( بقلم : كريم النوري )
لا نعتقد ان وضعاً مثل وضع العراق في كل العالم يمكن ان تحصل به ملحمة شعائرية ومهرجانية كما يحصل حالياً في كربلاء والطرق المؤدية اليها من كل محافظات العراق.. ملحمة الاربعينية هي رسالة معبرة ومؤثرة لكل العالم فقد زحفت الحشود الزائرة لكربلاء بمناسبة يوم اربعين الامام الحسين(ع) من اغلب محافظات العراق مشياً على الاقدام متحدية كل قوى الارهاب والتكفير.
قد تكون بعض طرقنا الجنوبية آمنة بفعل التكثيف الامني وطبيعة المنطقة وصعوبة تحرك القوى التكفيرية فيها ولكن حضور المواكب السائرة من محافظة ديالى وصلاح الدين تلك المناطق الساخنة التي لا يمكن تأمين طرقها الرئيسية والفرعية بسهولة بل حتى مواكب المسؤولين لا تكاد تسلم اثناء المسير برغم الحمايات المدججة بارقى الاسلحة والسيارة المدرعة ضد الرصاص هي قضية بحاجة الى الوقفة الطويلة والتأمل الكبير فقد سارت مواكب الزوار القادمين مشياً على الاقدام في هذه الطرق الصعبة دون خوف او تردد وهي تحمل الرايات وتهتف بصوت واحد : "لو قطعوا ارجلنا واليدين نأتيك زحفاً ... سيدي يا حسين"
ولا يمكن لاي جهة حزبية او رسمية او كتلوية ان تعلن مسؤوليتها عن تفويج هذه المواكب لسبب بسيط هو عجزها عن اقناع ابناء الشعب العراقي بالذهاب مشياً لكربلاء باتجاه سياسي معين من جهة وصعوبة تأمين الحماية لها من جهة اخرى ولقلة الامكانات وضعف الاليات الممكنة في هذه الاربعينية من جهة ثالثة وما يحصل هو امر يستدعي الوقفة والدراسة لضخامته ولعظمته ولتأثيراته.
الملايين السائرة لكربلاء لا يمكن لاي قوة حكومية او دولية او سياسية محلية او عالمية ان تنجح في تحقيق هذه الملحمة ومن يزعم ذلك فهو مكابر ومجانب للحقيقة. العفوية التي اسهمت في تحشيد هذه الملايين لا تعني التلقائية والعادة السنوية الجارية بل هي عفوية شعب حسيني صادق لا تقوده المطامع او المصالح فلن يزحف باتجاه كربلاء الا من اجل اثبات هويته وخصوصيته ومقدساته فقد تسلبه حقوقه الشخصية وتغصب مستلزمات عيشه اليومية فيكون صابراً محتسباً بل ملتمساً لحكومته الاعذار تلو الاعذار لكن اياك ان تسلب عنه قيمه ومقدساته وشعائره فرغم ازمات الوقود وانقطاع التيار الكهربائي وضعف الخدمات لكنه بقي صابراً حذراً ان يستثمر غضبه الاخرون من اعداء العراق لكنه عندما يشاهد قبة اماميه العسكريين تتساقط بفعل جرائم التكفيريين لم يمسك غضبه واعلنها امام العالم كله صرخة قد لمس الجميع تداعياتها واستوعب الاخرون صداها.
https://telegram.me/buratha