن ذلك صراع واضح بين الأسلمة وبين تدجين المجتمع على العلمانية، وقد أدى ذلك الى إعادة انتاج الكثير من الأفكار اليسارية والإسلامية، بطريقة هجينة تكشف تحولات مهمة في المجتمع العراقي لخلق وسطية سياسية وفكرية تنفذ الى التشدد والغلو اليساري واليميني على حد سواء باتجاه الأفكار البراغماتية ووسائلها من دون أدلجة مسبقة.

...

جيلان في العراق:

 نموذج الشباب اليساري الراديكالي، صاحب المزاج الثوروي في نشوة الطفولة اليسارية، والمفتون بأساطير الصراع الطبقي.

اليميني العُصبوي، المتطرف، دينيا،، المنتعش من المراهقة 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك