المقالات

كلا كلا للحرية

1377 2020-02-24

هادي جلو مرعي

 

رفع صورته الكاريكاتورية وسار بين المتظاهرين المحتجين على قمع الحريات في بلده العراق، وكان ذلك عام 2007  وكان صحفي كتب عن الحريات، وعن سوء سلوك سياسيين، وتعرض الى التهديد، ولكن الذي رفع صورته، وكان صحفيا أيضا نسي أن يهتف بالطريقة الصحيحة، وبدلا من أن يقول: نعم نعم للحرية، نادى وبصوت سمعه الحاضرون، وضحكوا: كلا كلا للحرية! فقد غادر عهد الدكتاتورية وهو بعمر متقدم، ولم تعد ذاكرته تستوعب المصطلحات والتسميات الجديدة للديمقراطية المزيفة، ولا التعبيرات التي يتحدث عنها أشخاص وجهات يزعمون أن البلاد تمضي على الطريق الصحيح، متجاهلين الطائفية، والتنازع القومي، والتدخلات الأجنبية، والإحتلالات، والفساد، وضعف القانون، وتردي الخدمات في قطاعات مختلفة.

يعتاد الناس، وبمرور الوقت، ولعدم الرغبة في تقديم التضحيات كما يفعل عادة قلة من الناس الثوريين عبر التاريخ يعتادون على قبول الدكتاتورية، والتحكم من قلة متسلطة بهم، وبشؤونهم، ولايفكرون في المقاومة، وحتى عندما يفعلون ذلك يجدون في مقابلهم العديد من المنتفعين من النظام الحاكم، ولذلك لايقوون على المواجهة، وبدلا من ذلك ينساقون الى لعبة الولاء الكاذبة، والتأييد المصطنع والزائف، وفي السر يعلنون التمرد، ويوجهون الشتائم للحاكم وحاشيته، لكنهم حين يغادرون دائرة الحكم المستبد ينسون أنفسهم، ويتحولون الى حكم مستبد يشكلونه بأيديهم، ومن يفشل منهم في الأمر يقرر القيام بدور المعارض الشرس الذي لايقهر، والذي سيغير المعادلة في وقت ما، وهو في الحقيقة ينتظر الخلاص من هذا الشكل من الحكم ليشكل الحكم الجديد على يديه، ووفقا لرؤيته، فيتحول الناس المعارضين الى أعداء، وكأنها سنة الحياة التي لاتتغير، حيث يتحول الملائكيون الى شياطين.

في وقت ما يجرؤ الناس على التمرد على المتحكمين في شؤونهم، وقد تساعدهم الظروف في خلق نوع من التوازن مع الحكم المستبد فيواجهونه بقوة، وربما أضعفوه وأرغموه على التنازل، بينما تفشل أنواع من التمرد في ظل بعض الأنظمة المغلقة تماما التي تتحكم في مسار الأحداث، وتحصل على دعم منظومات محلية وخارجية، وتسكت الأصوات المطالبة بالتغيير، فيتراجع دور المثقف ورجل الدين والناشط في سبيل التغيير، ويتحول كل شيء الى حالة من الهمس الذي لايشعر به أحد، ويخشى أن ينكشف أمره فيتعرض الى الأذى.

أسخر كثيرا من حال فئات من الناس، فكل من يوالي نظاما سياسيا يتلائم مع رغباته وطموحاته، ويحقق مكاسب وظيفية ومالية في ظله لايستطيع فهم معاناة الآخرين الذين حرموا من حقوقهم بسبب الإدارة السيئة والتسلط والحكم المستبد وفساد شريحة من المسؤولين، ويتحول الى جندي مكافح لحماية النظام وأركانه لكي لا

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك