المقالات

أزمة النخبة السياسية في العراق


محمد حسن الساعدي

 

لاقى رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي تأييداً واسعاً من قبل ساحات التظاهر ، حيث قدم أكثر من 60 نائباً في البرلمان أسمه إلى الرئيس العراقي برهم صالح مباشرة لتكليفه برئاسة الحكومة المقبلة بعد استقالة حكومة عبد المهدي على أثر التظاهرات التي اندلعت منذ تشرين الماضي في بغداد وعدة مدن عراقية، وجاء تكليف علاوي بعد أتفاق الكتل السياسية وبعد محادثات شاقة بين الأحزاب والكتل السياسية ، وذلك بعد أشهر من استقالة حكومة عبد المهدي،إذ وللمرة الأولى يواجه النظام القائم تحدياً كبيراً على المستوى الشعبي ، والتي عبرت عنه الاحتجاجات التي شهدتها بغداد ومدن العراق الأخرى، والتي بدت مفاجئة للطبقة السياسية في زخمها إلى الحد الذي فرضت عليها تغيير في طريقة تعاطيها مع الواقع ، والبدء بالحديث عن جدية هذا الإصلاح، وبدأت الحكومة تنظر إلى الواقع الخدمي للبلاد باهتمام أكبر .

لايمكن البناء على أن التوافقية في العمل السياسي هي التي تسببت بذلك،لأنه بإمكان صور الفساد هذه أن تظهر في كل أنواع أنظمة الحكم , ولكن يمكن القول ان التوافقية سهلة تكوين اقطاعيات حزبية في مؤسسات الدولة وقوضت امكانية المحاسبة والتي تمثل عنصراً اساسياً لكل نظام ديمقراطي , لهذا يعد انقسام الدولة الى اقطاعيات يمثل اتفاقاً على حصانة كل قوة بالتحرك في مجالها , بل امسى البرلمان نفسه جزءاً من نظام الاقطاعيات , والذي فقد دوره كهيئة رقابية ومحاسبية , بل بات الرمز الاول للفساد في نظر الكثير من ابناء المجتمع والاهم من ذلك ان الاقطاعيات دخلت المجال النفطي وسيطرت على ريعه , وانتخبت نظاماً اخطبوطياً لم تعد المؤسسات الدستورية قادرة على العمل وفق ما يفترضه بناءها الدستوري والقانوني , حيث تمكن هذا النظام من الاستمرار والنمو في الفترة الماضية بسبب توفر عوائد مالية ضخمة من صادرات النفط والتي بقيت محافظة على الاسعار من جهة وعدم تراجع قدراتها التصديرية ,الامر الذي جعل توفر عوائد مالية ضخمة يعتمد بعض الاحزاب وجودها عليه .

في ضل هذه الظروف يصبح من الصعب تخيل بناء تحالف النخبة السياسية في العراق بشكله الحالي ما لم يعمد الى اجراء تحوير كبير على علاقاته السياسية مع بعضهم البعض , وينتقل من التوافقية الى عملية الانفصال الكلي , والبحث عن استقرارها السياسي وفق ألية ومتبنيات واضحة , ومثالنا في ذلك اقليم كردستان والذي سعى الى تكوين قلعته من خلال ( التوافقية الصلبة ) اي على اساس المصلحة الكلية وبالتالي مصلحة الاقليم ككل .

لقد كشفت ازمة الكهرباء في البلاد عن عورة هذا النظام وعجزه عن ان يكون نظاماً فاعلاً لادارة المصالح والحاجات وهذا ما يعكس فشل النخبة السياسية في التعاطي الجدي مع هموم ومعاناة الشعب العراقي وتلبية متطلباته في العيش الكريم , لهذا افرزت التظاهرات نخبة جديدة يمكن لها ان تكون نواة لبناء تكتل سياسي جديد ولكن يبقى سؤال مهم هو قدرة هذه النخب على الاندماج مع الواقع السياسي من جانب وتعاطي هذه الكتل السياسية مع هذه النخب .

ــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك