المقالات

نحن.. الآخر "الدُّونيُّ"


نحن.. الآخر "الدُّونيُّ"

إشراق علي

 

الاستشراق، كما يوضح إدوارد سعيد، هو خطابٌ يحاول، من خلاله، الأوروبي أن "يُشرقِنَ" الشرق، بمعنى أنَّ الأوروبي يُعيد إنتاج الشرق وفق تصوراته الذاتية، ومتبنياته الفكرية. حيث ينبع هذا التصور المُشرقن للشرق من فكرة أنَّ الهُويَّة الأوروبية بكل محمولاتها ورمزياتها وحيثياتها هي الهُويَّة "المُتفوقة" والمُهيمنة داخل أوروبا وخارجا، وأن كل الهُويَّات الأخرى هي هويات "دُونيَّة" متخلفة مقارنة بها!

وحول هذا الموضوع "الحساس" استعرض إدورد سعيد التصور الأوروبي فقال:

"غالبا ما يقترب الاستشراق مما يسميه دنیس های فكرة أوروبا، ويعنى بها الفكرة الجماعية التي تحدد هويتنا نحن الأوروبيين وتفرق بينها وبين جميع الآخرين غير الأوروبيين بل إننا نستطيع أن نقول إن العنصر الرئيسي في الثقافة الأوروبية هو على وجه الدقة الذي جعل تلك الثقافة مهيمنة داخل أوروبا وخارجها، أي فكرة الهوية الأوروبية باعتبارها هوية تتفوق على جميع الشعوب والثقافات غير الأوروبية. هذا إلى جانب هيمنة الأفكار الأوروبية عن الشرق، وهي التي تكرر القول بالتفوق الأوروبي على التخلف الشرقي، وهو القول الذي عادة ما يتجاهل إمكان وجود مفكر يتمتع بدرجة أكبر من الاستقلال أو التشكك وقد تكون له آراؤه المختلفة في هذا الأمر ."

إنَّ أخطر ما في "الإستشراق" هو فرض رؤيته على الشرق نفسه؛ إذ إنَّ هذه الرؤية - وهي رؤية دونية الآخر وتخلفه - دأب المستشرقون على مدى عقود من "ترسيخها" في عقل الشرقي بحيث صار الشرقي "مؤمنا" بأنه أدنى منزلة من ذلك الغربي والأكثر تخلفا إزاء التفوق الغربي في شتى المجالات الأمر الذي جعله "كسولا" محبطا لا ثقة له في نفسه أو مجتمعه بل وحتى بكل ما تمثله هويته الشرقية من تاريخ وثقافة ومعرفة، وصار يتطلع الى النموذج الغربي المتفوق ليتبناه ويتطبع عليه على حساب ذاته.

ومخطئ من يتصور أن الإستشراق قد توقف بل إنَّ أسس الإستشراق تلقفتها أمريكا وإسرائيل وبدأتا بأمركة الشرق وصهينته لكن، هناك فرق بين الأمركة والصهينة، وهو أن الأمركة تريد محو الهوية الشرقية ووضع بدلا عنها نموذج الهوية الأمريكية، أما الصهينة فهي تستخدم الهوية العربية التي شوهها الأوروبيون ضد العربي نفسه؛ لتزيد من يأسه وإحباطه وفشله وتفقده الثقة بذاته ومجتمعه ليسهل التحكم به وتحطيمه وليتخلى عن فكرة "المقاومة"!

الصراع قديم، وفي هذا الصراع المفتوح على كل الجبهات وأخطرها الثقافية المطلوب فقط هو "رأس" الشعوب العربية لا غير.. متى ما فهمنا هذا ستنجلي الغشاوة عن بصائرنا ليبدأ عصر الوحدة.. وحدة الشعوب العربية "المقاومة" لكل مَن يريد استعبادهم وإبادتهم

ـــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك