( بقلم : علي جاسم )
ترك التحسن الأمني الكبير في بغداد والمحافظات الأخرى إثره الواضح على حركة السياحة الدينية في مدن كربلاء والنجف وبغداد أيضاً وهذا ما تم ملاحظته خلال الأشهر الأخيرة والتي أظهرت تدفق قوافل الزائرين للمراقد الدينية المقدسة في هذه المحافظات والوافدين من بعض الدول الإسلامية المجاورة كالجمهورية الإسلامية الإيرانية والهند والباكستان وكذلك من محافظات العراق الأخرى وهم يؤدون مراسم الزيارة لمراقد آل البيت(ع).
الأرقام والإحصائيات الرسمية تشير إلى إن عدد الزائرين إلى محافظة كربلاء وحدها يصل سنوياً إلى (20) مليون زائر وأيضاً العدد نفسه تقريباً بالنسبة للنجف الاشرف، وهذا العدد قد يكون في واقع الأمر اقل بكثير من العدد الفعلي، ومع ذلك فإن هذه الأعداد تدل دلالة واضحة على مقدار الأهمية التي تتمتع بها هذه المراقد في نفوس الزائرين والمكانة الكبيرة التي تحتلها ضمن مشاعر وأحاسيس المجتمع الإسلامي بصورة عامة، وهذه المكانة والأهمية هي بالتأكيد ليست وليدة اللحظة أو حالة طارئة جاءت بفعل عوامل التغير السياسي الذي شهده العراق وإنما تمتد إلى أيام بعث الرسول(ص) وعشق المجتمع الإسلامي للائمة الأطهار(ع) ودأبه على مواصلة زيارة مراقدهم ومزاراتهم كنوع من التعبير عن ولائهم وودهم.
الحقبة الصدامية الماضية قد شهدت أهمالاً متعمداً وعدم مبالاة بواقع المراقد المقدسة والمزارات الدينية ورأيناه واضحاً في قلة التخصيصات المالية لهذه المحافظات وقلة الخدمات الأساسية المتوفرة فيها كالكهرباء والماء الصالح للشرب والحمامات والفنادق والمطاعم فضلاً عن الجوانب الصحية والسياسية والاجتماعية الأخرى وحتى الإعلامية مما اثر بصورة سلبية على حركة السياحة الدينية التي كان من المفترض إن تصل إلى أوج ازدهارها وقمة عطائها، اليوم صار لزاماً على وزارة السياحة وبقية وزارات الدولة ومحافظي المحافظات التي تحتضن المراقد والمزارات ان توليها وتعطيها قدراً كبيراً من الاهتمام والعناية بما يناسب مكانتها هذه وتخصيص المبالغ اللازمة للنهوض بالسياحة الدينية ومرافقها من كافة الجوانب وذلك لعكس وجه العراق والجهود المبذولة والسعي الحثيث لإعادة أعماره وبنائه والمضي به نحو التقدم والازدهار من جهة، وللفوائد الاقتصادية الكبيرة والمردود المادي الضخم الذي يعود على اقتصاد العراق بالفوائد الجمة من خلال حركة السواح الأجانب وحركة ورواج الزائرين الوافدين للبلاد، من جهة أخرى.
نأمل ان يشهد هذا القطاع المهم اهتماماً أكبر وان يتم شمله بمشاريع خدمية وعمرانية من شأنها ان تسهم في تطوير حركة السياحة الدينية وتنميتها، لاسيما وان تلك الفترة قد ولت وان القائمين على وزاراتنا ومؤسساتنا هم ممن قد تغذوا على حب الأمة الأطهار(ع).
https://telegram.me/buratha