المقالات

متى يكون الوعي قائداً؟!


 محمد مكي آل عيسى

 

خلال الاحتجاجات التي قامت ضد الفاسدين في العراق منذ شهر تشرين الأول الماضي والى يومنا

حمل بعض شبابنا الطيب أثناء التظاهرات عدة شعارات كان أحدها هو : (الوعي قائد) والذي هو محور بحثنا اليوم

وهو شعار جديد يبدو لي أن مفاده : نحن لا نحتاج لقيادة تقودنا ويكفينا وعينا . . . هكذا فهمته

وهنا نتساءل هل هذا حق ؟؟ هل صحيح أن الوعي قائد وأن التظاهرات لا تحتاج لقيادة ؟ وأن وعي المتظاهرين كافٍ لذلك ؟؟

ولكي نصل الى نتيجة عقلائية لا بد لنا من أن نعرف ما هو الوعي , وما هي القيادة , لنرى مدى إمكانية حمل القيادة على الوعي ليكون موضوعاً لها وهي محمولة له .

ولنبدأ مع القيادة . .  القيادة استعملت في تولّي مسؤولية الجيش بالذات ثم الحكم وغيرها وقد عرّفها المختصون بأنها عملية تغيير قناعات الأفراد والتحرك بهم نحو هدف معين بغية تحقيقه

ووجدت في مواقع الشبكة العنكبوتية أن هناك من عرّف القيادة بأنها ((  نشاط إيجابي يقوم به شخص بقرار رسمي تتوفر به سمات وخصائص قيادية يشرف على مجموعة من العاملين لتحقيق أهداف واضحة بوسيلة التأثير والاستحالة أو استخدام السلطة بالقدر المناسب وعند الضرورة . ويمكن تعريف القيادة أيضا بأنها " فن التأثير على الرجال "))

ووجت آخر يعرّفها ((بأنها عبارة عن قيام الشخص بعملية إقناع لأشخاص آخرين في مجموعة معينة، ويلعب دور القدوة، ويكمن دوره وإقناعه للأشخاص من خلال السعي والوصول إلى تحقيق أهداف منشودة، وحتى تكون القيادة ناجحة يجب أن يتبّع الأفراد هذه الطريقة وينفذونها.))

ومن التعريفات السابقة نجد أن القيادة انحصرت بأشخاص يقومون بهذا الدور ونسبت لهم بعض الصفات التي تؤهلهم للقيام بذلك .

وبالتالي فإنها ( القيادة ) لا تصح أن تكون محمولاً لغير أفراد الإنسان , فالانسان وحده هو الذي يتولّى عملية القيادة

ولو عدنا لتعاملاتنا اليومية نحن , والعرف الذي سرنا ونسير عليه لوجدنا أننا لم نطلق صفة القيادة الّا على أشخاص وأفراد تناط بهم هذه المسؤولية.

فمع أن الإنسان يعتمد على الكثير من الأشياء في سبيل إرشاده وهدايته لما يريد فيعتمد على الحاسبة الالكترونية في كثير من المجالات ولا يسميها قيادة ويعتمد على الموبايل وتطبيقاته في اتصالاته وغيرها من شؤونه ولا يطلق على الموبايل صفة القيادة وربما يهتدي لطريقه برؤية نار أو جبل من بعيد ولا يسميها قائداً وهكذا

وبالمقابل نرى أن الأعمال الجماعية التي تقوم بها الجماعات البشرية لا تخلو من قيادة بشرية فالدائرة , المستشفى , المدرسة وحتى البيت العائلي لا يخلو من هذه القيادة بشرية .

ومن القيادة نتوجّه للوعي . . الوعي في اللغة من وعى , يعي وعاءً ووعياً , ووعى الشيء جمعه وحواه , وللحديث حفظه وفهمه وقبله , وللأمر أدركه على حقيقته , وقد ورد بمعنى : الحفظ و التقدير وبمعنى الفهم وسلامة الإدراك

وشاع في الآونة الأخيرة استعمال مفهوم الوعي مرافقاً للبصيرة وبمعنى تشخيص العدو ومعرفة دسائسه ومكائده وخططه

أما إذا عدنا للوعي الذي يدعيه كل منّا لنفسه لوجدنا أنه مفهوم مشكك يتفاوت في الأفراد , فوعيي يختلف عن وعيك , ويختلف وعيك عن وعي فلان وهكذا وإذا اجتمعنا فمن المستحيل أن نتطابق بأفكارنا وفهمنا تطابقاً كلياً في كل شيء

الوعي الخاص بي قد يختلف بتفاصيله عن وعيك . . . وعندما نحتاج القرار سنختلف

والقيادة لا بد أن تكون واحدة لا تختلف !!

كيف سيقودنا الوعي ؟؟ ووعي من هو الذي سيقودنا ؟؟

وما يدرينا لعل ما نسميه العقل الجمعي هو نفسه الوعي الجمعي ؟؟ وكيف نفرّق بينهما ؟؟

ولماذا لا نستخدم هذا الوعي الجمعي في باقي مؤسساتنا ودوائرنا ومستشفياتنا . . سنستغني عن المدراء العامين والدرجات الخاصة والوزراء بل حتى الحكومة وعن كل قيادة.

لماذا يرسل الله الرسل ويتبعهم بالأوصياء والأولياء ويسددهم ولا يكتف جل وعلا بإرسالهم للتبليغ فحسب بل يتولّون قيادة الأمم والمجتمعات ؟

بل نجد أن القرآن يذكر أن نبي الله موسى ع قد سلّم أمره بيد عبد صالح من عباد الله تعالى (الخضر ع) وترك له أن يقوده في المسير ويفرض عليه ما أراه الله وهو بين معترض تارة ومسلّم تارة أخرى فكان الخضر ع قائداً لموسى ع

وغيرها من المواضع التي يذكر الله فيها قيادة العناصر الكفوءة في المجتمع لغيرهم

ثغرات كثيرة تواجهنا عندما ننسب القيادة للوعي ونقول ( الوعي قائد ) علينا أن نجد لها إجابات شافية لنعتمد على هذا الوعي وليس لنا الحق برفع هذا الشعار ما لم نجب على هذه التساؤلات إجابة يقبلها العقل وإلّا فسيكون هذا الشعار مغالطة تدعم العقل الجمعي الذي يسهل اختراقه من قبل المغرضين.

ويبقى السؤال المهم : من الذي أعدّ هذا الشعار ؟ ؟

ــــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك