بقلم : سامي جواد كاظم
تاريخنا رائع يعلمنا التمسك بايجابياته والاتعاظ من سلبياته فاذا اهملنا الامرين او احدهما نكون مجتمع جاهل وفوضوي وعابث بقيمه ومقدساته لان اصل وثقافة وحضارة كل مجتمع تبدأ من تاريخه . ومن محطات التاريخ الاسلامي انه كثيرا ما يتعرض المسلمين الى حالات من الاستفزاز والتهجم الباطل من قبل الجهلاء لغرض استفزازهم والحصول على ردة فعل متشنجة تكون نقطة سلبية على هذا المسلم او ذاك .
ولاطعم مقالتي ببعض الشواهد التاريخية الرائعة من التاريخ الاسلامي قبل الولوج الى المطلوب من المقال . في احدى جلسات امير المؤمنين (ع) قام الاشعث بن قيس فقال : يا امير المؤمنين لِم لَم تضرب بسيفك ولم تطلب بحقك ( يقصد ابو بكر وعمر وكانت غايته الاستفزاز )
فقال امير المؤمنين (ع) يا اشعث قد قلت قولا فاسمع الجواب وعه واستشعر الحجة ، ان لي اسوة بستة من الانبياء صلوات الله عليهم اجمعين اولهم نوح حيث قال : دَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ [القمر : 10] فان قال قائل انه قال هذا لغير خوف فقد كفر والا الوصي اعذر ، ومن ثم عدد بقية الانبياء ابراهيم ولوط وموسى وهارون ونبينا محمد عليه وعليهم افضل الصلوات والسلام وبنفس الحجج القرانية . جواب امير المؤمنين (ع) هذا غير انفعالي وان غاية الاشعث لم تنطلي على امير المؤمنين (ع) . وكان لابي سفيان موقف اخر عندما جاء يحرض امير المؤمنين (ع) على ابي بكر وعمر معتقدا انه يحصل على مايريد فخاب ظنه .
ومن هذه الصفات وغيرها لابد من الذي يتصدى لزمام امور الافتاء ان يتصف بها وحتى ينال الدرجة التي تجعله موضع ثقة وتقدير من قبل الناس البسطاء في سبيل الحصول على الحلول للاشكالات الشرعية التي يتعرضون اليها . هذه المرتبة من الاجتهاد يعتقد علماء الافتاء في السعودية انهم قد تجاوزوها واصبحوا بدرجة اعلى ، وهم الى الان يتخبطون في أي مسالة تعرض عليهم تخص المراة السعودية ، والتي لاقت الحيف من ال سعود ومشايخ الوهابية فكانت اقل حركة تصدر منها تدخل في اقتراف الذنب ، وكثيرا ما يتعرضن النساء الى مداهمات من قبل هيئة الامر بالمنكر اذا ما راوا امراة برفقة رجل حيث يطالبوهم بالمستمسكات التي تثبت العلاقة انها شرعية ، واذا ما ثبت العكس او ان احد الطرفين نسى مستمسكاته فانه سيكون عرضة للاهانة والتعزير والسجن والجلد لحين اثبات البراءة ، وكم مرة تجاوز رجال الحسبة على من يعتقلوها من النساء حتى وصلت الى الاغتصاب واخبار صحفهم مفعمة بهكذا اخبار ، والله ليس تجني عليهم ولكن هذا اقرارهم حتى انهم بدأوا بعقد دورات تثقيفية دينة لرجال الحسبة بغرض النهوض باخلاقهم ووعيهم الديني بعد ما كثر الاستنكار والشكاوي من داخل مملكتهم وخارجها .
وبطل مقالي هذا هو فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور صالح بن غانم السدلان الذي لم يستوفي ولا شرط واحد من شروط الافتاء سوى اللحية والدشداشة القصيرة والولاء لال سعود واما فاضحه فهو كاتب سعودي في جريدة الوطن ظل كاتم الفضيحة لمدة خمس سنوات الى ان لاحت له الفرصة فذكرها في مقاله الاخير في جريدة الوطن وبعد المدح والاطناب للشيخ عرج على كشف المستور بالقول (في عصر اليوم الثالث من شهر رمضان، من عام 1423، وأثناء إجاباتك عن استفسارات المستمعين في الإذاعة، اتصل عليكم متصل، لم يكن غرضه فتوى شرعية لأمر ما في حياته. ولكن فيما تبين أنه أراد تمرير فتوى شرعية من خلالكم، وحصل على ما أراد. حيث لم يكن يسأل، وإنما يدلس على واقع. حين ذكر لكم أن التلفزيون السعودي قد عرض حلقة من مسلسل طاش ما طاش، تطالب بإلغاء المحرم وخروج النساء وسفرهن وتحركهن متى شئن وحيث شئن وبدون محرم. وقال ما قال من السب والشتم والكذب والبهتان. ولم يتركك، حتى أستفزك، وقلت هذا كفر. وسببت العمل والقائمين عليه، وطالبت بوقفه، وعاتبت وزير الإعلام في سماحه بعرض مثل هذه الحلقة.
لقد حصل المتصل منك على غايته، وغنم أكثر مما توقع. ومن هنا، تم أخذ فتوى التكفير هذه، ونشرها في الساحات والمواقع، وتناقلها الناس في المجالس. وخصصت حصص في المدارس لتبيان خطورة عدم تحرك المرأة بدون محرم، والتي ينادي بها فريق عمل طاش ما طاش والذين كفرهم الشيخ السدلان. وطبعاً وصلت هذه الفتوى للمساجد، وأصبح جزء من دعاء القنوت الدعاء بالأسماء على القائمين على العمل وبعض مسؤولي وزارة الإعلام. ووصل الأمر لإهدار دمائهم، ووجوب مضايقتهم. هنا تدارك فضيلتكم، وضع فتواكم في غير موضعها، فنشرت تفسيرا لفتواك في صحيفة عكاظ، توضح فيها أنك لا تكفر القائمين على العمل ولا تطعن في إسلامهم. وذلك بقولك، إنك تقصد أن العمل كفري، وليس كل مسلم يقوم بعمل كفري بكافر).
وعلى ما يبدو ان كاتب المقال هو الاخر من العاملين في الوسط الفني ويخاف ان تناله فتوى تكفيرية وخصوصا بعد ما اثنى على الشيخ بجواز مبيت المراة في الفنادق بدون محرم اذا ما اضطرت الى ذلك ، وبدا هذا الاخ باستعراض الحالات التي قد تتعرض لها او تعرضت لها المراة السعودية ومارافق ذلك من ردود افعال سيئة من رجال الحسبة او ما اقدمت عليه المراة نفسها من تصرف لتتحاشى عيون النكرة في الهيئة .
العجيب التاكيد على المحرم مع المراة ومن غيره كثيرا ما تحصل من المواقف المؤسفة منها على سبيل المثال رفض رجال أمن الدخول لبيت، لا يوجد به غير نساء، خائفات من وجود حرامي يتحرك داخل البيت، بحجة عدم وجود محرم. أو منعهن من دخول مطعم مفتوح ومكشوف، يقدم سندوتشات وفيه ألعاب أطفال، وأماكن مخصصة للعوائل، وما شابه ذلك. وكيف تتعطل مصالح النساء لدى الدوائر الحكومية، لعدم وجود محرم لهن أو توفره. وتعرضهن للمضايقات في الأماكن العامة، من قبل السفهاء.
وهنا اطرح سؤال تاريخي من هو المحرم الذي كان مع قائدة معركة الجمل ضد الامام علي عليه السلام ؟!!!
https://telegram.me/buratha