بقلم : سامي جواد كاظم
كتب كثيرة جدا تحدثت عن الشيعة وتاريخهم ومن الطبيعي هنالك المخالف والمؤالف فهذا يمدح واخر يقدح . وهنا لا اود التطرق الى النقاط الخلافية من مبادئ واصول وحديث وتاريخ ومعتقدات بين الشيعة والملل الاخرى ولاني من الطائفة الامامية فمن الطبيعي احتفظ بالادلة والبراهين من مصادر المخالف على صحة معتقدات الامامية الشيعة . هنالك جانب مهم من تاريخ الشيعة اعتقد لم يسلط الضوء عليه بالشكل المطلوب ،وهذا الجانب ملازم لتاريخ الشيعة من النشوء الى اليوم ، هذا الجانب يتمثل بمواقف الشيعة من الوحدة الوطنية والاسلامية وكيفية الرد عليهم من المعاديين من جهة اخرى .
فلم يذكر التاريخ ان الشيعة تسببوا في انشقاق وحدة المسلمين وطالبوا بالانفراد في دولة او حكم وكان بامكانهم ذلك على عكس المخالفين والذين يسجل التاريخ لهم اكثر من موقف في شق وحدة المسلمين شعبا وارضا ، وما حرب صفين الا خير دليل على ذلك من قبل معاوية وكان بامكان الحسن عليه السشلام ان يعلن عن دولتين دولة له واخرى لعدوه الا انه رفض ذلك وقبل بالصلح على مضض ،وبالرغم من ذلك فان هنالك الكثير من الولايات الشيعية في زمن الامويين كانت باستطاعتها ان تنفصل عن الدولة الاموية الا انها ما اقدمت على ذلك ، ولرب قائل يقول انها تعلم بفشلها فلم تنفصل، المختار الثقفي هو الذي يرد .
بعد ما عانى الشيعة من اضطهاد الامويين ومن بعدهم العباسيين مرورا بفاسد الدين الايوبي والسلاجقة والعثمانيين ولم يعلنوا انفاصلهم عن الامة الاسلامية بل العكس نجدهم يثورون لرفع الظلم عن المسلمين والشيعة من ضمنهم . هنا اسلط الضوء على جوانب مهمة من تاريخ الشيعة والتي لم تعطى حقها من قبل كتّاب التاريخ وخصوصا الحديث .
الانعطافة الاكثر بروزا في تاريخ الشيعة حصلت مع انتصار الثورة الاسلامية في ايران وما اعقبها من مؤامرات وعلى مختلف الاصعدة لتشويه تاريخ وحضارة الشيعة بالرغم من ان الشيعة لم تصدر منهم أي بادرة مشابهة لما يصدر من السلفية ونخص بالذكر الوهابية .وازدادت الهجمة بعد سقوط طاغية العراق واستلام الشيعة لمقاليد السلطة وفقا للانتخابات التي جرت في العراق مؤخرا ,واصبحوا امام حقيقة الاكثرية الشيعية في المنطقة وما حديث العاهل الاردني عن الهلال الشيعي الا له دلالة واضحة على المنحى الذي ستنحوه دول المنطقة في هذه الحقبة الزمنية .مع استلام الخميني للسلطة في ايران وبدأت مثلا مصر باضطهاد الشيعة المصريين بشكل يتاثر بالعلاقات بين ايران ومصر مدا وجزرا ، وكذلك مع سقوط طاغية العراق بدا الظلم يزداد على شيعة دول الخليج واوضحهم ال سعود وال خليفة في البحرين .ولو عدنا الى الوراء قليلا وتحديدا لفترة الاستعمار البريطاني للمنطقة وما مارسه من سياسات اضطهادية للشيعة وتمكنها من خلق شلة ظالمة حاكمة في المنطقة اعتمدتها من الاقلية دفع ثمنها الشيعة غاليا بالرغم من ان الفرصة كانت مواتية لهم للظفر بمكسب السلطة الا انهم اثروا الوحدة الاسلامية والوطنية على مصالحهم الشخصية فجاءت النتائج عكس ما تمنوا .فالشيعة في السعودية وحصرا في المنطقة الشرقية والتي كانت لها مواقف مشرفة في مقارعة الاستعمار البريطاني لدرجة ان الاستعمار البريطاني في أواخر القرن التاسع عشر وأثناء ما كانت الواحتين ( المنطقة الشرقية وامارة البحرين ) تحت الحكم العثماني الضعيف عرضت أجهزة المخابرات البريطانية على السكان أن يخضعوا البلاد للانتداب البريطاني على غرار الإمارات المجاورة على أن تتحول القطيف والاحساء فيما بعد إلى دولة مستقلة إلا أن السكان بقيادة علماء الدين رفضوا العرض البريطاني وبقيت الواحتين تحت السيادة العثمانية إلى أن استطاع عبد العزيز آل سعود عام1913م الاستيلاء على المنطقة الشرقية دون وقوع خسائر تذكر في صفوف قواته ، وهكذا امتلكت الدولة السعودية الوليدة شريان حيوي مطل على الخليج ولم يكن بحسبانها انه يحتوي على اكبر مخزون نفطي في العالم .والكلام ينطبق على شيعة البحرين وكذلك على شيعة العراق الذين قارعوا الانكليز ويكفيهم شهادة العدو لهم وعلى لسان المسز بيل مسؤولة المخابرات البريطانية في العراق التي قالت لو لا الشيعة لما كانت هنالك دولة اسمها العراق ( الشيعة والدولة القومية ـ حسن العلوي ـمذكرات المسز بيل في العراق ) وكان بمقدورهم التواطوء مع الاستعمار الاتكليزي فيحصلون على مكسب السلطة الا انهم رفضوا ذلك .نعم والامر ينطبق حتى على حزب الله في لبنان والذي بمقدوره ان ينفرد بدولة خاصة به حتى ان احد المعتقلين المصريين المنتمي الى حزب الله في السجون الاسرائلية ومن خلال التحقيق معه وانكشاف الحقيقة امامه من خلال عمالة اغلب القادة اللبنانيين من سعد حداد سابقا مرورا بجنلاط وحزب السنيورة وغيرهم من العملاء اللبنانيين كتب مقالة يحث حزب الله على اعلان استقلال جنوب لبنان كدولة شيعية مع الاعتراف باسرائيل وعقد معاهدة صلح معها ، ولكن النتيجة هو رفض حزب الله لمبدأ تقسيم الوطن من اجل مكسب سلطوي يؤدي الى تقسيم المسلمين .واليوم بعد ردح من الزمن بدأت الوهابية تتخذ اساليب جديدة قديمة في سبيل الحد من المد الشيعي الذي بالرغم مما تعرض له من اضطهاد على مر الزمن يجدوهم في تزايد من حيث الكثافة السكانية .التغير الديموغرافي في الانتماء السكاني لمنطقة معينة هو احد اساليب الارهاب المستحدثة والتي بدات السلطات السعودية والبحرينية في ممارستها لجعل الاكثرية من السلفية .ال خليفة جند من هب ودب من الوافدين على مملكة البحرين شريطة عدم انتمائه الى الشيعة بل وحتى الاخبار تحدثت عن تجنيس يهود ولهم مناصب برلمانية في الحكومة البحرينية على عكس الشيعة الذين يمثلون اكثر من ثلاثة ارباع الشعب البحريني .واليوم ال سعود يقدم على توطين الوهابية من اليمن الذين كانوا ضمن الصفقة التي حسنت علاقة طاغية اليمن يال سعود على ان يكون البديل لعميل ال سعود في اليمن المقبور عبد الله الاحمر على نفس النهج الذي يطلبه الفكر الوهابي .ومن جهة اخرى طلب الشيعة في المملكة العربية السعودية من السلطات التخلي عن خطط لتوطين وهابي اليمن في جنوب المملكة لتغيير التوازن السكاني في منطقة يمثلون فيها أغلبية.وان كان طاغية العراق المقبور له السبق في هذا الاجرام الديموغرافي من خلال ممارسته بتشريد الكرد الفيلية تحديدا من مناطقها الى بقية مناطق العراق مثلا الانبار ، اضافة الى توطين السنة في المناطق الشيعية مع منحهم امتيازات مادية ووظيفية على حساب شيعة تلك المنطقة .هذه الخطوة تعلّموها من اسيادهم في اسرائيل حيث ان هذه الخطوة هي نفسها صورة طبق الاصل من الاستيطان الاسرائيلي في المناطق الفلسطينية .
واليوم من خلال مطالبة اغلب الكتل الشيعية في العراق بالفيدرالية هو لكونه الحل العادل والمنطقي والذي لا يؤدي الى تقسيم الوطن من جهة ويضمن للشيعة تجنب ظلم الطغاة الذين يتامرون مع المستعمر لغرض فرضهم على الشيعة من جهة اخرى، وبهذا حتى لا تعود الكرة نفسها وتدور الدائرة مرة اخرى على الشيعة .
https://telegram.me/buratha