المقالات

عندما ينقسم السياسيون  ,,,على الشعب ان يتوحد


 

محمود الهاشمي

 

بذهاب السيد رئيس الجمهورية برهم صالح للحضور الى مؤتمر دافوس الاخير، ولقائه الرئيس الامريكي ترامب بابتسامة عريضة ثم كلمته امام المؤتمرين والتي اشاد بها بقوات التحالف واعتبر حضورها في الحرب ضد الارهاب "اساسياً" تكون طبقة السياسيين قد اعلنت انقسامها "التام" ودون تردد، حيث كان بامكان برهم صالح ان لا يحضر الى المؤتمر والجميع يعلم انه ليس باكثر من "تجمع لرجال الاقتصاد" وتأتي الدعوة للحضور بشكل شخصي وليس لمنصب معين ، وهذا اذا اراد ان يدفع عن نفسه "الحرج " لكن "الاصرار" على الحضور، وان يفتتح الكلمة بانه "ممثل للعراق"، ويؤكد "يدين العراق بالامتنان للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية لاسيما للدعم العسكري والاقتصادي الذي قدمه ومازال يقدمه هذا التحالف في الحرب ضد داعش" تكون القضية قد افصحت عن نفسها، حتى ان الرجل لم ينشغل في حضوره قيد أنملة في قضية "مجزرة المطار" والاهانة والتجاوز على سيادة العراق، بل كل ما كان يهمه ان يوصل الرسالة الى الشعب الامريكي بضرورة اعادة انتخاب ترامب ، وان يصافح ترامب نفسه بطريقة كمن يقول له "سلمت يدك" على ما قمت به من مجزرة !! في ذات الوقت اكد عدم اكتراثه بالملايين التي خرجت للتنديد بامريكا سواء اثناء التشييع لجثامين شهداء "المجزرة" او في التظاهرات اللاحقة لطرد القوات الامريكية من البلد...والسؤال الذي تداولته الصحف الاميركية بشأن هذا اللقاء بين ترامب وبرهم (لانريد لقادتنا ان يتعودوا مثل هذه الثقافة أنك تقتل ثم يستقبلك اهالي المقتول بابتسامة عريضة) !  ترى ماذا لو قتل الاميركان مسؤولا كورديا ومعه ضيف على بوابة مطار السليمانية ؟

هذا الانقسام الجغرافي اولاً "خطير" على مستقبل العراق، ولا يشعر به المرء الا حين يرى نفسه مقطوعا عن عمقه بابناء وطنه في هذا الجزء او ذاك...ثم "الانقسام" الطائفي حيث بات الجيل الجديد يتربى على ثقافة (طائفية) في هذا المجال، واخر الانقسامات الخطيرة هي "السياسية"، فان لم تكن في الموقف مع "امريكا" اذن انت مع "ايران" !! بات السكن وفقاً للمبدأ الطائفي والعرقي، وبات الخطاب مثل ذلك فيما ضاعت الهوية الوطنية...يقول جبرا ابراهيم جبرا "كنا في حوار ساخن بايهما افضل الاستعمار الانكليزي ام العثماني وبدر شاكر السياب صامتاً لايشاركنا الحوار، فسالته : ابو غيلان انت مع من؟" فنفث سكارته وابتسم ثم قال :" وهل عجز العراقي أن يحكم نفسه؟".

انا اعرف ان البعض تركّز في ذهنه "الاحباط" بعد سلسلة تداعيات من فشل العملية السياسية واستشراء الفساد الى فقدان فرص العمل وازمة السكن، وهي شؤون ليست بـ" البسيطة" وان الاعلان جهراً بالانخراط بالمشروع الامريكي واحد من اسبابه هذه "النتائج".

ان ما يمر به بلدنا العراق يحتاج الى وقفة شجاعة من جميع ابناء الوطن، واذا تركنا "الوضع" على ما هو عليه، فلن يسلم احد قط، سواء كان بعيداً او قريباً ، وحذار من الشماتة لانها عنوان لـ"المهلكة" فاذا حدث زلزال في شمال العراق فلا بد ان تهتز ارض الجنوب وبالعكس على جميع مناطق البلد...

فعندما قتل الشيخ ضاري الجنرال الانكليزي "لجمان" ابن ثورة العشرين خرجت تظاهرات في عموم العراق تهتف "هز لندن ضاري وبجاها" ولم يسألوا يوماً عن طائفته ودينه وعن قبيلته.

ان الشخصيات التي وقفت مع وطنها في مثل هذه المواقف الحرجة وانتصرت لشعبها ما زال التاريخ يفخر بها ليس على مستوى اوطانهم بل على مستوى العالم، فوحدة الوطن تستحق كل التضحيات ، اذ حين توسلت امريكا ان يكتفي الثوار الفيتناميون بـ"فيتنام الشمالية" وان يتركوا "فيتنام الجنوبية" الى "عملاء امريكا" ورغم خطورة الموقف يومها وحجم الخسائر الا ان زعيم الثوار "هوشي منه" ورغم انه كان يحتظر ساعتها الا انه افاق وقال :" لقد تاخرتم كثيراً في عدم تحرير فيتنام الجنوبية..ها انا سانتظر البشرى قبل ان اموت"، وفعلاً تحررت "الجنوبية" باقل الخسائر ، وخرجوا من الحرب الى البناء والاعمار..

قد يبدو العراق "مشوهاً" وتحكمه عناصر اقل ما نقول عنها "فاشلة" وهم يلوكون بمفردات "طائفية" مقيتة، وكنت في لقاء اول امس في احد الفضائيات فعزّ علي ان اسمع من احد السياسيين :" الشيعة هم فقط من يريدون اخراج القوات الامريكية من العراق خدمة لايران"!!.

لاشك هذا قصور في التفكير ، والاعلان بهذا الشكل "الصريح" فجاجة بالراي، فلا يجوز ان تنسب المواقف الوطنية الى "طائفة" بل جميع العراقيين يرفضون تواجد اي قوات اجنبية على ارضهم ومهما كانت ولاي تعود ، وان جميع شعوب العالم تفتخر بيوم جلاء القوات الاجنبية عن ارضها فيما تفتخر بريطانيا انها لم تحتل يوماً.

السياسيون "الان" يبحثون عن رئيس وزراء جديد بدلاً من "المستقيل" عادل عبد المهدي، واغرب ما في حواراتهم انهم يبحثون عن شخصية ترضي جميع الاطراف الخارجية اكثر من رضا الشعب!! لذا فان هؤلاء لا يمثلوننا، ولا الاسماء التي تطرح من هنا وهناك بدعوى "رغبة المتظاهرين" فهؤلاء جزء من اولئك ان طالوا وان قصروا !

الاحتجاجات علمتنا الكثير:

1-ان طبقة السياسيين هذه لاتصلح لادارة الدولة.

2-ان الشعب العراقي لا يقبل "الضيم" ولن يتروض بسهولة.

ان الاحتجاجات الان المحصورة في جغرافيا معينة قد اصبحت رهينة ذات الصراعات السياسية الداخلية والخارجية، ومهما اتسعت فانها لن تجدي نفعاً سوى مدن "محترقة" وبعدها سينتفض الشعب الذي ناصر التظاهرات يوماً ويتحول الى "خصم" كما هو عليه الان!!.

خصوم العراق ينتظرون ان "يُنهك " الجميع ليتقبّل جميع "القيادات" وهم "جاهزون" وينتظرون "قرار التنصيب" هذه المرحلة اذ دخلناهم فلن نخرج منها ونحتاج الى "مائة عام" حتى تعود لنا روح "التمرد"!! حتى هذه "اللحظة" ليس على المسرح السياسي شخصية قادرة على تحمل المسؤولية فهم يدورون بين السفارات للحصول على الموافقات .

ما نمر به مرت به دول عديدة وكانت ظروفها اخطر من ذلك، لكنها امتلكت قوة الارادة واستطاعت ان تواجه التحديات..

قال لي احد الشخصيات الاكاديمية الاجنبية بدرجة بروفسور ومتخصص بالشان السياسي العراقي بعد ايام من الاحتجاجات الاخيرة، "انتم تفكرون في انشاء كوخ وخصمكم ينشئ عمارة بثمانين طابق"، لاشك ان الرجل فاجاني بحجم متابعته للملف العراقي، ومما اورده ايضاً "الغريب لديكم تسالون: ماذا نفعل؟" وختم "الاصدقاء لايبنون لكم داراً ولكنهم قد يساعدونكم في بناء الدار".

اتمنى ان لا يصاب احد ب"الفزع" وهو يرى حادثاً هنا او هناك، فمثل هذه الاحداث مرت بشعوب وامم، المهم انك ترى وطنك منتصراً، وهذا هو منهج الحكماء، حيث عندما قال قائد نهضة الصين "دنغ شياو بنغ" ابان توليه قيادتها عام 1978 : ان الصين تحتاج الى نصف قرن لاستكمال نهضتها الاقتصادية: يومها كان عمره "74" عاماً، وتنتهي المدة في عام 2028 بينما توفي الرجل عام 1997.

قال لي أحد الاصدقاء : متى  نشعر ان مناطق شمال العراق جزء من العراق ؟

 فأجبته :-عندما يشعر سكان هذه المنطقة ان بغداد متحضرة ومتطورة وقوية ! لذا فان الصين لم تلحق (هونك كونك وتايوان ومكاو) بها الا عندما فاقت بكين تقدم وحضارة هذه الاقاليم ليكونوا جزء من امة وليس اقاليما ضعيفة .

وسأل :- لقد يئسنا

فأجبته:- ولماذا لم ييأس مانديلا وقد خلد في السجن (27) عاما ’ ؟ وحين لمح في صحيفة متسخة (اثناء نوبته بالتنظيف) هذا  المانشيت (مئات الالاف يتظاهرون مطالبين باطلاق سراح  (نلسن مانديلا) قال:- كنت اتصور ان شعبي قد نساني ! وحين اطلق سراحه ’ صنع وطناً!

ــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك