( بقلم : اسعد راشد )
دولة كوسوفوا المسنقلة وقد اعلن عنها هاشم تيتجي تحت قبة البرلمان وسط ذهول صربي وفرح شعبي وتأييد امريكي نصف اوروبي واعتراض روسي ‘ لقد استقلت كوسوفوا عن صربيا العنصرية بعد نضال مرير سقط الالاف من الكوسوفيين ضحايا العنف الصربي والهمجية الصربية التي شردت اكثر من نصف سكانها وذبحت الالاف وكادت ان تقضي على المتبقي لولا تدخل المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة التي حظيت بدعم لوجيستي عسكري اوروبي في عملية قصف جوي مكثف استمرت أ يام تمكنت من خلالها ردع القوات الصربية ووقف المذابح في كوسوفو .
كالعادة وقف الاعراب ضد التوجه الاستقلالي لشعب 'كوسوفوا' ولم يبادروا الاعتراف بدولتهم ومازالوا مترددين في ذلك وهو موقف يتسم بالغباء واللاعقلانية والغموض المشوب بالتخاذل واحيانا بالتامر ‘ نعم هذه حالة معظم الدول العربية التي تقف بالضد من استقلال وتحرر الشعوب فيما تقف اوروبا في معظمها وامريكا في صف الشعوب التي تنشد الاستقلال والتحرر .
فاذا كان الكوسوفيون سئموا من العيش تحت سقف واحد مع الصرب ولم يتحملوا اذاهم وظلمهم والجيرة معهم واذا كان الحل كما يقال هو الكي كاخر الدواء اي بالاستقلال والانفصال فماذا يمكن ان يقال عن العراق وظلم ذوي القربي المستمر وخاصة ظلم الاعراب واياديهم ومرتزقتهم بحق العراقيين الشيعة الذين ذاقوا الامرّين وقتل منهم المئات الالاف لا لذنب اقترفوه او جريمة ارتكبوها او سبب سوى لانهم مواطنون عقيدتهم لا تعجب هواة القتل والاقصاء والارهاب ؟!
يبلغ عدد سكان 'كوسوفو' 2 مليون نسمة بينما يبلغ عدد سكان شيعة العراق اكثر من 18 مليون نسمة يستقر معظمهم في الجنوب وحتى عمق بغداد ‘ الكوسوفيون حظيوا بدعم امريكا والاتحاد الاوروبي فاعلنوا اسنقلالهم فيما شيعة العراق مازالوا بانتظار ان يتم تفعيل الدستور والبند المتعلق بالفيدرالية كي يديروا شئونهم بعيدا عن تدخلات المركز .
في كوسوفو لا يوجد 'نفط' اي البترول وهي بلاد فقيرة تعتمد في قوتها على دعم المجتمع الدولي الا انها في طور النهوض تتمتع بقدر من النظام والامن والاستقرار الاقتصادي اما اراضي جنوب العراق فهي نائمة على اكبر احتياطي النفط في العالم وتملك مخزونا هائلا من الفوسفات وتنتج اكثر من مليونا برميل من النفط يذهب ريعها للبعيد فيما شعب الجنوب يأن تحت وطأة الفقر وانقطاع الكهرباء وفقدان المياه الصالحة للشرب وغياب نظام الصرف الصحي وغيره من الازمات الخانقة التي ترجع اسبابها لسيطرة المركز و ربط مصيرها بمصير 'ظلم ذوي القربى' !
فاذا كان من حق الشعب الكوسوفي ان يستقل ويقيم دولته بعيدا عن صربيا فلماذا لا يكون من حق شيعة الجنوب ان يتمتعوا باقل من الاستقلال اي الفيدرالية ونظامه الذي اقره الدستور ؟ ولماذا لم يبادر الجنوبيون الشيعة للضغط على الحكومة لتفعيل البند االمتعلق بالفيدرالية ويكونوا على قدر من المسؤولية والاحساس الحضاري كغيرهم من الشعوب الاخرى الناهضة ويطالبوا بحقوقهم دون انتظار ان يقوم الغير بتحقيق ذلك لهم ؟
الفيدرالية حق دستوري لا يمكن الغاءه او تجاهله وهو حق ان لم نطالب به اليوم فقد يذهب طي النسيان خاصة وان هناك من يسعى لسلب هذا الحق من شيعة العراق وحصره فقط في مناطق معينة رغم ان الفيدرالية هي نظام حكم اتحادي يتكون من حكومة اتحادية مركزية ويقسم البلد فيه الى اقاليم او ولايات تعتمد في تشريعاتها على نظام غير مركزي تأخذ من صلاحيات المركز بحيث تقوم بتنظيم السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية بعيدا عن بيروقراطية المركز وسطوتها .
وفي وقت سابق اقر مجلس الشيوخ الامريكي مشروعا غير ملزم للحكومة الامريكية حول انشاء نظام فيدرالي للعراق لوضع حد لحالة العنف التي تعيشها البلاد وقد ردت الجامعة العربية على المشروع بموقف سلبي وصفت فيه ذلك بانها 'خطوة مسمومة' فيما اعبتبره البعض الاخر بانه مشروع لتقسيم العراق رغم ان المشروع تضمن نقاطا ايجابية يمكن ان تخدم استقرار العراق وامنه بل ويساهم في بناء الدولة الاتحادية التي اصبحت اليوم مهددة بالانهيار بفعل تصاعد اعمال العنف والارهاب التي تقودها فئة ضالة ضد المجمتمع والفئات الاخرى .
طبعا الفيدرالية غدت اليوم حاجة ملحة وضرورية لتجنيب العراق الكوارث الامنية والسياسية خاصة وان هناك تجارب اثبتت ان توسع النظام الفيدرالي يساعد كثيرا على استتباب الامن والاستقرار ويهيئ البلاد للنهوض الاقتصادي والثقافي ولعل في تجارب الدول المتحضرة التي طبقت الفيدرالية خير دليل على ذلك بل هناك دول مثل نيجيريا التي كانت تعيش الاقتتال الداخلي في فترات من تاريخها في النصف الثاني من القرن الماضي ولما اخذت بالنظام الفيدالي وتوسعت فيه استتب الامن والاستقرارفي البلاد .
كوسوفو كانت منطقة غارقة في العنف والتناحر بين الصرب والمسلمين والسبب ان العنصرية الصربية كانت ترفض الاعتراف بحقوق المسلمين الكوسوفيين ولم تستقر الا بعد ان انقطعت علاقتها بدولة صربيا واليوم وبعد الاعلان عن الاستقلال تتجه اكثر واكثر نحن تفعيل مؤسسات المجتمع المدني وتكريس النظام الدستوري الديمقراطي .
والعراق بحاجة الى تطبيق النظام الفيدرالي وشيعته الذين تعرضوا لابشع الجرائم على ايدي الانظمة المستبدة والفاشية هم باحوج الى مثل هذا النظام والاستفادة من تجارب الشعوب الاخرى للنهوض باقاليمهم الى الازدهار والتقدم والرفاه الاقتصادي ومن دون ذلك فان عودة الدكتاتورية تمثل هاجسا يقلقنا جميعا لا يزيله الا الكيان الفيدرالي الشيعي .
https://telegram.me/buratha