المقالات

هيبة القانون أو الانهيار الكامل


سالم مشكور

 

عام ٢٠١٣ جمعني لقاء في بيت صديق، مع ضابط برتبة رفيعة، كان الحديث يدور حول مساعي البعض لاسقاط هيبة الدولة والقانون وكيف سينعكس ذلك غيابا لشعور الناس بالأمان وهروب المستثمرين من السوق. انتفض هذا الضابط صارخاً: "أي دولة وأي قانون؟ دعونا نحافظ على هيبة الانسان". عرفت بعدها ان هذا الشخص يقود إحدى الفرق العسكرية في الموصل وان فساده وقمعه لـ "الانسان" في الموصل كان أحد أسباب نقمة الأهالي على قواتنا وبالتالي هزيمتها أمام عصابات داعش.

الحديث عن هيبة الدولة والسلطة وأجهزة الامن والقانون هو ليس حديث عن أشخاص في هذه المؤسسة الدستورية أو تلك، انما كيانات وجدت أساساً لتوفير الامن والاستقرار للمواطنين الذين هم أساس الدولة. الدولة هي شعب على أرض محددة يختار أفراداً لتنظيم شؤونه وحماية حياته تسمى السلطة، التي تنقسم بين تشريعية وتنفيذية وقضائية. بدون هيبة وسطوة لهذه السلطات ينهار الامن وتضيع الحقوق وتتدهور معيشة الناس واستقرارهم. لا تعني السطوة هنا الظلم والجور وتضييع الحقوق، انما استخدام القانون وأدوات تنفيذه من أجل الحفاظ على أمن الناس ومصالحهم.

في الدول الديمقراطية، حيث الحرية مكفولة في الدساتير والقوانين، تكون السلطة مسؤولة عن حماية هذه الحريات، وفي مقدمتها حرية التعبير التي قد تكون من خلال الاعلام أو التظاهر السلمي سعيا وراء مطالب شرعية وحقوق. التظاهر يجب أن يكون في حدود القانون ودون مساس بالأملاك العامة والخاصة ودون عرقلة لحياة الناس وارباك لأمنهم. من واجب قوى الامن حماية المتظاهرين ما داموا يلتزمون بالقانون. في بلدان مثل العراق من الطبيعي أن تستغل التظاهرات مجموعات تخريب وسطو على الممتلكات، وهنا يأتي دور السلطة في معالجة هؤلاء وحماية المتظاهرين ومطاليبهم المشروعة من الضياع والتشويه، فضلا عن حماية ممتلكات الناس والدولة.

منذ اليوم الأول من انطلاق المظاهرات وسط بغداد، حدثت جريمة أربكت الوضع، عندما قام قنّاصون "مجهولون" الا لمن أرسلهم وتستّر عليهم، باستهداف متظاهرين، تلاه ردٌّ من بعض القوات الأمنية على ردّة فعل المتظاهرين، فتحقق هدف إراقة الدماء وجعل القوات الأمنية خصماً دموياً للمتظاهرين وتم الإطاحة بهيبتها ودورها الحقيقي بعدما سحب سلاحها وباتت هدفاً سهلاً للمتصيدين والسرّاق ومثيري الفوضى.

الصيحات تتعالى اليوم لفرض القانون والنظام، بعدما أدرك الجميع أن البلاد تنزلق نحو الفلتان الكامل والتحول الى غابة يأكل فيها القوي الضعيف ويسود فيها السلاح غير الشرعي. تحقيق هذا الهدف يتم بقرارات صارمة ودور حقيقي تمارسه الأجهزة الأمنية- وفق القانون- بعد أن تعاد هيبتها ويعاد سلاحها ولو أزعج ذلك سفارات "حريصة" جداً على أرواح العراقيين. 

ــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك